ⓒ YONHAP News

من المنتظر أن تصبح مدينة بوسان أول مدينة كورية جنوبية تستضيف بطولة العالم لتنس الطاولة في فبراير 2024. ومن المقرر أن يقام الحدث تحت شعار "طاولة واحدة، عالم واحد"، على أمل توحيد العالم من خلال تنس الطاولة. ويصادف عام 2024 الذكرى المئوية لتاريخ الرياضة في كوريا، حيث يُنظر إلى "مسابقة البينغ بونغ" التي استضافتها صحيفة "كيونغ صونغ" في يناير 1924 على أنها بداية تنس الطاولة في كوريا. وهناك توقعات بتشكيل فريق موحد بين الكوريتين لبطولة 2024، حيث كانت الكوريتان قد شكلتا فريقا مشتركا في هذه الرياضة من قبل.

شاركت الكوريتان من حين لآخر بفريق موحد في الأحداث الرياضية الدولية، بما في ذلك الأولمبياد. وتتمتع الفرق الرياضية المشتركة بين الكوريتين بأهمية كبيرة داخليا وخارجيا. 

الدكتور "هو جونغ بيل 허정필" الأستاذ في معهد الدراسات الكورية الشمالية في جامعة دونغ كوك:

على الرغم من أن الكوريتين تستخدمان نفس اللغة وتتشاركان نفس الثقافة، إلا أنهما لم تتواصلا مع بعضهما البعض منذ عقود بسبب الانقسام الوطني. ولكن يمكن للفرق الرياضية الموحدة أن تشجع الرياضيين والمسؤولين من الجانبين على التحدث مع بعضهم البعض لتحقيق نفس الهدف، وتشكيل شعور بالانتماء للمجتمع. يتنافس الرياضيون بقوة في الأحداث الدولية. وخلال مثل تلك اللحظات، يهتف الناس ويعبرون عن مخاوفهم ويشجعون فريقهم معا. في هذه العملية، يمكنهم استعادة الهوية الوطنية والتجانس. ستُظهر الفرق المشتركة بين الكوريتين مثالا للسلام والتعاون عبر الحدود، وتسهم أيضا بشكل كبير في دفع توحيد كوريا. 

عند سماع عبارة "فريق موحد من الكوريتين"، قد يتذكر الكثير من الناس فريق هوكي الجليد المشترك في أولمبياد بيونغ تشانغ الشتوية في عام 2018.

خلال حفل الافتتاح، حملت لاعبة هوكي الجليد الكورية الجنوبية "بارك جونغ آه" واللاعبة الكورية الشمالية "جونغ سو هيون"، الشعلة الأولمبية معا، مما أثر على المشاهدين في جميع أنحاء العالم. وقد بدأت الكوريتان في مناقشة تشكيل فريق مشترك منذ عام 1963، أي قبل عام واحد من دورة طوكيو الأولمبية. ولم تتمكن كوريا الشمالية من المشاركة في الأولمبياد كدولة مستقلة لأن اللجنة الأولمبية الدولية اعترفت بلجنة أولمبية وطنية واحدة فقط لكل دولة. وفي ذلك الوقت، لم تتجسد فكرة الفريق الموحد بين الكوريتين.

"هو جونغ بيل 허정필":

انخرطت كوريا الشمالية في محادثات حول فريق مشترك بين الكوريتين لأغراض سياسية. تم الاعتراف بكوريا الجنوبية في جلسة اللجنة الأولمبية الدولية في ستوكهولم عاصمة السويد في عام 1947، لتمثيل اللجنة الأولمبية الكورية، وتم قبول اللجنة الأولمبية الوطنية لألمانيا الشرقية من قبل اللجنة الأولمبية الدولية جنبا إلى جنب مع ألمانيا الغربية بشرط أن تقوم كلتا اللجنتين الألمانيتين بإنشاء فريق ألماني موحد لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1956. كانت كوريا الشمالية تأمل في الاعتراف بها من قبل اللجنة الأولمبية الدولية من خلال الخضوع لنفس العملية. ولهذا السبب اقترحت أن تشكل الكوريتان فريقا موحدا. ولمناقشة هذه المسألة، عُقدت محادثات على مستوى العمل بين الكوريتين في مدينة لوزان السويسرية، وفي هونغ كونغ. وخلال جلسة اللجنة الأولمبية الدولية في مدينة "بادن بادن" في ألمانيا الغربية في عام 1963، أصبحت كوريا الشمالية أخيرا عضوا رسميا في اللجنة الأولمبية الدولية.

