ⓒ KBS

تشير بعض التقارير إلى إن مواد التغليف المستخدمة في السلع الاستهلاكية في كوريا الشمالية تحتوي على معلومات أكثر مما نعتقد، فهي تعرض معلومات حول المنتجات نفسها، مثل المكونات وتاريخ الإنتاج وغيرها، كما يعتبر تغليف المنتجات مؤشرا غير مباشر على كيفية عمل المصانع، وكيف تبدو حياة الناس وكيف يعمل الاقتصاد. 

البروفسور" كانغ دونغ وان " رئيس مركز "بوسان هانا" في جامعة "دونغ آه":

بخلاف الوجبات الخفيفة ومنتجات الألبان والمواد الغذائية، وجدتُ عددا كبيرا من الأغلفة المستخدمة للبضائع العامة، بما في ذلك فُرَش ومعاجين الأسنان، والصابون والمنظفات وحتى الفوط الصحية. يبدو أن كوريا الشمالية صنعت أنواعا مختلفة من المنتجات منذ عام 2016، عندما شدد زعيمها "كيم جونغ أون" على الحاجة إلى تنويع السلع الاستهلاكية. يبدو أنه سعى إلى تحسين سبل العيش العامة والترويج لصورته كقائد يهتم بشعبه. منذ ذلك الحين، أنتجت كوريا الشمالية بضائع مختلفة عن سابقتها من حيث التصميمات والألوان. وبتعليمات القائد، ركزت كوريا الشمالية بشكل أكبر على إنتاج مجموعة متنوعة من السلع الاستهلاكية. 

يقول البروفسور "كانغ" إن مواد النفايات الكورية الشمالية التي وصلت إلى شواطئ الجزر الحدودية الخمس في كوريا الجنوبية تضمنت العديد من أكياس تغليف المعكرونة سريعة التحضير. ومن بين منتجات أخرى، كانت المنتجات بنكهة اللحم البقري تشكل الجزء الأكبر من أغلفة تلك المعكرونة سريعة التحضير. تتم طباعة الوصفات والمكونات الرئيسية ونصائح التخزين على ظهر الأغلفة. فالمنتج الذي أصدره مصنع "تيه سونغ تشون" للمواد الغذائية، على سبيل المثال، مكتوب عليه أن المعكرونة الفورية تتكون من شرائح معكرونة عالية الجودة وأن نكهتها اللذيذة والحارة تمتزج جيدا لتحفيز الشهية. وتخبر الوصفة المستخدمين بغلي 550 ملليلترا من الماء مع مسحوق الحساء، وإضافة المعكرونة ثم طهيها لمدة دقيقتين. وتتضمن المكونات أيضا الدقيق والزيت المكرر ومسحوق اللحم البقري ومسحوق الدجاج ومسحوق الفلفل الأحمر والملح ومسحوق الفلفل الأسود ومسحوق الزنجبيل ومسحوق الفطر والبصل الأخضر والجزر المجفف، كمكونات رئيسية. وتقول الوصفة إنها لا تحتوي على أي مواد حافظة أو مسحوق للتبييض. وتتم طباعة درجات الحرارة والرطوبة المقبولة للتخزين ومدة الصلاحية أيضا.  

البروفسور" كانغ دونغ وان " رئيس مركز "بوسان هانا" في جامعة "دونغ آه":

تصميم عبوات بعض المعكرونة سريعة التحضير في كوريا الشمالية مشابه جدا لتصميم منتجات كوريا الجنوبية. على سبيل المثال، صورة البقرة المعروضة على كيس التغليف الخاص بمنتج المعكرونة الفورية بنكهة اللحم البقري الكوري الشمالي تشبه إلى حد كبير صورة المعكرونة الفورية أو ماركة راميون الكورية الجنوبية، بحيث يصعب التمييز بين الاثنتين. وليست فقط الصورة، حيث يتشابه المنتجان كثيرا من حيث اللون والتصميم المستخدم في التعبئة. بمجرد النظر إلى التصميم الموجود على الغلاف، من الصعب التمييز بين المنتج الكوري الشمالي والمنتج الكوري الجنوبي. 

