ⓒ KBS

نواصل اليوم حديثنا حول نظام السكك الحديدية في كوريا الشمالية، وسوف نتعرف على مشروع تحديث هذا القطاع مع "آن بيونغ مين" رئيس معهد التعاون الاقتصادي الكوري، الذي زار كوريا الشمالية عدة مرات لإجراء بحوث حول السكك الحديدية هناك.

"آن بيونغ مين " رئيس معهد التعاون الاقتصادي الكوري:

عندما ركبنا قطارا سريعا في كوريا الشمالية، لم يُسمح للسكان المحليين باستخدام القطار. وجدنا صورة الزعيم السابق "كيم إيل سونغ" في القطار. كانت هناك مراوح، وليس مكيفات، حتى في القطار السريع. وفي القطارات البطيئة التي يستخدمها عامة الناس، وجدنا أن النوافذ محطمة، كما كانت أنظمة التكييف والتدفئة غير كافية. تعتبر القطارات القديمة في الشمال غير مريحة إلى حد ما.

في الوقت الحاضر، تشتهر كوريا الشمالية بتشغيل قاطرات بخارية من الحقبة الاستعمارية اليابانية، وقاطرات ديزل مستوردة، وقاطرات تعمل بالكهرباء والديزل أنتجتها محليا منذ عام 1961. وهناك حوالي عشر منشآت رئيسية مرتبطة بالسكك الحديدية في الشمال، يتم فيها تصنيع عربات الشحن المفتوحة والأجزاء العامة للقاطرات وعربات الركاب، بينما يتم استيراد عربات الشحن الخاصة والمعدات الكهربائية الرئيسية والمحركات. 

"آن بيونغ مين " رئيس معهد التعاون الاقتصادي الكوري:

هناك حوالي 720 محطة قطار في كوريا الشمالية. تسمى المحطات المسؤولة عن صيانة المعدات بمحطات التكنولوجيا، ومحطات الشحن مصممة للتعامل مع الشحن. المحطات التي ينزل فيها الركاب من القطار تسمى محطات الركاب. وتوجد محطات طرق، كما تستخدم بعض المحطات فقط لإشارات السكك الحديدية.

العديد من محطات السكك الحديدية في كوريا الشمالية لها أسماء مثيرة للاهتمام. وبشكل عام، ينعكس اسم المنطقة في اسم محطة القطار التي تقع في تلك المنطقة. لكن المحطات الكورية الشمالية في الكثير من الحالات، تستخدم أسماء شخصيات أو أحداث أو تواريخ.

"آن بيونغ مين " رئيس معهد التعاون الاقتصادي الكوري:

بتعليمات من الزعيمين السابقين "كيم إيل سونغ" أو "كيم جونغ إيل"، تم تسمية العديد من محطات القطار في كوريا الشمالية بأسماء أحداث أو تواريخ لا تُنسى. في التسعينيات، على سبيل المثال، سُميت محطة سكة حديد بالقرب من "شين وي جو " باسم "بو هيانغ" على اسم العاملة "شين بو هيانغ " التي حققت إنجازا رائعا في مجمع "ناغ وان " للآلات. وبالمثل، سميت محطة "كيم تشيك " على اسم سياسي كوري شمالي، وحصلت محطة "هاك سونغ" على اسم "كيم هاك سونغ"، الذي شارك في أنشطة الكفاح المسلح ضد اليابان. ومن المعروف أن احتياطي كبرونات المغنيسيوم في منطقة "دان تشون " هو واحد من أكبر الاحتياطيات في العالم. ومن المثير للاهتمام أن "كيم إيل سونغ" أطلق على محطة سكة حديد في تلك المنطقة اسم "دون سان"، أي "جبل المال" باللغة الكورية، حيث كان يعتقد أن الموارد المعدنية في تلك المنطقة الجبلية ستكون مربحة.

