الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

كوريا الشمالية

الأهمية الخاصة لهذه الزهرة بالذات في كوريا الشمالية

#تطورات شبه الجزيرة الكورية l 2023-04-12

تطورات شبه الجزيرة الكورية

ⓒ Getty Images Bank

هذه الأغنية التي تحمل عنوان "زهور الأزاليا" غنتها من قبل مغنية الروك الكورية الجنوبية "مايا" على خشبة المسرح في الهواء الطلق في جبل "غُم كانغ" في كوريا الشمالية في عام 2005. في ذلك العام، تجاوز عدد السياح إلى ذلك الجبل الكوري الشمالي الخلاب مستوى مليون، وكان ذلك العرض جزءا من حفل موسيقي مفتوح أقامته هيئة الإذاعة الكورية "كي بي إس". 


زهور الأزاليا ذات الألوان الزاهية هي واحدة من زهور الربيع النموذجية في كوريا. وهي تُعرف باسم زهرة "تشون جي" في مقاطعة شمال "هام كيونغ" في كوريا الشمالية. وتتمتع زهور الأزاليا بحيوية قوية، فهي تنمو ليس فقط في المدن وما حولها، ولكن أيضا في المناطق التي يزيد ارتفاعها عن ألف متر فوق مستوى سطح البحر. وفي أوائل الربيع، عادة ما تصبح التلال والجبال في جميع أنحاء كوريا الجنوبية نابضة بالحياة بسبب زهور الأزاليا الجميلة. 


الدكتورة "لي جي سون 이지순" من المعهد الكوري للتوحيد الوطني:

تنمو زهور الأزاليا جيدا حتى في التربة القاحلة. بالنسبة للناس في كل من الكوريتين الذين مروا بفصل الشتاء القاسي، تشير الزهرة إلى قدوم الربيع. أيضا بالنسبة لأولئك الذين يعانون من الجوع في موسم الربيع، كانت تلك الزهور تساعد في الماضي على التخفيف من جوعهم. في اليوم الثالث من الشهر القمري الثالث، كان الكوريون يأكلون كعكة أرز مقلية ومزينة بزهور الأزاليا. لصنع تلك الكعكة المسماة "هوا جون 화전"، يُعجن مسحوق الأرز اللزج وتوضع الزهور عليه، ثم تقلى الكعكة بالزيت. تتغلغل رائحة الزهرة في كعكة الأرز المقلي، مما يعطي نكهة إضافية. في كوريا الشمالية، يُنظر إلى تناول كعك "هوا جون" على أنه عادة خاصة بالطبقة الغنية من العصر الإقطاعي، وهو أمر لا يمكن للفقراء الاستمتاع به. ومع ذلك، تعتبر كعكة الزهور المقلية من الأطعمة الربيعية الخاصة ويتم تقديمها كطعام كوري تقليدي ذي ومذاق طيب ورائحة منعشة.


خلال القمة الأولى بين الكوريتين في عام 2000، رحب مواطنو بيونغ يانغ وهم يمسكون بزهور الأزاليا بأيديهم، بالرئيس الكوري الجنوبي آنذاك "كيم ديه جونغ" والوفد المرافق له. وكثيرا ما يمكن مشاهدة الناس في كوريا الشمالية وهم يلوحون بزهور الأزاليا للترحيب بشخص ما في مناسبات مختلفة. أيضا تظهر صور تلك الزهور في المباني الأثرية في كوريا الشمالية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن قوس النصر، الذي تم الكشف عنه في عام 1982 بمناسبة الذكرى السبعين على ميلاد الزعيم الشمالي الأسابق "كيم إيل سونغ"، مزين بـ 70 زهرة أزاليا منحوتة. كما أقامت كوريا الشمالية ما يسمى بـ"برج الخلود" في بيونغ يانغ في عام 1997، بعد ثلاثة أعوام من وفاة "كيم إيل سونغ"، وهذا البرج مزين أيضا بـ82 نقشا لزهور الأزاليا ترمز إلى العصر عاشه كيم. 