العديد من المصانع في كوريا الشمالية تنتج أنواعا مختلفة من المعكرونة سريعة التحضير تحت العلامات التجارية الخاصة بها. والجدير بالذكر أن العديد من تلك المنتجات المختلفة في الشمال تشترك في تصميم التغليف بشكل متشابه. فعلى سبيل المثال، تبدو أكياس تغليف المنتجات بنكهة اللحم البقري من مصنعين مختلفين متشابهة تقريبا، على الرغم من اختلاف شكل عبارة "معكرونة فورية"، المطبوعة على الغلاف، اختلافا طفيفا من حيث درجة السُمك والطول.

البروفسور" كانغ دونغ وان " رئيس مركز "بوسان هانا" في جامعة "دونغ آه":

في كوريا الشمالية، يقوم كل مصنع بتصنيع منتجاته الخاصة، ولكن تصميم المنتجات مشابه لتصميم المصانع الأخرى، وقد تكون هناك اختلافات طفيفة، مثل شكل الخطوط. يمكن فهم ذلك في سياق ما يسمى بالمنافسة الاشتراكية في الشمال. في كوريا الجنوبية، تبدو المنتجات من شركات متنوعة مختلفة تماما في معظم الحالات. هذا ليس هو الحال في كوريا الشمالية. 

N:

توضح كوريا الشمالية أن المنافسة الاشتراكية تساعد على الأداء بشكل أفضل ودعم المصانع المتخلفة عن الركب وتشجيعها على اللحاق بالمراكز المتقدمة. ومن المعروف أنه في اقتصاد السوق الرأسمالي، يمكن اعتبار استخدام تصميمات متشابهة انتهاكا للتصميم، ولكن يبدو أن هذه الممارسة مسموح بها في كوريا الشمالية تحت اسم المنافسة الاشتراكية. وقد جمع البروفسور "كانغ" العديد من أكياس التوابل الكورية الشمالية مثل محسنات النكهة ومسحوق الفلفل الأسود ومسحوق الفلفل الأحمر، وكلها يتم إنتاجها في المصانع المحلية، وتوضع على أغلفتها أسماء المواد الغذائية والمكونات. 

البروفسور" كانغ دونغ وان " رئيس مركز "بوسان هانا" في جامعة "دونغ آه":

أظهرت حزمة مُحسِنات النكهة اتجاهات وأنواع الأطعمة التي يمكن وضعها عليها، مثل الحساء والأطعمة المقلية وأطباق الخضروات واللحوم والأسماك. مكتوب على غلاف أحد المنتجات أنه يمكن للمستخدمين وضع حوالي خمسة غرامات من مُحسِّن النكهة في الحساء الدافئ وزيادة الكمية تدريجيا لتعزيز النكهة.

كما وجد البروفيسور "كانغ" مواد تغليف للعديد من المواد الغذائية الكورية الشمالية الأخرى. فمثلا يظهر منتج السجق من مصنع "كوم كَب" العام للمواد الغذائية للرياضيين المكونات الرئيسية، بما في ذلك لحم الخنزير والثوم والفلفل الأسود، ومكتوب على المغلف أيضا أنه يتعين تخزين المنتج في درجة حرارة تتراوح بين صفر وأربع درجات مئوية وفترة صلاحيته شهر واحد. مثال آخر مثير للاهتمام هو مواد التعبئة والتغليف للأسماك التي تحمل الاسم التجاري "كونابو"، والأغلفة المستخدمة في صناعة اللحوم الاصطناعية المصنوعة من البقوليات. 

