ⓒ Getty Images Bank

تشير بعض التقارير التي صدرت مؤخرا إلى أن كوريا الشمالية تشدد سيطرتها الأيديولوجية على شعبها. فوفقا للتقرير الرسمي الدوري لعام 2021 حول أوضاع حقوق الإنسان في كوريا الشمالية الذي كشف عنه المعهد الكوري للتوحيد الوطني في كوريا الجنوبية، اتخذت كوريا الشمالية المزيد من الإجراءات الصارمة بشأن مشاهدة البث والتسجيلات الكورية الجنوبية. ويبدو أن الغرض من ذلك هو تعزيز الانضباط الداخلي ومنع تدفق المحتويات الثقافية الخارجية. إذن، كيف تنظم كوريا الشمالية عمليات البث الخاصة لها؟ 

الصحفي من وكالة يونهاب للأنباء"جانغ يونغ هون ":

يمثل التليفزيون المركزي ومحطة الإذاعة المركزية، تلفزيون وراديو كوريا الشمالية الرسميين. في كوريا الجنوبية، تعتبر تقييمات المشاهدين أو المستمعين مهمة، لذلك يركز المذيعون على إنشاء برامج ممتعة ومثيرة للاهتمام وتقديم المزيد من المعلومات المفيدة للجمهور. أما في كوريا الشمالية فإن الغرض الرئيسي من البث الإذاعي والتلفزيوني هو الدعاية والتحريض، حيث يتم وضع أولوية لإعلام الجمهور بالاتجاهات السياسية لحزب العمال الحاكم والقيادة والحكومة.

تشرف لجنة الإذاعة المركزية على محطات الإذاعة والتلفزيون في كوريا الشمالية. وقد صار البث في كوريا الشمالية مؤخرا يتعامل مع موضوعات أكثر تنوعا، مثل المشاكل بين الرجال والنساء وحياة السكان. وتبث محطة الإذاعة المركزية لمدة 22 ساعة يوميا بدءا من الساعة 5 صباحا، بينما تشمل المحطات التلفزيونية قناة "ريونغ نامسان"، والقناة الرياضية، والقناة المركزية.

الصحفي من وكالة يونهاب للأنباء"جانغ يونغ هون ":

يعد التلفزيون المركزي خدمة التلفزيون الرئيسية في كوريا الشمالية لعامة الناس، وهو يبث من الساعة الثالثة بعد الظهر إلى ما بعد العاشرة مساء في أيام الأسبوع. ومن المثير للاهتمام أن البث يبدأ في الساعة 9 صباحا في أيام 1 و11 و21 من كل شهر. يتم تعيين هذه الأيام على أنها "عطلات للمزارعين"، حيث يُسمح للمزارعين بأخذ قسط من الراحة والاستمتاع بوقت فراغهم في مشاهدة التلفزيون.

تنقل كالة الأنباء المركزية أخبار كوريا الشمالية إلى العالم، بصفتها وكالة الأنباء الحكومية الوحيدة في البلاد. وهي مسؤولة عن إعلان تصريحات كبار المسؤولين والحزب، والقيام بأنشطة دعائية.

الصحفي من وكالة يونهاب للأنباء"جانغ يونغ هون ":

وكالة الأنباء المركزية الكورية ليست وسيلة إذاعية، لكنها تقدم حقائق مختلفة تشكل أساسيات لبرامج البث. أي أن الخدمات الإذاعية تتم بناء على ما تقدمه وكالة الأنباء، التي تترجم أيضا ما يحدث داخل البلاد إلى لغات أجنبية مختلفة. بهذا المعنى، يمكن وصفها بأنها نافذة تمنح العالم الخارجي نظرة خاطفة على النظام المنعزل. وكالة الأنباء هي في الواقع ليست للسكان المحليين. بدلا من ذلك، تنشر موضوعات كوريا الشمالية الداخلية في الخارج، وتستهدف الجمهور الأجنبي، بالإضافة إلى تقديم موضوعات يمكن أن تستخدمها جهات البث في البلاد.

مذيعو الأخبار يحظون بشعبية كبيرة في كوريا الشمالية. ويتم اختيار مذيعي الأخبار من خريجي جامعة بيونغ يانغ للفنون المسرحية والسينمائية، أو من المشاركين في مسابقة التحدث السنوية على الصعيد الوطني. ولكن حتى الذين تم اختيارهم يتعين عليهم أن يخضعوا لعملية فحص صارمة قبل أن يصبحوا في النهاية مقدمين للأخبار. وبالنسبة للكوريين الجنوبيين، ربما تكون "ري تشون هي" أول من يتبادر إلى الذهن عند التفكير في مذيعي الأخبار الكوريين الشماليين، فهي التي تعلن عن أهم الأخبار في كوريا الشمالية، بما في ذلك وفاة الزعيم السابق "كيم جونغ إيل" والتجارب النووية. وباعتبارها أبرز قارئة أخبار في كوريا الشمالية، حصلت على لقب "بطلة العمل الشاق" و"مذيعة الشعب". 

