الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

كوريا الشمالية

أسباب استغلال كوريا الشمالية للموسيقى في السياسة

2021-07-29

تطورات شبه الجزيرة الكورية

ⓒ KBS

أوردت وسائل الإعلام الكورية الشمالية تقارير متعددة خلال هذا العام حول حضور الزعيم الشمالي "كيم جونغ أون" حفلات موسيقية. ومؤخرا، يوم 20 يونيو، قال تقرير إن كيم شاهد عرضا لفرقة لجنة شؤون الدولة بعد اختتام الاجتماع الكامل لحزب العمال. وبث التلفزيون المركزي العرض الذي تم فيه تقديم أغنيات جديدة، تم الكشف عنها في فيديوهات موسيقية لفتت الانتباه بشكل خاص. ونشرت صحيفة "رودونغ شينمون" الرسمية كلمات وموسيقى الأغاني التي تم تشغيلها في مواقع اقتصادية، مثل المصانع والمناجم والحقول الزراعية. فلماذا تركز كوريا الشمالية على الموسيقى في هذه اللحظة بالذات؟ 

المعلق السياسي "تشيه يونغ إيل ": 

إحدى الأغاني الجديدة بعنوان "أمنا" تعبر عن الامتنان والحب للأم. في الواقع، يشار إلى حزب العمال بـ"الأم" في الشمال. أغنية أخرى تسمى "تتبع قلبه" تمجد الزعيم "كيم جونغ أون"، وكلماتها تحتوي على عبارة "مارشالنا". تحث كوريا الشمالية الناس على تعلم هاتين الأغنيتين الجديدتين لطبع الكلمات في أذهانهم. ومن بين المغنين الذين غنوا تلك الأغاني: "كيم أوك جو" التي فازت مؤخرا بلقب "فنانة الشعب". من النادر أن يحصل فنان شاب في الثلاثينيات من العمر مثل "كيم" على ذلك اللقب المرموق. ومن خلال الترويج للمغنية الشابة كنجمة للبلاد وتوزيع الأغاني الجديدة التي تلهم الولاء، تسعى كوريا الشمالية إلى إحكام السيطرة الأيديولوجية على شعبها، مع تعزيز الوحدة الداخلية أيضا.

في كوريا الشمالية، تلعب الموسيقى دورا مهما وخاصا للغاية. فالحكومة تضمّن رسائل سياسية في الأغاني وتوزعها على الناس، حيث تستخدم الموسيقى كوسيلة لتعزيز القيم الاجتماعية والنظام، كما أنها تعمل كأداة مهمة للتهذيب الأيديولوجي.

المعلق السياسي "تشيه يونغ إيل ": 

في الشمال، تعد الموسيقى بحد ذاتها أداة سياسية وبالتالي فإن الموسيقى مرادفة لـ"سياسة الموسيقى"، ويتم استخدام كل ما يتعلق بالثقافة والفن كأداة للدعاية والتحريض. تهدف الأغاني، على وجه الخصوص، إلى إيصال رسائل سياسية إلى الناس بطريقة ودية وعاطفية. وتعكس جميع أنماط الأغاني والموسيقى رسائل الحزب المعتمدة والأيديولوجية الشيوعية. تستخدم الموسيقى أيضا لتشجيع العمال في المزارع والمصانع على زيادة الإنتاج. بالنسبة للسكان في الشمال، يتم التعليم الأيديولوجي ليس فقط من خلال المحاضرات ولكن أيضا من خلال الأغاني والرقصات، أي أن الموسيقى تُستخدم لتثقيف الجمهور بطريقة طبيعية ولكنها أكثر تدميرا.


في كوريا الشمالية، تم ذكر عبارة "سياسة الموسيقى" في عام 2000 تحت حكم الزعيم السابق "كيم جونغ إيل". فخلال مناظرة في ذلك الوقت، قال مسؤولون عسكريون رفيعو المستوى إن الموسيقى قد حلت في بعض الأحيان محل عشرات الآلاف من البنادق وملايين  الأطنان من الطعام. 

المعلق السياسي "تشيه يونغ إيل ": 

كان "كيم جونغ إيل" مهتما بشدة بالثقافة والفن، وبذل جهودا كبيرة لتعميمهما بطريقة كورية شمالية. في عصره، تم استخدام الأغاني على نطاق واسع أكثر من العروض الأخرى للترويج لسياساته "الجيش أولا". وخلال سنوات حكمه، تم إنشاء عدد من الفرق الموسيقية، بما في ذلك الفرقة الإلكترونية "يو جون بو" وفرقة "وانغ جيه سان" للموسيقى الخفيفة. ويقول البعض إن ما يسمى بـ"سياسة الفرق الموسيقية" بدأت في عهد "كيم جونغ إيل". تبنت الفرقتان أجزاء مثيرة للاهتمام من أغاني البوب الغربية وموسيقى الروك، رغم منع الموسيقى الغربية من دخول البلاد. وأصبحت الأشكال الموسيقية الجديدة شائعة لدى المواطنين الشماليين، خاصة الشباب، وولدت تأثير التعليم الأيديولوجي أيضا.

