الأخبار

شبه الجزيرة الكورية من الألف إلى الياء

من داخل كوريا الشمالية

البنوك في كوريا الشمالية

2021-02-04

ⓒ Getty Images Bank

في الحلقة السابقة، تعرفنا بشكل عام على البنوك الكورية الشمالية وأدوارها، حيث اتضح أن كوريا الشمالية لديها نظام بنكي أحادي، يتحمل فيه البنك المركزي مسؤولية جميع الأعمال المصرفية، وبالكاد تقوم البنوك الكورية الشمالية بدور تجاري. لكن الدولة الشيوعية أنشأت مؤخرا بنوكا إقليمية بعدما انتشرت أنشطة الأسواق الخاصة على نطاق واسع. 


المحامي "أوه هيون جونغ":

نشرت وسائل الإعلام الكورية الشمالية تقارير عن البنوك المحلية في المناطق الإقليمية منذ حوالي عام 2015. وفي مقال نُشر يوم 14 ديسمبر من عام 2015، غطت صحيفة رودونغ شينمون الرسمية قصة حدث على مستوى البلاد لعمال البنوك. في ذلك الوقت، قالت الصحيفة إن "ري كوانغ هو" رئيس بنك مقاطعة شمال "هام كيونغ"، كان أحد المشاركين في الحدث. الجدير بالذكر أن البنك لم يُطلق عليه اسم "فرع البنك المركزي"، مما يعكس أنه بنك إقليمي حديث الإنشاء. كما يشير لقب "رئيس مجلس إدارة البنك" إلى أن البنك حصل على بعض الاستقلالية. كما ذكرت محطة إذاعة بيونغ يانغ "بنك منطقة  جا كانغ". ومن المفترض أن هذا البنك أصبح مستقلا عن البنك المركزي أو استولى على جزء كبير من أعمال البنك المركزي. يبدو أن كوريا الشمالية أنشأت بنوكا إقليمية في سياق إنشاء مناطق تنمية اقتصادية في كل مقاطعة، وإلغاء مركزية الإدارة الاقتصادية.

سنت كوريا الشمالية قانون البنوك التجارية في عام 2006، وأعلنت عن إنشاء بنك الدولة للتنمية باستثمارات تبلغ 10 مليارات دولار في عام 2010. ومع ذلك، لم تستطع إنشاء بنوك تجارية بسرعة بسبب صعوبة جمع الأموال، إلى جانب المعارضة الشديدة من أولئك الذين تمسكوا بالاقتصاد الشيوعي ورفضوا اقتصاد السوق. لكن كوريا الشمالية عدلت قانون البنوك التجارية في عام 2015 وسمحت للفروع المحلية للبنك المركزي في المدن والمحافظات بأداء بعض الأدوار التجارية، كما وافقت على إنشاء بنوك تجارية في شكل بنوك محلية باستثمارات من الطبقة الصاعدة من الأفراد الأثرياء، والمعروفة باسم "دون جو". ونتيجة لذلك، أكملت كوريا الشمالية مشروع إنشاء عدد من البنوك الإقليمية.


المحامي "أوه هيون جونغ":

خلال الركود الاقتصادي الشديد في تسعينيات القرن الماضي، كان الاقتصاد الكوري الشمالي مشلولا تقريبا وبالتالي ضَعُف دور البنك المركزي. في ذلك الوقت، لم تكن الشركات قادرة على إنتاج السلع بشكل صحيح بسبب انخفاض الإنتاجية، ولم تتمكن البنوك من تحصيل إيرادات الشركات التي تديرها الدولة. عانت البنوك من أزمة مالية خطيرة لأن التجار الذين يكسبون المال لم يودعوا أموالهم في البنوك. في ظل حكم "كيم جونغ أون"، اتبعت كوريا الشمالية اللامركزية من خلال نقل السلطة الاقتصادية للحكومة المركزية إلى الحكومات المحلية. في مايو 2013، وضعت كوريا الشمالية قانونا بشأن مناطق التنمية الاقتصادية لتعيين مناطق اقتصادية خاصة، لكنها واجهت صعوبة في تمويل خطة التنمية. بالنظر إلى الوضع في ذلك الوقت، أعتقد أن البنوك الإقليمية في كوريا الشمالية حاولت سحب الأموال من رجال الأعمال من خلال تقديم فوائد على ودائعهم، تماما مثل البنوك التجارية. في الاقتصاد الاشتراكي المخطط، يجب على الدولة من حيث المبدأ أن توفر الأموال اللازمة لإنشاء وإدارة البنوك التجارية. لكن يُقال إن كوريا الشمالية اتخذت مؤخرا إجراء صارما للسماح للشركات بإنشاء بنوك تجارية في المناطق المحلية بعد الحصول على موافقة من البنك المركزي.


