تم اختيار مدينة إنتشون يوم الـ27 من شهر أبريل من عام 2007 لتكون المدينة المضيفة لدورة الألعاب الآسيوية لعام 2014 ، متفوقة على منافستها مدينة نيودلهي الهندية.
وهكذا أصبحت إنتشون المدينة الكورية الثالثة التي تتمكن من الفوز بحق استضافة دورة الألعاب الآسيوية . وقد أكملت إنتشون الآن استعداداتها التي جرت على مدى سبعة أعوام كاملة ، وهي الآن على وشك أن تبهر العالم بتنظيم دورة رياضية متميزة أخرى ، تندرج تحت إنجازات كوريا المتعددة في هذا المجال.

ما الذي حدث بالضبط في إنتشون قبل 130 عاما؟ لمعرفة ذلك ، تعالوا نقوم برحلة عبر التاريخ للتعرف عما كان عليه الحال ، وكيف حدثت التطورات التي شهدتها المدينة والميناء.

تم إنشاء أول ميناء في كوريا إبان عصر الممالك الثلاث ، وكان ذلك في المنطقة الساحلية غرب "بيك جيه" حسبما تشير الوثائق والسجلات التاريخية. وقد أُطلق على الميناء اسم "إنتشون" في العام الـ13 من حكم الملك "تيه جونغ" ، أي في عام 1413. هكذا يتضح أن ميناء إنتشون لعب دورا محوريا ومهما من قديم الزمان في ربط شبه الجزيرة الكورية بالعالم الخارجي. كانت إنتشون بمثابة ميناء تجاري ومرفأ بحري للدفاع عن كوريا من أي أطماع أو مهددات خارجية. وفي أواخر عهد مملكة جوسون واجهت إنتشون تحديات تاريخية هي الأكبر والأخطر من نوعها.
رغم ذلك الافتتاح ، أو بالأحرى الفتح القهري الإجباري ، إلا أن ميناء إنتشون تطور بسرعة كبيرة نسبيا ، ليصبح ميناء ومدينة عالمية.



تطور الميناء الصغير في "جي مول بو" إلى منطقة بحرية عالمية دولية تجارية بشكل سريع. ومنذ عام 1906 بدأت المنطقة تشهد حركة بيع وشراء للأراضي من أجل تأسيس متاجر وأسواق ومخازن قريبة من الميناء ، وهو ما أدى لتوسع منطقة إنتشون ، وتعدُد المنشآت التجارية الخاصة فيها.

ومع كل تلك التغييرات والتوجهات الوافدة ، اكتسبت المدينة طابعا عالميا متغيرا. فقد بدأت التوجهات الثقافية الغربية في الانتشار التدريجي فيها ، كما شهدت إنتشون وقتها ظهور أول فندق تعرفه كوريا ، وهو فندق "ديه بُول" .

لكن الأشياء بدأت تتغير بالنسبة لإنتشون مع احتلال اليابان لكوريا في عام 1910. فقد قامت السلطات اليابانية بإدخال تغييرات كبيرة في إنتشون لتأهيلها كميناء يصلح لنقل السلع الواردة من اليابان إلى كوريا ، أو المهربة من كوريا إلى اليابان.
وبعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية في عام 1945 ، تحررت إنتشون من قبضة الحكم الياباني. غير أن ذلك لم يكن سوى فترة هدوء قصيرة وخاطفة ، إذ سرعان ما نشبت الحرب الكورية في عام 1950.
كل المنشآت والمباني في إنتشون كانت محطمة ومدمرة تماما بسبب الحرب ، لكن الحكومة الكورية بدأت في تنفيذ خطة تصنيع تستهدف التصدير من خلال إنتشون في ستينات القرن الماضي. وكان الموقع الجغرافي لمدينة إنتشون مناسبا تماما لإنشاء مجمعات صناعية ضخمة ، مثل مجمع "بو بيونغ 부평" ، ومجمع "جو آن 주안". وقد آتت كل تلك الجهود ثمارها سريعا وصارت إنتشون في وقت قصير نسبيا محورا تجاريا واقتصاديا مهما ساعد على أن تحقق كوريا صادرات بمبلغ عشرة مليارات دولار في عام 1977 . وكان ذلك إنجازا كبيرا في ذلك الوقت.

وكان افتتاح مطار إنتشون الدولي عاملا إضافيا لتنمية وتطوير المدينة. وقد أصبح هذا المطار هو الأفضل على المستوى العالمي من ناحية الخدمات لثمانية أعوام على التوالي.
ما هي أهم مزايا مطار إنتشون الدولي؟ الإجابة قد تتركز فيما يلي : خدمة متميزة تبلغ في المتوسط 12 دقيقة فقط للإجراءات الجمركية ، و19 دقيقة لإجراءات المغادرة ، وهو ما يعد أسرع بثلاث مرات مقارنة بالمعايير الدولية .



في الرابع من ديسمبر من عام 2013 أقيم احتفال ضخم في منطقة "سونغ دو" التابعة لإنتشون ، بمناسبة بدء عمل صندوق التنمية الخضراء ، الذي يعتبر مؤسسة دولية اتخذت من كوريا مقرا لها ، وتهدف لمكافحة التلوث والاحتباس الحراري والتغيرات المناخية. وفي نفس اليوم ، تم الاحتفال أيضا بافتتاح فرع البنك الدولي في نفس المنطقة ، وكلها إضافات يحق لمدينة إنتشون أن تفخر وتتباهى بها.

سيتم افتتاح دورة الألعاب الآسيوية يوم الـ19 من سبتمبر 2014 ، وقد انتهت مدينة إنتشون فعلا من تجهيز ستة ملاعب رياضية جديدة لمختلف الألعاب. وخلال تلك الدورة ، سيتنافس لاعبون من 45 دولة آسيوية في 36 منافسة رياضية مختلفة.
مجلة "إيكونومست" وضعت مدينة إنتشون الكورية من حيث القدرة على النمو والتطور في المرتبة الثانية عالميا بحلول عام 2025 ، كما اختارت الحكومة الكورية مدينة إنتشون كثاني أفضل مدينة كورية في عام 2013. ورغم أن مدينة إنتشون تعرضت للدمار الكامل بسبب الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي ، إلا أنها سرعان ما نجحت في تخطي محنتها وبناء نفسها مرة أخرى لتصبح منطقة اقتصادية عالمية ، ومركزا للعديد من المنظمات والمنتديات والفاعليات الدولية ، وأحدثها دورة الألعاب الآسيوية التي تتأهب المدينة لاحتضانها خلال هذا العام الجديد.