ⓒ YONHAP News

ربما تكونون قد تعرفتم على صوت المذيعة الكورية الشمالية. إنها "ري تشون هي" أشهر مذيعة تلفزيونية في كوريا الشمالية. تسميها بعض وكالات الإعلام الأجنبية بـ"السيدة الوردية" لأنها ترتدي في كثير من الأحيان الزي الوردي التقليدي الكوري. وبالنسبة للكوريين الجنوبيين، ربما تكون "ري" هي الشخص الذي يتبادر إلى الذهن أولا عند التفكير في مذيعي الأخبار الكوريين الشماليين. ولكن رغم أن "ري" هي مذيعة الأخبار الممثلة لكوريا الشمالية، فإنه يقال إن مذيعي الأخبار الكوريين الشماليين قد غيروا أسلوبهم كثيرا في السنوات الأخيرة.

ظهرت "ري تشون هي" هو في مكان غير متوقع نوعا ما مؤخرا. فقد شوهدت في حفل افتتاح منطقة سكنية في بيونغ يانغ يوم 13 أبريل، قبل يومين من الذكرى الـ110 على مولد مؤسس كوريا الشمالية "كيم إيل سونغ".

عملت "ري" كمذيعة أخبار في التلفزيون الرسمي في كوريا الشمالية لمدة خمسة عقود. وقد ترددت شائعات عن تقاعدها ذات مرة، لكنها ظهرت من حين لآخر في الأحداث المهمة. ففي سبتمبر 2017، قرأت بيان الزعيم الشمالي "كيم جونغ أون" الذي انتقد فيه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" آنذاك بلهجة حادة، ووصفه بأنه "رجل عجوز معتوه". 

سنتعرف اليوم على كيفية تغير أسلوب عمل مذيعي الأخبار في كوريا الشمالية .

"كيم سونغ 김승" الأستاذ بقسم الثقافة والمحتويات الرقمية في جامعة كونكوك:

تنقل "ري تشون هي 리춘희" الأخبار بشكل مقنع للغاية، بالرغم من كبر سنها، بأسلوب إعلاني فريد خاص بها، يتميز بنبرة جادة وعدوانية. إنها الأولى من حيث الجاذبية وطريقة التقديم التي تحظى بالاهتمام. خلال عرض عسكري في سبتمبر من العام الماضي، شاهدت الحدث بجوار الزعيم "كيم جونغ أون" مباشرة، ووضعت يدها على كتفه وهمست له. يعد الاتصال الجسدي مع القائد الأعلى مشكلة كبيرة في كوريا الشمالية، مما يعكس علاقات "ري" الوثيقة مع الزعيم.

استخدمت كوريا الشمالية محطات البث بشكل نشط للترويج للنظام والدفاع عنه. وقد أرسل مؤسس الدولة "كيم إيل سونغ" مذيعين إلى مناطق الحرب خلال الحرب الكورية. وحتى عندما استولت القوات الكورية الجنوبية والأمم المتحدة على بيونغ يانغ، استمرت محطات البث الكورية الشمالية في الدعاية والتحريض في خط المواجهة.

"كيم سونغ 김승":

ركزت كوريا الشمالية على الدعاية والتحريض منذ سنواتها الأولى. وحتى قبل أن يتم تأسيس نظام الدولة بشكل كامل، أنشأت استوديو أفلام لأنشطة الدعاية. كانت كوريا الشمالية مدركة تماما لدور البث خلال الحرب الكورية. وهذا هو السبب في أنها نشرت مذيعين بنشاط خلال الحرب لتعزيز النظام الشيوعي ونشر التفاؤل الثوري بين الجمهور. منذ ذلك الحين، لعب المذيعون دور البوق في الدعاية.

تشمل المحطات التلفزيونية الكورية الشمالية قناة "مان سو ديه"، وقناة "ريونغ نام سان"، والقناة الرياضية، وقناة التلفزيون المركزية. وقد تم إنشاء قناة التلفزيون المركزية الكورية الشمالية رسميا في عام 1963 كشبكة إذاعية في بيونغ يانغ، وهي المصدر الرسمي الوحيد للأخبار التلفزيونية للشعب الكوري الشمالي. وهناك عدد قليل فقط من مذيعي الأخبار الذين يعملون هناك، ويتعين أن يخضع مقدمو الأخبار لمنافسة شرسة. وقد تحول التلفزيون المركزي الكوري إلى البث عالي الدقة في ديسمبر 2017، عندما بدأ البث الكوري الشمالي يقترب من المعايير الدولية. فقد أدخلت المحطة التلفزيونية تقنيات تصوير جديدة باستخدام طائرات بدون طيار، ووظائف مختلفة للكاميراا، بالإضافة إلى رسومات كمبيوتر ثلاثية الأبعاد لم تكن موجودة من قبل. في الماضي، كان مذيعو الأخبار يجلسون ويقرؤون ببساطة الموضوعات الإخبارية في الاستوديو. ولكن في تحول كبير، يتم حاليا إرسال صحفيين إلى مسرح الأحداث. فعندما تعرضت كوريا الشمالية لأعاصير متتالية في عام 2020، قطع التلفزيون المركزي الكوري الشمالي بثه المنتظم لأول مرة على الإطلاق، وعرض مشاهد الأعاصير الكارثية بدلا من ذلك.