في الماضي، تعامل البنك المركزي في كوريا الشمالية مع تداول الأموال، وعمل على ضمان الطلب على الأموال والتحكم في استخدام الأموال في جميع أنحاء البلاد. لكن البنوك الإقليمية الجديدة صارت تتمتع بسلطة مستقلة وتتولى مسؤولية الإدارة النقدية في مناطقها.  


المحامي "أوه هيون جونغ":

يقال إن البنوك الإقليمية تتعامل مع 13 نوعا من الأعمال المصرفية، بما في ذلك الودائع والقروض وفتح الحسابات المصرفية وإدارتها، والتسويات المحلية والأجنبية، والعملات الأجنبية، والتحقق من الائتمان وإصدار البطاقات، وأيضا القروض وإصدار السندات ومعاملات المعادن النفيسة وتسجيل الممتلكات الثابتة والشؤون المتعلقة بالخزانة الوطنية التي كانت تدار في الأصل من قبل البنك المركزي. من ناحية أخرى، فإن صرف العملات وفتح الحسابات المصرفية الشخصية والتسوية وإصدار البطاقات والودائع هي خدمات جديدة مخصصة للبنوك الإقليمية. في السابق، كان البنك المركزي يقدم خدمات الإيداع والقروض للشركات فقط، بينما كان يقيد الخدمات للأفراد، لكن البنوك الإقليمية صارت تسمح للأفراد بفتح حسابات يمكنهم من خلالها تحويل الأموال.


على الرغم من أن البنوك الإقليمية في كوريا الشمالية تبنت بعض العناصر التجارية، إلا أنها بالتأكيد لديها قيود. ففي الشمال، يلعب التمويل الخاص دور البنوك للأفراد، حيث يقدم فائدة عالية على الودائع، ويقرض الأموال، بل ويقدم خدمة تحويل الأموال. وبالتالي لا تستطيع البنوك الإقليمية العمل كبنوك تجارية بشكل صحيح، طالما استمر التمويل الخاص في تقديم فائدة أعلى على الودائع مقارنة بالبنوك الإقليمية، وعدم ثقة السكان في البنوك.  


المحامي "أوه هيون جونغ"::

لم تصل كوريا الشمالية إلى حد إجراء إصلاحات شاملة لكنها نفذت إجراءات إصلاحية بطريقة مقيدة. ونتيجة لذلك، فإن البنوك الإقليمية ليست حرة تماما عندما يتعلق الأمر بالإدارة، تماما مثل المؤسسات. في كوريا الجنوبية، تقدم البنوك القروض لأي شخص على أساس ضمانات، طالما أن الضمان يلبي متطلبات معينة. ليس هذا هو الحال مع البنوك الإقليمية في كوريا الشمالية، حيث تقتصر خدمة القروض على دعم الشركات التي تعاني من نقص مؤقت في الأموال. أيضا، يتم إنشاء البنوك الإقليمية من ميزانية الحكومة المحلية، لذلك فهي تدعم المشروعات الحكومية أولا، بدلا من السعي لتحقيق الربح من خلال الإدارة النقدية الفعالة. دعمت البنوك الإقليمية في الصين في الغالب المشروعات الكبرى للحكومات المحلية في المرحلة الأولى من إنشائها. ومع إفلاس العديد من الشركات، رأت البنوك أن ربحيتها تزداد سوءا ووجدت صعوبة في تقديم الخدمات المالية للشركات الصغيرة والأفراد. أعتقد أن كوريا الشمالية لديها مشكلة مماثلة.


ويقول الخبراء إن كوريا الشمالية تحتاج إلى تبني المزيد من عناصر اقتصاد السوق، على الأقل للسماح للبنوك الإقليمية بالعمل بشكل صحيح. بعبارة أخرى، إذا مُنحت البنوك المحلية قدرا أكبر من الاستقلالية في خدمة القروض، يمكن للشركات تشغيل أعمالها بسلاسة أكبر.


المحامي "أوه هيون جونغ":

ستكون أدوار البنوك الإقليمية محدودة فقط، ما لم تقنن كوريا الشمالية التمويل الخاص. أولئك الذين يعملون في التمويل الخاص يطلق عليهم "تجار المال". هناك حاجة إلى إطار مؤسسي للسماح للبنوك المحلية بتلقي الاستثمار من تجار الأموال لزيادة أصولهم. أيضا، أعتقد أنه يجب أن تطبق البنوك المحلية نظام البطاقات الإلكترونية التي تُستخدم حاليا في المدن الكبرى فقط، بما في ذلك بيونغ يانغ. 


يشير إنشاء البنوك التجارية في كوريا الشمالية إلى أن النظام الشيوعي قد بدأ في إجراء إصلاح مالي بشكل جدي، لكن لا يزال هناك العديد من المهام التي يتعين مواجهتها حتى تضمن تلك البنوك تحقيق أرباح وتؤدي دورها بشكل مناسب. 

أحدث الأخبار