الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

المروحة الحمراء والمروحة الزرقاء

2018-07-13

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش رجل فقير في قرية نائية. كان يكسب رزقه بجمع الحطب. وفي يوم من الأيام، ذهب حطابنا ليقطع بعض الأشجار على الجبل. وهناك، وجد مروحتين ورقيتين: واحدة حمراء، والأخرى زرقاء. تعجب الحطاب وتساءل عمن يمكن أن يكون قد نسي مرواح ورقية في عمق الجبل. لكنه تجاهل الأمر وتناول المروحة الحمراء وحركها أمام وجهه لتخفف عنه الحرارة التي كان يشعر بها بعد العمل الشاق. وياللعجب! هل يمكنكم تخيل ما حدث؟ لقد طال أنفه قليلًا! في البداية لم يلحظ التغير الطفيف الذي طرأ على أنفه. لكنه كلما حرك المروحة طال أنفه أكثر وأكثر. عندما انتبه لما حدث صاح "يا إلهي! ما هذا" صدم الرجل لما حدث، وربط لا شعوريًا بين ما حدث لأنفه وبين المروحة الزرقاء الغامضة. ترك المروحة الحمراء، ثم تناول الزرقاء وهوى بها وجهه لعلها تعكس ما فعلته أختها. ولدهشته، صحت نظريته، فأخذ حجم أنفه يصغر ويصغر حتى عاد إلى طبيعته. فهم الآن طريقة عمل المروحتين السحريتين. ركض عائدًا إلى منزله، ونادى زوجته، وعندما حضرت، راح يحرك المروحة الحمراء أمام وجهها، فأخذ أنفها يكبر ويكبر حتى صاحت المسكينة في جزع، فراح يحرك الزرقاء أمام وجهها فصغر الأنف وصغر حتى عاد طبيعيًا. وبعد التجربة التي أجراها الرجل على زوجته، اطمأن لأنه قد فهم الآن سر المروحتين.

وبعد مرور عدة أيام، سمع الحطاب أن أحد أثرياء الحي سيقيم حفلًا احتفالًا بعيد ميلاده. فخطرت له فكرة. كان يعرف جيدًا أنها فكرة سيئة. لكنه لم يهتم. أخفى الحطاب المروحة الحمراء بين طيات ثيابه، ودخل بيت الرجل الثري. كان يومًا صيفيًا قائظ الحرارة، وكان الرجل الثري يتصبب عرقًا. اقترب الحطاب من مضيفه وقال "أوه يا سيدي! ياله من يوم شديد الحرارة!" ثم نزع المروحة الحمراء من ثيابه وراح يحركها أمام وجه مضيفه، فكبر أنف الرجل حتى صار ضخمًا، وهنا سارع الحطاب بإخفاء المروحة والهروب من المكان بسرعة خارقة.

وما إن مرت بعض الأيام، حتى انتشر الخبر، فقيل إن الرجل الثري قد أصابه داء عضال لا يُرجى شفاؤه. كما انتشر خبر أن الثري سيعطي مكافأة ضخمة لأي شخص يستطيع إصلاح أنفه المتضخم. ذهب الحطاب إلى منزل الرجل الثري وقال "سيدي، إنك تعاني من بلاء كبير، وأنا -خادمك المطيع- أظنني أستطيع أن أساعدك للتخلص من هذا الداء الخبيث. والآن، استلقي وأغمض عينيك يا سيدي، أغمضهما جيدًا واسترخي تمامًا". وكما خمنتم يا أصدقائي، كان وقت المروحة الزرقاء قد حان! وقد صغر أنف الرجل بالفعل حتى عاد إلى حجمه الطبيعي. سر الرجل الثري سرورًا عظيمًا وأوفى بوعده، فكافأ الحطاب بمكافأة ضخمة. وبنهاية اليوم، كان كلاهما سعيدًا أشد السعادة. وليت القصة انتهت هنا يا أصدقائي، إذن لكانت النهاية سعيدة.

بعد أن صار حطابنا ثريًا نسبيًا، ترك عمله الشاق الذي لم يعد بحاجة إليه، وابتاع منزلا جميلا مريحا انتقل للعيش فيه مع زوجته. لكنه سرعان ما مل حياته الجديدة. فتذكر مراوحه السحرية. وتساءل: ترى ماذا سيحدث إن ظل يحرك المروحة الحمراء أمام وجهه دون توقف؟ إلى أي حد سيكبر أنفه؟ لم يكن ليرضيه شيء سوى التجربة العملية. فأخذ يحرك المروحة الحمراء أمام أنفه أكثر وأكثر، حتى طال أنفه وطال إلى أن صار غير قادر على رؤية طرفه، لكن هذا لم يوقفه، فظل يطيله ويطيله حتى وصل إلى السماء واخترق الجدار الفاصل بين السماء والأرض. وغضب الملك السماوي من هذا الوقح الذي مد أنفه في السماء، فأمر جنوده بربط الأنف الطويل بإحكام.

شعر الحطاب فجأة بألم في طرف أنفه. ظن أن هناك خطبًا ما في أنفه فأخرج المروحة الزرقاء وظل يحركها ليصغر أنفه ويعود له. لكن ما حدث كان عكس ذلك، فراح هو يصعد ويصعد تجاه السماء. أصيب الحطاب بالرعب، وصار يتحرك في عنف محاولًا تحرير نفسه وهو على ارتفاع عالٍ بين السماء والأرض، وبلغ عنف حركته أنه حرر أنفه المربوط، فسقط من على ارتفاع شديد على الأرض. ولم يره أي مخلوق مجددًا منذ ذلك اليوم.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;