شاركت كوريا الشمالية في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 1964 في النمسا، لأول مرة كدولة مستقلة. وحاولت الكوريتان إنشاء فريق موحد لدورة الألعاب الأولمبية لعام 1984 في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، وعقدتا محادثات في ثلاث مناسبات مختلفة. لكن دول الكتلة الشرقية، بقيادة الاتحاد السوفيتي آنذاك، قررت مقاطعة الأولمبياد، وانضمت كوريا الشمالية إليها، ومن ثم، انهارت المحادثات بين الكوريتين حول الفريق الموحد. وقبل دورة الألعاب الأولمبية لعام 1988 في سيول، عقدت الكوريتان محادثات مرة أخرى تحت إشراف اللجنة الأولمبية الدولية، لتشكيل فريق موحد. لكن كوريا الشمالية رفضت المشاركة في أولمبياد سيول، وفشل الجانبان مرة أخرى في تشكيل فريق مشترك. وقبل دورة الألعاب الآسيوية لعام 1990 في بكين، ناقشت الكوريتان مرة أخرى نفس القضية.

خلال عدة جولات من المحادثات، توصلت الكوريتان إلى اتفاق جزئي، بما في ذلك الاتفاق على أن يستخدم الفريق الموحد اسم "كوريا"، وأن يحمل علما يظهر فيه صورة شبه الجزيرة الكورية باللون الأزرق على خلفية بيضاء، ويتم أداء الأغنية الشعبية "آريرانغ" كنشيد وطني. ولكن لسوء الحظ، فشلت المحادثات بينهما. وخلال فترة دورة الألعاب الآسيوية في بكين عام 1990، أجرى وزيرا الرياضة من الكوريتين اتصالات، وأقيمت مباريات ودية لكرة قدم في بيونغ يانغ وسيول في أكتوبر من نفس العام. وأعلن الجانبان عن بيان مشترك واتفقا على عقد محادثات رياضية لمناقشة تشكيل فريق مشترك للأحداث الدولية والتبادلات الرياضية بين الكوريتين. ومن ثم، شكلت الكوريتان فريقا موحدا لبطولة العالم لتنس الطاولة لعام 1991 في مدينة شيبا اليابانية. وكان ذلك أول فريق رياضي كوري موحد على الإطلاق. وفي منافسات السيدات، فاز الفريق الكوري المشترك الفريق الصيني الذي يعتبر الأفضل عالميا، وحصل على لقب البطولة.

فازت الكورية الشمالية "ريو سون بوك" والكورية الجنوبية "هيون جونغ هوا" على منافستيهما الصينيتين في الجولة الأولى والثانية من فردي السيدات على التوالي. ولكن في منافسات زوجي السيدات، خسر الفريق الكوري، ولذا كان يتعين أن تفوز كوريا بالمباراة الأخيرة. وفي تلك المباراة المحتدمة، فازت اللاعبة الكورية على نظيرتها الصينية، ليحقق الفريق الكوري ميدالية ذهبية.

في يونيو 1991، شارك فريق كوري موحد في بطولة كأس العالم لكرة القدم للشباب في البرتغال، وتمكن من التغلب على منتخب الأرجنتين، والتعادل مع منتخب أيرلندا في دور المجموعات، ثم الوصول إلى الدور ربع النهائي. وخلال حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2000 في سيدني في أستراليا، قادت لاعبة كرة السلة الكورية الجنوبية "تشونغ أون سون" ومدرب الجودو الكوري الشمالي "بارك تشونغ تشول" الوفد المشترك بين الكوريتين، حامليْن علم شبه الجزيرة الكورية معا. وسار حوالي 180 رياضيا من الكوريتين مع تشغيل أغنية آريرانغ. وقد صفق لهم 120 ألف متفرج، وتناقلت وسائل الإعلام ذلك المشهد في جميع أنحاء العالم.

"هو جونغ بيل 허정필":

في أعقاب القمة التاريخية الأولى بين الكوريتين في عام 2000، أنهت الكوريتان نزاعهما المستمر منذ عقود وهيأتا بيئة مواتية للسلام والمصالحة عبر الحدود. وبتشجيع من ذلك الجو المتفائل، اقترحت سيول على بيونغ يانغ أن تدخل الكوريتان الاستاد معا في حفل افتتاح أولمبياد سيدني في سبتمبر من ذلك العام. في البداية، كانت كوريا الشمالية فاترة إلى حد ما بشأن الاقتراح. ولكن قبل أسبوع من افتتاح الأولمبياد، وصل عضو اللجنة الأولمبية الدولية السابق من كوريا الشمالية "تشانغ أونغ" إلى سيدني وأظهر استجابة إيجابية لاقتراح سيول للمسيرة المشتركة، والتي كانت أول مناسبة من نوعها. أظهر ذلك المشهد الذي لا يُنسى للعالم بأسره أن الكوريتين تسعيان إلى التوحيد، على الرغم من تقسيمهما. 