عندما بث التلفزيون المركزي الكوري عرضا عسكريا بمناسبة الذكرى الـ75 على تأسيس حزب العمال الحاكم في أكتوبر من عام 2020، تم وضع مذيعي الأخبار في كل قسم من قوافل المركبات لإرسال تقارير عن المشهد.

 

نظرا لأن كوريا الشمالية تنشر تقارير ميدانية بشكل متكرر، فقد بدأ مذيعو الأخبار الموهوبون والمشهورون في جذب انتباه الجمهور، مثل النجوم المشاهير. في كوريا الجنوبية، يُطلق على أولئك الذين يقدمون العروض الترفيهية لقب "آنا تينرز" وهي كلمة مركبة من كلمتين باللغة الإنغليزية بمعنى "مذيع" و"مرفه". ويعتبر مذيع الأخبار الكوري الشمالي "كيم صونغ كوانغ 김성광" أحد أولئك الذين يطلق عليهم "آنا تينر". 

أيضا "تشيه هيو صونغ 최효성" يقول مرحبا لببغاء في حديقة الحيوان، وهو أحد أشهر المذيعين في كوريا الشمالية. فهو معروف جيدا للرجال والنساء من جميع الفئات العمرية، وذلك بفضل مظهره الرائع وكلماته الذكية التي تروق للجمهور في أي برنامج. وقد خدم كمذيع كوري شمالي في الأداء المشترك للموسيقيين من الكوريتين في بيونغ يانغ في شهر أبريل من عام 2018.

وعندما نتحدث عن مذيعي الأخبار الشباب المشهورين في كوريا الشمالية، لا ينبغي إغفال "كيم أون جونغ 김은정". وقد أدت هذه الممثلة السابقة دورا في فيلم في عام 2009 بعنوان "خط الحياة". ومن غير التقليدي تماما أن تتحول ممثلة إلى مذيعة أخبار في كوريا الشمالية، حيث إنه ليس من السهل تبديل الوظائف. وقد ظهرت ليس فقط في البرامج الإخبارية، ولكن أيضا في العديد من البرامج الأخرى، حيث شوهدت ذات مرة وهي تساعد طاهٍ في أثناء عرض للطهي ضمن أحد البرامج.

وعندما تم افتتاح منتجع "يانغ دوك"، غمرت "كيم" نفسها في نبع المياه هناك وأظهرت كم هو رائع الاسترخاء في الينابيع الساخنة. في الواقع، ترتدي المذيعات الكوريات الشماليات عادة ملابس كورية تقليدية من الهان بوك، أو البذلات الغربية، لكن فستان "كيم" المزركش ذا اللون الأحمر البنفسجي لفت انتباه المشاهدين، مما يشير إلى خروجها عن الممارسات القديمة.

بهذه الطريقة، فإن مذيعي الأخبار الكوريين الشماليين يأخذون زمام المبادرة في إحداث تغيير في مشهد البث المحلي.

"كيم سونغ 김승":

ظهور النسخة الكورية الشمالية من عروض مذيعي "آنا تينرز anatainers" يدل على أن كوريا الشمالية تسعى إلى التركيز أكثر على عامة الناس والاقتراب أكثر من الناس العاديين. وهذا هو أحد أهم التغييرات الملحوظة في عهد "كيم جونغ أون". تتحكم برامج البث الكورية الشمالية بشكل صارم في الضوضاء المحيطة، والتي يتم استبدالها عادة بموسيقى خلفية محددة مسبقا أو رواية أو مؤثرات صوتية. لكن في هذه الأيام، يقدم المذيعون تقارير ميدانية بشكل متكرر في برامج مختلفة، ويقدمون ما يحدث على الساحة كما هو. هكذا تم إجراء تغييرات تدريجية منذ أن تولى "كيم جونغ أون" السلطة. وأعتقد أننا بحاجة إلى مراقبة هذه التغييرات واسعة النطاق عن كثب.

صار التلفزيون المركزي الكوري عند تقديم الأخبار مؤخرا، يشير إلى أسماء الأشخاص المسؤولين عن التقرير، مما يعكس الاهتمام العام بمذيعي الأخبار أو المراسلين الفرديين. ويبدو أن طريقة البث في كوريا الشمالية قد تغيرت كثيرا، كما تغير دور مذيعي الأخبار بشكل كبير.