"لي جي سون 이지순":

 في كوريا الشمالية، تعتبر الأزاليا زهرة عامة الناس، أما زهور الفاونيا والورود فتعتبر زهورا نادرة، يتعين على الناس زراعتها ورعايتها بعناية فائقة. ترمز الفاونيا في الواقع إلى الثروة والازدهار. من ناحية أخرى، تنمو زهور الأزاليا جيدا وتتفتح دون الاهتمام بها. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من الجوع في موسم الربيع، تقدم لهم زهور الأزاليا شيئا يأكلونه. بالنسبة للمرضى، كانت الزهرة بمثابة دواء. أيضا تنمو الأزاليا عند سفوح الجبال، حيث لا يزال الجليد باقيا، مما يعطي الأمل في أن الشتاء الطويل القاسي قد انتهى وأن الربيع الدافئ سيأتي قريبا. هكذا يجد الكوريون إحساسا غامرا بالأمل في الظهور المفاجئ لزهور الربيع. ومن بين زهور الربيع، تمثل الأزاليا حياة عامة الناس، كما أن لها أيضا أهمية تاريخية ترمز إلى الاستقلال من الاستعمار الياباني. وبهذه الطريقة، تم استخدام الزهرة كرمز مهم له تجليات متعددة.


في كوريا الشمالية، يطلق على زهرة الأزاليا اسم زهرة "كيم جونغ سوك"، الزوجة الأولى لمؤسس الدولة "كيم إيل سونغ"، ووالدة الزعيم السابق "كيم جونغ إيل". ولدت "كيم" في عام 1917 في مقاطعة شمال "هام كيونغ"، وكانت واحدة من الجنرالات الثلاثة لجبل بيكدو، إلى جانب الزعيمين السابقين. وتؤكد الأفلام الكورية الشمالية أنها انضمت إلى الحركة المناهضة لليابان إلى جانب "كيم إيل سونغ".


تقول كوريا الشمالية إنها كانت قادرة على إصابة هدفها دائما.


ماتت "كيم جونغ سوك" وهي صغيرة في أوائل الثلاثينيات من عمرها في عام 1949. وقد عززت كوريا الشمالية تقديس شخصيتها، حيث أنشأت لها موقعا تاريخيا ثوريا في منطقة يقال إنها شاركت خلالها في أنشطة حرب العصابات. وفي عام 2017، أصدرت كوريا الشمالية عملات معدنية تذكارية بمناسبة مرور 100 عام على ميلادها، وأنتجت عددا من البرامج ذات الصلة. 


"لي جي سون 이지순":

ربط الأدب الكوري الشمالي بين "كيم جونغ سوك" وزهرة الأزاليا. أنتجت وحدة الإنتاج الأدبي في 15 أبريل رواية متعددة الأجزاء بعنوان "على طول طريق الولاء"، تصور إنجازات "كيم" الثورية. وفي ذلك المسلسل، يتم وصف أنشطتها من عام 1938 إلى عام 1939. في ذلك الوقت، بصفتها مقاتلة حرب عصابات مناهضة لليابان، كانت تنتمي إلى مجموعة "كيم إيل سونغ"، كانت تقوم أيضا بالخياطة والطهي، كما أنها أنقذت حياة "كيم إيل سونغ". وقبل أن تصبح زوجة "كيم إيل سونغ"، كانت "كيم جونغ سوك" محاربة مخلصة تعشقه. وقد لعبت رواية زهور الأزاليا دورا مهما في الترويج لصورتها. 


يُقال إن "كيم جونغ إيل" نجل "كيم جونغ سوك"، قد أكد أن الأزاليا هي الزهرة التي أحبتها والدته أكثر من غيرها، حتى إنه كتب قصيدة بعنوان "زهور الأزاليا" في عام 1962. وفي كوريا الشمالية، تعتبر تلك القصيدة واحدة من الروائع الكلاسيكية الخالدة، حيث تشير إلى الإنتاج الأدبي والفني الذي أنشأه القائد الأعلى، وبالتالي من المفترض أن يتعلم كل مواطن كوري شمالي تلك القصيدة ويتقنها. 