الصحفي من وكالة يونهاب للأنباء"جانغ يونغ هون ":

من الواضح أن المراسلين الكوريين الشماليين قد غيروا أسلوبهم في ظل حكم الزعيم الحالي "كيم جونغ أون". فبينما كانت "ري تشون هي" ترتدي في الغالب فستانا كوريا تقليديا باللونين الوردي والأسود، غالبا ما ترتدي المذيعات هذه الأيام ملابس غربية حديثة مثل الفساتين المكونة من قطعتين أو الفساتين المكونة من قطعة واحدة. في الماضي، كان المذيعون يجلسون ويقرؤون ببساطة النشرات الإخبارية. لكن حدث تغيير كبير مؤخرا، حيث صاروا يطبخون الطعام بأنفسهم في أثناء العرض، أو يزورون المناطق المنكوبة بالفيضانات لإعداد تقارير ميدانية. في الوقت الحاضر، لم يعد المذيعون الذكور يستخدمون نغمة جادة وسلطوية، بل صارت أكثر نعومة مقارنة بالماضي.

ظل الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون" يؤكد على "المعايير الدولية" منذ توليه السلطة. وتنفيذا لتعليماته، تم إدخال معدات عالية التقنية في البث. ويُعتقد أن البث الكوري الشمالي قد استوفى المعايير الدولية بدرجة كبيرة.  

الصحفي من وكالة يونهاب للأنباء"جانغ يونغ هون ":

الأمر الأكثر وضوحا هو أن جودة الصورة قد تحسنت بشكل ملحوظ. في السابق، كانت خلفية الاستوديو بسيطة ورتيبة، ويقدم المذيعون الأخبار، مع وجود كرة أرضية أو خريطة في الخلفية. لكن في هذه الأيام، تتميز البرامج الكورية الشمالية باستخدام رسومات الكمبيوتر، على الرغم من أن المستوى لا يزال بدائيا فقط. أيضا، غالبا ما يتم بث الأحداث المهمة، مثل العروض العسكرية على الهواء مباشرة. في الواقع، كان من الصعب جدا مشاهدة العروض الحية في كوريا الشمالية بسبب المشاكل الفنية وقلة عدد الكاميرات. الجدير بالذكر أيضا أن كوريا الشمالية صارت تنشر تقارير ميدانية حول الكوارث، وهو أمر غير معتاد، لأن بيونغ يانغ كانت تتردد للغاية في الكشف عن نقاط ضعفها أو مشاهدها المحرجة. في الماضي، كان يتم الإبلاغ عن الفيضانات ببساطة من خلال بعض الصور أو المقالات. لكن في هذه الأيام، يرتبط المذيعون في الاستوديو بالمراسلين الذين ينقلون مشاهد تلك الأحداث أو الكوارث في الوقت الحقيقي. 

هكذا يبدو أن خدمات البث الإذاعي والتلفزيوني في كوريا الشمالية آخذة في التغير، حتى ولوكان ذلك بشكل بطيئ. ولكن رغم كل شيء، يبقى عنصر أساسي دون تغيير، وهو أن البث يستخدم كوسيلة للدعاية والتحريض من أجل الحفاظ على النظام.

الصحفي من وكالة يونهاب للأنباء"جانغ يونغ هون ":

في الأساس، تبدأ جميع البرامج الإخبارية في محطات الإذاعة والتلفزيون بقصص مرتبطة بالزعيم "كيم جونغ أون"، وبالمثل تحمل الصفحة الأولى من صحيفة "رودونغ شين مون" دائما أخبارا عن القائد الأعلى. هذا أمر لا مفر منه، بالنظر إلى القيادة الفردية لكوريا الشمالية. يصعب على كوريا الشمالية إنتاج برامج ترفيهية أو مسلسلات تلفزيونية جيدة الصنع، ويرجع ذلك جزئيا إلى الصعوبات الاقتصادية. قد تقف هذه الصعوبات في طريق التغيير الإيجابي في البث الإذاعي الكوري الشمالي. وبهذا المعنى، قد يشاهد المواطنون الكوريون الشماليون برامج أكثر تنوعا إذا حسنت الكوريتان علاقاتهما وأجريا تبادلات ثنائية في مجال البث. في هذه العملية، سيتحد الجانبان ويشتركان في أشياء كثيرة. آمل أن أرى مثل هذه التطورات الإيجابية قريبا.

تؤدي البرامج الإذاعية الكورية الشمالية دورا أساسيا في الحفاظ على النظام كهدف رئيسي. ونأمل أن تتمكن الكوريتان من تنظيم برامج إذاعية من خلال التعاون المشترك، ومشاهدتها معا في أقرب وقت ممكن.