بعد أولمبياد سيدني، دخل رياضيون من الكوريتين إلى الملاعب معا في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2004 في أثينا، ودورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2006 في تورينو، ودورة ألعاب بوسان الآسيوية لعام 2002، ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2003 في أوموري اليابانية، ودورة الألعاب الآسيوية في الدوحة 2006، ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2007 في تشانغ تشون في الصين، والعديد من الأحداث الرياضية الدولية الأخرى. لكن الفريق المشترك لم يتم تشكيله حتى عام 2011، عندما تنافست الكوريتان كفريق واحد في تنس الطاولة في كأس السلام والرياضة في الدوحة. وفي ذلك الوقت، فاز الفريق الكوري بلقب زوجي الرجال واحتل المركز الثاني في زوجي السيدات.

في حفل افتتاح دورة الألعاب الشتوية لعام 2018 في بيونغ تشانغ، سار الرياضيون من الكوريتين معا أيضا، ولعب الفريق الموحد من الكوريتين في منافسات هوكي الجليد للسيدات. ورغم فشله في الفوز، إلا أنه سجل الهدف الأولمبي الأول لفريق الهوكي الكوري. 

"هو جونغ بيل 허정필":

كان "تشانغ أونغ" العضو الكوري الشمالي السابق في اللجنة الأولمبية الدولية حاضرا في بطولة العالم للتيكوندو 2017 في موجو في كوريا الجنوبية. في أثناء ترحيبه بوفد كوريا الشمالية في الحدث، دعا رئيس كوريا الجنوبية آنذاك "مون جيه إين" كوريا الشمالية إلى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ التي ستقام في الجنوب في العام التالي. أرسلت كوريا الشمالية إشارة إيجابية إلى الجنوب من خلال رسالة زعيمها بمناسبة العام الجديد في 1 يناير 2018، مما سهل عملية تشكيل الفريق الكوري الموحد التاريخي في هوكي الجليد للسيدات. بعد أولمبياد بيونغ تشانغ، عُقدت محادثات قمة بين الكوريتين، وتلتها اجتماعات قمة بين كوريا الشمالية والصين، وبين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، وبين كوريا الشمالية وروسيا. وقد ساهم ذلك الجو الإيجابي في تعزيز العلاقات بين الكوريتين والولايات المتحدة، وكذلك في العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة.

في دورة الألعاب الآسيوية 2018 في إندونيسيا، شكلت الكوريتان فرقا موحدة في كرة السلة للسيدات والتجديف، وحصلتا على أربع ميداليات. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يفوز فيها فريق مشترك بين الكوريتين بميداليات في أي حدث دولي متعدد الرياضات. بعد ذلك، حصل المنتخب الكوري الموحد على ميداليات في بطولة العالم للجودو 2019 التي أقيمت في باكو في آذربيجان.

"هو جونغ بيل 허정필":

طورت لاعبة تنس الطاولة الكورية الجنوبية "هيون جونغ هوا" واللاعبة الكورية الشمالية "لي بون هوي" الصداقة خلال بطولة العالم لتنس الطاولة عام 1991. وخلال دورة الألعاب الأولمبية في بيونغ تشانغ 2018، هتف المتفرجون الكوريون الجنوبيون بحماس للمتزلج الكوري الشمالي "تشيه أون سونغ "، على الرغم من أنه فشل في التقدم إلى الدور التالي. آمل أن يحدث اختراق أو زخم إيجابي في دورة الألعاب الآسيوية في هانغتشو 2023 في الصين. أعتقد أنه ينبغي على سيول وبيونغ يانغ استئناف الحوار والتواصل الثنائي لتحقيق ذلك الهدف. 

N:

هذا العام، ظلت العلاقات بين الكوريتين في حالة جمود بينما تصاعدت حدة التوتر السياسي والعسكري، ولكن نأمل في العام القادم أن تجد الكوريتان فرصة للالتقاء من خلال التبادلات الرياضية، بما في ذلك تشكيل فريق موحد بينهما.   Sig (closing)