استخدم الزعيم الحالي "كيم جونغ أون" الموسيقى أيضا بشكل نشط لأغراض سياسية منذ وصوله إلى السلطة. وبالمقارنة مع والده، سعى إلى المزيد من الموسيقى غير التقليدية، من حيث الشكل والمحتوى. وفي هذا السياق، تعد فرقة "موران بونغ" مثالا جيدا. فبينما ركز الزعيم السابق "كيم جونغ إيل" على كلمات الأغاني والملابس التقليدية للفنانين، يبدو أن الزعيم الحالي يحاول الابتعاد عن الموسيقى المحافظة وجلب ابتكارات جريئة بدلا من ذلك.

المعلق السياسي "تشيه يونغ إيل ": 

نظم "كيم جونغ أون" فرقة "موران بونغ " بنفسه في عام 2012، مباشرة بعد توليه السلطة. عزفت الفرقة بآلات حديثة مثل لوحة المفاتيح والقيثارات الإلكترونية والكمان. تتكون الفرقة من 10 عازفين وسبع مغنيات، وقد وُصفت بأنها "فرقة فتيات" خاصة بكوريا الشمالية. وقد ظهرت الفرقة لأول مرة في مسرح "مان سوديه" للفنون يوم 6 يوليو 2012، وكان عرضها غير تقليدي تماما. فعلى خشبة المسرح، ظهرت الممثلات بفساتين قصيرة، وليس بزيّ الهانبوك التقليدي، محاطات بإضاءة قوية. ومن المثير للاهتمام أن العرض تضمن أغنيات غربية شهيرة مألوفة حتى للكوريين الجنوبيين. لقد أعادت كوريا الشمالية تفسير الاتجاه الموسيقي الغربي وقامت بتشغيل مقاطع فيديو مختلفة تحتوي على رسائلها المقصودة في خلفية المسرح لتعزيز أيديولوجيتها السياسية. بعد ذلك، قدمت فرقة موران بونغ عروضها في المناسبات المهمة، وكان أعضاؤها يرتدون الزي العسكري في بعض الأحيان. وقد لعبت دورا في الترويج لإنجازات نظام "كيم جونغ أون" ورسائله السياسية بطريقة حديثة. بهذا المعنى، كانت الفرقة في الأساس امتدادا "لسياسات الموسيقى" أو "سياسة الفرق الموسيقية". 


لم تظهر فرقة موران بونغ الشهيرة على خشبة المسرح منذ أكثر من عام. وبدلا من ذلك، تنتشر قصص عن الأداء الناجح لفرقة هيئة شؤون الدولة. في الواقع، قدّمت هذه الفرقة معظم العروض التي حضرها "كيم جونغ أون" خلال هذا العام.

المعلق السياسي "تشيه يونغ إيل ":  

ظهرت فرقة لجنة شؤون الدولة في الأحداث السياسية الرئيسية في كوريا الشمالية منذ تقديم اسمها في العرض الخاص بالاحتفال بعيد رأس السنة القمرية الجديدة يوم 25 يناير 2020. وهي فرقة أوركسترا وجوقة مختلطة تتكون من أفضل الفنانين في البلاد، وقائد موسيقى، ومطربين. بدأت فرقة لجنة شؤون الدولة في الأداء بعد الحفلة الموسيقية الأخيرة لفرقة موران بونغ. في ذلك الوقت، تعهدت كوريا الشمالية بمعالجة العقوبات الدولية من خلال الاعتماد على الذات وشددت على التضامن الداخلي. أعتقد أن الاوركسترا الكبيرة قد حلت محل القطعة الصغيرة نسبيا المتمثلة في فرقة موران بونغ، بحيث يمكن أن تقدم مرحلة أكثر إثارة. ربما تكون كوريا الشمالية قد قررت أيضا القضاء على العناصر الثقافية غير الاشتراكية والتوقف عن قبول الثقافة الغربية. يمكن فهم مظهر الفرقة الجديدة في هذا السياق.

في كوريا الشمالية، كل ما يراه الناس ويسمعونه مرتبط بالسياسة. والموسيقى، على وجه الخصوص، هي أداة رئيسية للدعاية للنظام والسيطرة الأيديولوجية على الناس. ولهذا السبب، تستمر أشكال مختلفة من العروض والأغاني في الشمال، رغم إغلاق الحدود لمكافحة جائحة كورونا. وقد استغلت كوريا الشمالية الموسيقى في السياسة كلما واجهت صعوبات وأزمات. ولكن الآن، قد يكون من الصعب عليها التغلب على الأزمة الاقتصادية المستمرة فقط من خلال "سياسات الموسيقى"، حيث إن مواطني كوريا الشمالية بحاجة إلى إجراءات أكثر براغماتية وواقعية للتغلب على تلك الصعوبات.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;