الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

النجار والحداد

2018-05-25


عاش حدادٌ ونجار في قرية صغيرة. بينما كان النجار يقضي أيامَه في نشر الخشب، كان الحداد يقضيها في الدق على الحديد. كان كلٌ منهما يقضي ليله ونهاره في قضاء عمله الشاق، وكان من الطبيعي أن يكون المكان الذي يعيشان فيه مكانٌ مليءٌ بالضوضاء من كل نوع. لكن بما أنهما اعتادا على الضجيج بحكم العمل، لم يشعر أي منهما بالضيق من الضوضاء التي يصدرها جاره، وبطبيعة الحال، لم يشكُ أي منهما للآخر من الأمر.

وفي يومٍ من الأيام، زار أحد النبلاء القرية المذكورة ليبحث عن مكانٍ مثالي ليبني فيه بيتًا. كان يعيش في سيول أصلًا، لكنه كان على وشك التقاعد، وكان يريد الانتقال إلى الريف. وتصادف أنه وجد بستان خيزران في بقعة تقع في المنتصف بين بيت الحداد وبيت النجار. لفت البستان نظر الرجل، وقرر أنها البقعة المثالية لبناء بيته الجديد. وبعد فترة قصيرة، جاء العمال وقطعوا أشجار الخيزران وسووا الأرض من أجل إنشاء البيت. وبعد عدة أشهر، كان البيت الجميل ذو السقف القرميدي الأحمر البديع قد تم بناؤه، وانتقلت إليه أسرة الرجل النبيل. وكانت السعادة تغمره كلما فكر في الحياة الهانئة الهادئة الوادعة التي تنتظره في ذلك المنزل الريفي البديع.

لكن سعادته، بكل أسف، لم تدم طويلًا. فلم يكن يستطع النوم ليلًا بسبب الضوضاء غير المحتملة الصادرة عن منزل جاريه: النجار والحداد. بدأ يغفو أخيرًا عند الفجر، قبل أن توقظه ضوضاء النجار والحداد مجددًا فور شروق الشمس. كان النجار يعيش على يسار منزله، بينما يعيش الحداد على اليمين، وكانا شديدي الإزعاج، حتى خيل إليه أنهما يتنافسان أيهما سيكون أكثر ضجيجًا من الآخر. 

لم يستطع النبيل تحمل الأمر أكثر، فخطرت له فكرة للتخلص من جيرانه المزعجين. أولًا، نصح النجار أن ينقل منزله من موقعه، لأنه في مكان يرمز للنار حسب المعتقدات القديمة، وهي ليست مناسبة لنجار تدور حياته حول الأخشاب. واندهش حين وجد أن النجار قد اقتنع لفوره وأبدى استعداده لمغادرة المكان فورًا، ولحسن حظ النبيل، لم يكن الحداد أقل سذاجة من جاره، فما إن أخبره النبيل أن منزله يقع في البقعة التي تمثل الماء وأنها، بالتالي، لا تناسب الحديد، اقتنع فورًا وأبدى استعداده للرحيل. سر النبيل سرورًا عظيما برحيل الرجلين، وإن كان أبدى ظاهريًا أسفه الشديد لرحيلهما. كما أعطاهما نقودًا كمساعدة منه لهما على الرحيل، وأقام لهما حفلًا خاصًا لوداعهما. كانت سعادته بحياته الهادئة المتوقعة لا توصف.

لكن حدث شيء غريب بعد رحيل الجارين. فما إن حل الليل، حتى سمع النبيل الضوضاء المزعجة المألوفة. لقد رحل النجار والحداد بلا أي شك، لكن الضجيج لم يتوقف. شعر النبيل بالدهشة والحنق، فأرسل خدمه ليستطلعوا الأمر. وعندما عاد الخدم، أخبروا سيدهم أن الحداد والنجار غادرا منزليهما بالفعل، لكن كلًا منهما سكن منزل جاره، أي أنهما استبدلا المنزلين لا أكثر.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;