تُصنف قطارات كوريا الشمالية إلى قطارات خاصة، وسريعة، ومحلية سريعة، وبطيئة، ومتنقلة، اعتمادا على سرعة القطار والمحطة التي يتوقف القطار عندها. ويتم حجز قطار خاص لعمليات التفتيش الميدانية للقادة الكبار داخل الدولة أو الدبلوماسية الدولية. وعندما يعمل القطار الخاص، تتوقف جميع القطارات الأخرى.

"آن بيونغ مين " رئيس معهد التعاون الاقتصادي الكوري:

استخدم "كيم ايل سونغ" القطار الخاص في الماضي كثيرا، كما سافر الزعيم السابق "كيم جونغ إيل" إلى موسكو بالقطار بدعوة من روسيا. في ذلك الوقت، انضم المبعوث الروسي إلى منطقة الشرق الأقصى الفيدرالية إلى رحلة الزعيم الكوري الشمالي على السكك الحديدية لمدة 18 يوما تقريبا. وهناك كتاب كتبه ذلك المبعوث يصور قطار "كيم" الخاص بالتفصيل. ووفقا للكتاب، كانت العربة المستخدمة كغرفة اجتماعات في منتصف القطار، ويوجد أيضا مطعم وعربة للنوم، وهو مضاد للرصاص. وتم تجهيز القطار بمعدات عالية التقنية، بما في ذلك خريطة بالقمر الصناعي تتبع المسار وتقدم أحدث المعلومات المهمة على طول الطريق. ويحمل القطار الخاص عادة عربتي ركاب يستخدمهما كبار القادة، ويوجد فيه مرفق للحراس وغيرهم من الموظفين. وخلال سنوات "كيم جونغ إيل"، تم أيضا تركيب العديد من المعدات والأجهزة الطبية في القطار. ويشير الطول الإجمالي للقطار، أو عدد العربات، إلى الغرض من رحلة القادة ومدتها.

وتقول بعض التقارير إن خطوط السكك الحديدية القديمة في كوريا الشمالية وعربات السكك الحديدية لا تحصل على الصيانة المناسبة، وأن القطارات تعمل ببطء بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة. ولكن بذلت الدولة جهودا كبيرة لتطبيع تشغيل السكك الحديدية مؤخرا لأن السكك الحديدية مهمة للغاية للتنمية الاقتصادية والصناعية. وفي العام الماضي، أعلنت كوريا الشمالية أن شركة أعمال القاطرات الكهربائية طورت نوعا جديدا من القاطرات ذات القدرة الأعلى. كما أعلنت كوريا الشمالية عن خطة جديدة للتنمية الاقتصادية مدتها خمس سنوات في المؤتمر الثامن لحزب العمال في يناير من هذا العام، وتتضمن هذه الخطة التأكيد على سلاسة النقل بالقطارات من خلال تحديث السكك الحديدية بشكل استباقي وتحسينها جذريا. 

"آن بيونغ مين " رئيس معهد التعاون الاقتصادي الكوري:

في عام 2014، أعلنت كوريا الشمالية عن خطة لتجديد السكك الحديدية بين "وان سان" وجبل "كوم كانغ". على عكس الماضي، أوضحت بيونغ يانغ التكلفة والربحية المتوقعة لمشروع التجديد، تماما كما هو الحال عندما تستثمر الشركات في البلدان الرأسمالية في شيء ما. من المؤكد أن تلك الخطة جديرة بالملاحظة، لأنها تتوافق مع معايير الدول الغربية، وهي تظهر أن كوريا الشمالية تحاول تبني المعايير العالمية، على الأقل فيما يتعلق بتشغيل السكك الحديدية. من الواضح أن كوريا الشمالية تعتبر السكك الحديدية وسيلة نقل مهمة من شأنها أن تمكن البلاد من استعادة النظم الاقتصادية وكسب العملات الأجنبية والانضمام إلى المجتمع الدولي.

ورغم ذلك من غير المرجح أن يمضي مشروع تحديث السكك الحديدية في كوريا الشمالية بسلاسة، بسبب إغلاق الحدود الناجم عن جائحة كورونا والقيود المفروضة على الحركة في الدولة الشيوعية.