الأخبار

شبه الجزيرة الكورية من الألف إلى الياء

من داخل كوريا الشمالية

مجموعات القرصنة الإلكترونية لكوريا الشمالية

2020-01-16

© Getty Images Bank

ظلت كوريا الشمالية تشنُّ هجمات إلكترونية على نطاق واسع. ففي الأسبوع الماضي، قالت شركة أمنية إن مجموعة جرائم الإنترنت التي ترعاها كوريا الشمالية، التي تسمى "لازاروس"، سرقت عملة من العملات المشفرة باستخدام تطبيق المراسلة تليغرام. وفي الشهر الماضي، رُفِعَت في الولايات المتحدة دعوى على مجموعة اختراق من كوريا الشمالية بزعم سرقة معلومات المستخدمين.


من الواضح أن أنشطة الإنترنت الخبيثة في كوريا الشمالية تشكل تهديدًا للعالم بأسره. فمن هم هؤلاء القراصنة؟ ولماذا يرعى النظام الشيوعي قوات للقرصنة على الإنترنت؟ 


الأستاذة "تشونغ إيون تشان" من معهد تعليم التوحيد:

بالنسبة لكوريا الشمالية، فإن أحد أهم أغراض تدريب القراصنة هو إكمال المرحلة الأخيرة من الاستعدادات للحرب. تتألف الاستراتيجية العسكرية الأساسية لكوريا الشمالية من ثلاثة مبادئ: الهجمات الاستباقية المفاجئة، وتكتيكات الحرب الخاطفة القائمة على معارك سريعة وحاسمة، والحرب الهجينة. في الحرب الهجينة، تسعى الأمة إلى الفوز في الجبهتين الأمامية والخلفية. في الاستراتيجيات العسكرية القديمة، تهاجم القوات النظامية على طول جبهة القتال، في حين تقوم قوات أخرى بحفر أنفاق تحت الأرض لمهاجمة المناطق الخلفية للعدو. لكن اليوم، اختارت كوريا الشمالية شن حرب على الإنترنت لتعطيل العدو بمجرد الضغط على زر. لهذا السبب، من المعروف أن البلاد قامت برعاية وتأهيل متخصصين في الإرهاب الإلكتروني منذ التسعينيات.


من المعروف أنَّ لدى كوريا الشمالية جهازين للحرب الإلكترونية، وهما: مكتب تخريب وتدمير الأعداء تحت إمرة الجيش، والمكتب العام للاستطلاع. والمكتب الأول مسؤول عن تجميع المعلومات الداخلية للسيطرة على المواطنين، في حين أنَّ الثاني هو المسؤول عن حملات القرصنة، واقتحام الأنظمة الأمنية لسرقة المعلومات الحساسة.


ولتدريب القراصنة أو "المحاربين الإلكترونيين" بشكل منهجي، تعمل كوريا الشمالية بجهد كبير على تعليم الأطفال الموهوبين.


الأستاذة "تشونغ إيون تشان":

في الشمال، يتم إعداد المحاربين الالكترونيين من الطفولة. يتم اختيار هؤلاء العملاء المحتملين بين مَنْ تتراوح أعمارهم بين 14 و 15 عامًا، أو حتى الأطفال الأصغر سنًا في طلاب الصف الخامس. يتم تدريسهم في مدرسة "كوم سونغ" المتوسطة رقم 1 ثم رقم 2، ثم يدخلون جامعة "كيم إيل سونغ" أو جامعة "كيم تشيك" للتكنولوجيا لمزيد من التعليم. بعد التخرج، يتم تعيينهم في وحدة الحرب الإلكترونية التابعة للمكتب العام للاستطلاع للعمل كقراصنة.


كوريا الشمالية تزرع "النخب الالكترونية " بشكل منهجي عن طريق اختيار المبرزين في العلوم ومنحهم التدريب المكثف على الأمن الالكتروني. بالإضافة إلى ذلك، يتم اختيار بعض الخريجين اللامعين لجامعة "كيم إيل سونغ" العسكرية لتلقي التدريب على الكمبيوتر قبل تعيينهم كضباط في وحدة القرصنة. وبعد اجتياز التدريب الصارم، يحق للقراصنة الحصول على امتيازات مختلفة.