البروفسور" كانغ دونغ وان " رئيس مركز "بوسان هانا" في جامعة "دونغ آه":

يتم استهلاك اللحوم الاصطناعية المصنوعة من البقوليات في كوريا الشمالية باعتبارها بديلا للحوم الطبيعية وكمصدر للبروتين. يقال إن هذه اللحوم الاصطناعية قد تم ابتكارها في معامل كلية التكنولوجيا في "نام بو". تتميز أغلفة تلك المنتجات بصورة لفول الصويا الأخضر. وقد التقطنا أيضا غلافا لمنتج لحوم اصطناعية من فول الصويا التي تنتجها شركة تجارية محلية. 

 

البيرة ذات العلامة التجارية "تيه دونغ كانغ"، تعتبر العلامة التجارية الأولى للبيرة في كوريا الشمالية وأحد أهم عناصر التصدير لديها. ما بالنسبة لمشروب السوجو، وهو الخمر الكوري التقليدي، فإن "بيونغ يانغ سوجو" هي العلامة التجارية المميزة في كوريا الشمالية. 

البروفسور" كانغ دونغ وان " رئيس مركز "بوسان هانا" في جامعة "دونغ آه":

شكلت منتجات الخمور في الواقع الجزء الأكبر من البضائع النهائية لكوريا الشمالية التي جمعتُها في المناطق الحدودية بين كوريا الشمالية والصين. تتوفر منتجات الخمور المختلفة في المناطق الحدودية لأن كوريا الشمالية تصدرها عبر الصين. تضمنت عناصر المهملات الكورية الشمالية التي وصلت إلى شواطئ كوريا الجنوبية زجاجات يتراوح حجمها بين لتر ولتر ونصف من مادة البولي ايثيلين بالإضافة إلى زجاجات سوجو. لم نتمكن من اكتشاف أي زجاجة من نبيذ الأرز الكوري التقليدي "ماكّولي". وجدنا علامة تجارية لمشروب سوجو كوري شمالي تسمى "سنوفليك Snowflake". على غلاف المنتج المصنوع بواسطة مصنع جون جين سوجو"، تظهر هذه العبارة: "مشروب سوجو خفيف ومعتدل بنسبة 21% كحول، مُصفى من خلال فحم شجرة البلوط". تماما مثل العديد من الأشخاص في كوريا الجنوبية، يبدو أن الكوريين الشماليين يستمتعون بالسوجو ذي النكهة الخفيفة. 

من المعروف أن نظام الرعاية الصحية في كوريا الشمالية في حالة غير مستقرة بسبب الصعوبات الاقتصادية. ووفقا للمنشقين الكوريين الشماليين، من الصعب تلقي العلاج المناسب أو الحصول على الوصفات الطبية في مستشفيات الشمال، حيث يعاني السكان هناك من نقص في الإمدادات الطبية منذ فترة طويلة. وتُظهر مواد تعبئة الأدوية الكورية الشمالية التي تم التقاطها بالقرب من شواطئ كوريا الجنوبية، أن الأدوية مصنوعة في الغالب من مواد طبيعية تعتمد على الطب التقليدي.

البروفسور" كانغ دونغ وان " رئيس مركز "بوسان هانا" في جامعة "دونغ آه":

عبوات الأدوية الكورية الشمالية التي قمنا بجمعها تشمل تلك الخاصة بمبيدات الطفيليات وحبوب الهضم. لقد تم استخراج موادها في الغالب من الأعشاب الطبية الأصلية. فحبوب الجهاز الهضمي، على سبيل المثال، تستخدم مستخلص قشر اليوسفي وخلاصة جذور بعض النباتات الطبية. 