"لي جي سون 이지순":

قصيدة "كيم جونغ إيل" حول الأزاليا هي إلى حد بعيد أشهر الأعمال الأدبية التي تعرض موضوع تلك الزهرة في كوريا الشمالية. ربما يعرف جميع المواطنين في الشمال تقريبا هذه القصيدة، رغم أنهم قد لا يعرفون قصيدة أخرى بنفس العنوان من تأليف الشاعر "كيم سو وال 김소월" الذي يعتبر واحدا من أكثر الشعراء المحبوبين في كوريا. عندما عادت "كيم جونغ سوك" إلى كوريا مع "كيم إيل سونغ"، ذرفت دموع الفرح وحملت زهور الأزاليا بين ذراعيها، وأعطت الزهور إلى "كيم إيل سونغ"، الذي قال إنه كلما نظر إليها أكثر، كانت الزهرة أجمل. وقد تذكّر "كيم جونغ إيل" كل هذا، وأعاد زرع زهور الأزاليا أمام قبر والدته وعبّر عن مشاعره تجاه الزهرة في قصيدته. عززت القصيدة صورة "كيم جونغ سوك"، البطلة المناهضة لليابان والتي افتقدت بلدها كثيرا، وهي تحمل زهور الأزاليا بين ذراعيها.


في كوريا الشمالية، تُستخدم زهرة الأزاليا كموضوع رئيسي ليس فقط في الأدب ولكن أيضا في أنواع فنية أخرى، مثل الأفلام والمسرحيات والرقص. ومن بين أشهر تلك الأعمال رقصة بعنوان "أزاليا من الوطن"، وهي قطعة راقصة أنشأها استوديو "مان سو ديه" للفنون في عام 1970، ويشار إليها كواحدة من روائع الرقصات الكورية الشمالية.


يعشق الجمهور الرقص الجماعي الفني، حيث يمسك الراقصون بأزهار الأزاليا. يصف ذلك العرض الراقص إيمان مقاتلات حرب العصابات الراسخ بالثورة على خلفية معركة عام 1939 التي قادها "كيم إيل سونغ" في مقاطعة شمال "هام كيونغ". 


عند الحديث عن زهور الأزاليا، يتذكر العديد من الكوريين الجنوبيين قصيدة "كيم سو وال" التي نشرها في عام 1922، وكلمة "يونغ بيون" في القصيدة هي اسم مكان يقع في الجزء الجنوبي الشرقي من مقاطعة شمال "بيونغ آن". 


وعند الحديث عن "يونغ بيون"، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن المجمع النووي الكوري الشمالي. ولكن منذ حوالي 100 عام، غنى الشاعر عن زهور الأزاليا في جبل "ياك سان" في منطقة "يونغ بيون".


"لي جي سون 이지순":

"ياك سان 약산" عبارة تعني يعني "جبل الدواء"، حيث إنه من المعروف أنه غني بالأعشاب الطبية. أيضا، يتدفق نبع ذو صفات علاجية في ذلك الجبل. وفي الربيع، تتفتح زهور الأزاليا في شقوق صخرية تلون الجبل بأكمله بألوان زهرية جميلة. أتخيل أن قصيدة زهور الأزاليا للشاعر "كيم سو وال"، وهي القصيدة المفجعة عن حزن الحب والفراق، قد وُلدت على خلفية جبل "ياك سان" المشهور بزهور الأزاليا المتفتحة. ويمكن استخدام ذلك المكان كحصن طبيعي حيث إنه محاط بجبال أخرى. لقد عُرفت تلك المنطقة كنقطة استراتيجية منذ العصور القديمة، حيث إنه من الصعب مراقبتها حتى بواسطة الأقمار الاصطناعية. وبالنظر إلى تلك المميزات الجغرافية، اختارت كوريا الشمالية ذلك المكان لإقامة منشآتها النووية. من المحزن أن يُعرف موقع "يونغ بيون" حاليا كموقع نووي في كوريا الشمالية بدلا من زهور الأزاليا الجميلة. 


صدرت قصيدة زهور الأزاليا للشاعر "كيم سو وال" في فترة العشرينيات من القرن الماضي، لكنها لا تزال واحدة من القصائد التي يحبها الكوريون الجنوبيون، كما أن هناك العديد من الأغاني المستوحاة من تلك القصيدة. وحاليا، بدأت زهور الأزاليا تتفتح بالفعل في المناطق الجنوبية في كوريا الجنوبية، وتتحرك ببطء نحو الشمال، مرورا بالمناطق الوسطى. فمتى سيتمكن الكوريون الجنوبيون من رؤية زهور الأزاليا في جبل "ياك سان" في منطقة "يونغ بيون"؟ نأمل أن يتمكن الناس في الكوريتين قريبا من السفر بحرية في جميع أنحاء شبه الجزيرة الكورية، وهم يستمتعون بزهور الأزاليا العطرة في كل مكان.        

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;