الأستاذة "تشونغ إيون تشان":

يتمكن القراصنة من الدخول إلى الحزب والحصول على مسيرة مهنية ناجحة أيضًا. إنهم فخورون بكونهم جزءًا من الحرس المتقدم الذي يدافع عن البلاد. يمكن للقراصنة التمتع بمزايا مختلفة لا يستطيع المواطنون العاديون التمتع بها. يتم منحهم فرص للدراسة أو العمل في الخارج ويتم تزويدهم أيضًا بالحوافز الاقتصادية. على سبيل المثال، إذا قاموا بنجاح باختراق تبادل العملة المشفرة باستخدام نظام قاموا بتطويره، فيمكنهم الحصول على 10% من المكاسب. وليس مستغربا أن يشن القراصنة هجمات الكترونية تنافسية.


يمكن للقراصنة الكوريين الشماليين تأمين مستوى معيشة أعلى في الطبقة التي تمثل 1% فقط من المجتمع. في الواقع، فإن مهارات القرصنة لديهم متطورة للغاية. أحد أكثر الهجمات الإلكترونية إثارة المرتبطة بكوريا الشمالية كان الاختراق الذي قامت به عام 2014، لموقع شركة "Sony Picture" وهي الشركة المنتجة لفيلم "ذا انترفيو" الذي يصور اغتيال الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون". في ذلك الوقت، دمر القراصنة البيانات بنسبة 70% في أجهزة الكمبيوتر في الشركة. وفي عام 2016، تمكن القراصنة من كوريا الشمالية من الحصول على 81 مليون دولار أمريكي من خلال سرقة إلكترونية لحساب البنك المركزي لبنغلاديش في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. ومؤخرًا، أجرت كوريا الشمالية اختراقات في عمليات تبادل العملة المشفرة.


الأستاذة "تشونغ إيون تشان":

مع ارتفاع قيمة العملة المشفرة، هاجمت كوريا الشمالية بورصات التشفير للاستيلاء على العملات الافتراضية بما في ذلك البيتكوين. في عام 2017، قال مكتب الشرطة الوطنية التابع لوكالة الشرطة الوطنية في كوريا الجنوبية إن كوريا الشمالية قامت بعشر محاولات للقرصنة ضد أربع شركات لتبادل للعملة المشفرة في الجنوب. يشتبه في أن المتسللين الكوريين الشماليين وراء الهجوم السيبراني لعام 2017 باستخدام فيروس الكمبيوتر "وانا كراي". إنه نوع من فيروسات الفدية، التي تشير إلى البرامج الضارة التي تقوم بتشفير أنظمة الكمبيوتر ليتعذر على المستخدمين الوصول إليها ويطلب منهم المال لفك تشفيرها. في هذه الأيام، يتم استخدام القراصنة الكوريين الشماليين كوسيلة لكسب العملات الأجنبية للحفاظ على النظام الفقير.


إلى جانب روسيا والصين وإيران، تم إدراج كوريا الشمالية في قائمة الدول التي تشكل تهديدًا إلكترونيًا خطيرًا. ترتبط هذه الدول ببعض أكثر حوادث القرصنة شيوعًا في السنوات العشر الماضية، من حيث مدى الضرر وطرق القرصنة الجريئة وما تلاها من آثار على صناعة تكنولوجيا المعلومات.


فرضت الولايات المتحدة عقوبات على القراصنة الكوريين الشماليين، بمن فيهم الذين تسببوا في أضرار جسيمة من خلال اختراق أجهزة الكمبيوتر في جميع أنحاء العالم لمدة ثلاث سنوات ابتداءً من عام 2014.


الأستاذة "تشونغ إيون تشان":

تعتبر الولايات المتحدة جميع محاولات القرصنة بمثابة هجوم على الأمن القومي. لذلك تتبع مسارات القراصنة، وتكشف عن هويتهم وتبحث علنا عنهم. ففي سبتمبر من عام 2018، اتهمت وزارة العدل الأمريكية "بارك جين هيوك" مبرمج الكمبيوتر الكوري الشمالي بالتآمر لإجراء عمليات اقتحام الكمبيوتر والاحتيال الالكتروني. في سبتمبر من عام 2019، قررت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على ثلاث مجموعات اختراق من كوريا الشمالية تحت إشراف المكتب العام للاستطلاع.


في الواقع، على كل حال، فمن الصعب معاقبة القراصنة. والتعاون الدولي ضروري للتوصل إلى طرق لمنع عمليات الجرائم الإلكترونية في كوريا الشمالية.


تكتسب كوريا الشمالية العملة الصعبة من خلال الوسائل غير القانونية وسرقة المعلومات الأمنية المهمة. ويبدو من الضروري للمجتمع الدولي أن يتخذ تدابير مضادة استباقية ضد هجمات القرصنة الكورية الشمالية، وهي تهديد خطير للفضاء الإلكتروني العالمي.

أحدث الأخبار