وجد البروفسور "كانغ" أيضا كمية كبيرة من مواد التعبئة والتغليف لمحلول "رينغر Ringer"، ومكتوب عليها الاستخدام المناسب والتخزين والمواد والتحذيرات. كما كان العديد منها عبارة عن حقن غلوكوز ومحاليل ملحية من إنتاج شركة "تشونغ سونغ" للأدوية في بيونغ يانغ، والتي ورد أن "كيم جونغ أون" زارها عدة مرات. ففي 8 نوفمبر 2014، نقلت الصحيفة الرسمية في كوريا الشمالية "رودونغ شينمون" عن "كيم" قوله إن جميع منتجات هذا المصنع تفي بمعايير منظمة الصحة العالمية في إنتاج الأدوية وإدارة الجودة، وهو ما يعد بالتأكيد مصدرا للفخر. وبخلاف مواد التعبئة والتغليف الدوائية، تم العثور على أغلفة مجموعة واسعة من الضروريات اليومية الكورية الشمالية في شواطئ كوريا الجنوبية، وتشمل مناشف مبللة ومستحضرات تجميل وشامبو وصابون ومعاجين وفرشات الأسنان ومنظفات وغيرها. 

البروفسور" كانغ دونغ وان " رئيس مركز "بوسان هانا" في جامعة "دونغ آه":

ينتج مصنع "شين وي جو 신의주" مستحضرات التجميل والصابون تحت العلامة التجارية "بوم هيانغ كي 봄향기"، أي "رائحة الربيع". وبالإضافة إلى ذلك، تم العثور على العديد من منتجات الصابون، بما في ذلك الصابون الأنيوني anionic، والصابون الليموني، وصابون فحم خشب البلوط. ومن بينها، فإن منتج صابون للوجه يستخدم العلامة التجارية "أون ها سو 은하수" يدعي أنه ينظف جيدا ويزيل النفايات من سطح الجلد ويعزز الدورة الدموية. 

 

في الواقع، من الصعب أن نفهم المجتمع الكوري الشمالي تماما بمجرد النظر إلى أغلفة المنتجات التي تم جمعها من القمامة التي انجرفت إلى الشواطئ الكورية الجنوبية. ومع ذلك، من المفيد حقا إلقاء نظرة خاطفة على حياة شعب كوريا الشمالية وتخيل الوضع الاقتصادي للبلاد من خلال تحليل أغلفة المنتجات، حيث تُظهر مواد التغليف الخاصة بكوريا الشمالية أن الآفاق الاقتصادية للبلاد ليست مشرقة جدا. 

البروفسور" كانغ دونغ وان " رئيس مركز "بوسان هانا" في جامعة "دونغ آه":

 تمثل القمامة في كوريا الشمالية قطاعا عريضا من مجتمعها، حيث إنها ناتجة عن استخدام السكان هناك. لقد ظل الاقتصاد الكوري الشمالي قائما على قدميه بسبب أنه يركز على التجارة مع الصين. وبالتالي تمكنت كوريا الشمالية من تأمين المواد الخام والأغذية والأسمدة من خلال التجارة مع حليفتها الشيوعية. ولكن لسوء الحظ، تم إغلاق حدود كوريا الشمالية مع الصين لسنوات بسبب جائحة كورونا. والأسوأ من ذلك أن كوريا الشمالية تخضع منذ فترة طويلة لعقوبات دولية قاسية. ولذلك، فإن كوريا الشمالية تجد حاليا صعوبة في استيراد البضائع من الصين وجلب المواد الخام من الخارج، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية. في ظل هذه الظروف، فإنه ليس أمام الدولة خيار آخر سوى إنتاج البضائع والاحتياجات العامة محليا. وإذا تم تمديد إغلاق الحدود، فمن المحتمل أن يعاني الاقتصاد الكوري الشمالي من ضربة خطيرة.

 

أصبحت الضروريات اليومية في كوريا الشمالية أكثر تنوعا من ذي قبل. ومع ذلك، من خلال إلقاء نظرة فاحصة على أغلفة منتجاتها يمكن أن نفهم القيود الهيكلية التي تخضع لها. أيضا من المشكوك فيه ما إذا كان جميع المواطنين الكوريين الشماليين يمكنهم الوصول إلى مثل تلك المنتجات بسهولة. وبالتالي يبدو أنه من الضروري إيجاد حل هيكلي من أجل تحسين الوضع الاقتصادي الحالي.