الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الفتاة والكلب الوفيّ

2018-07-20

ⓒ Getty Images Bank

كان ياما كان، في قديم الزمان، عاشت فتاة صغيرة مع والدتها في قرية نائية. وللأسف، كانت والدة الفتاة المذكورة صاحبة داء عضال، يرقدها في فراش المرض طوال اليوم. وبسبب عجز الأم عن العمل خارجًا، توجب على الفتاة الصغيرة أن تعمل لتكسب رزقها، وتعول نفسها ووالدتها المريضة. لكنها كانت طيبة القلب نقية النفس، فلم تكن تشكو أو تتذمر. كما أنها سلكت جميع سبل العلاج المتاحة في محاولة علاج أمها، فلم تترك باب طبيب إلا طرقته، ولا دواء مهما غلى ثمنه أو عز الحصول عليه إلا جلبته، لكن، لحسرتها، لم تؤت أي من هذه الأدوية النفع المرجو منها. وكلما مرت الأيام ازداد المرض شراسة، وازدادت الأم ضعفا ووهنًا ونحولًا، وازداد شقاء فتاتنا الصغيرة، لكنها كانت واثقة أن والدتها ستشفى يومًا ما، وكانت على أتم استعداد لتحمل كل مشقة وصعوبة مهما بلغت قسوتها إلى أن يأتي ذلك اليوم.

وفي يوم من الأيام، نادت الأم على ابنتها فور استيقاظها من النوم، وقالت لها بصوتها الواهن:"أي بنيتي، لقد رأيت في منامي رؤيا عجيبة غريبة، فقد رأيت ملك الجبال وقد ظهر لي واضحًا، وقال لي بصوته المهيب: سيبرأ مرضك إن أكلتِ سمكة شبوط".. لم تنتظر الفتاة كلمة واحدة، وراحت تستعد لتخرج وتصطاد السمكة لوالدتها، فنادتها الأم مجددًا وقالت:"لا تشغلي بالك يا بنيتني، فحتى إن صدقت الرؤيا، من أين لنا الآن بسمكة شبوط في وسط هذا البرد القاسي والشتاء الذي كست ثلوجه كل شيء، حتى الأنهار والبحار تجمدت تمامًا، فكيف لنا بالحصول على السمك؟ انسِ الأمر حبيبتي، إنه مجرد حلم سخيف".

حاولت الفتاة أن تنفذ نصيحة والدتها، لكنها لم تستطع التخلص من ذلك الخاطر الذي يلح عليها: لا بد من وسيلة للحصول على السمك، إنها واثقة أنها ستستطيع الحصول عليه، لكن كيف؟ لم تكن تملك جوابًا لذلك السؤال، لكنها كانت متيقنة من النجاح. وهكذا، في اليوم التالي، أعدت عدتها للخروج وتعمقت في الجبل البعيد في اتجاه النهر، لم يكن هناك مجنون سواها في عمق الجبل في ذلك الجو، لكنها سمعت نباحًا، وحين التفتت أدهشها أن ترى كلبًا صغيرًا وحيدًا ينبح في نشاط. تعجبت لوجوده في الجبل وحده، لكنها سرت للقائه على أي حال، فقد كانت وحشة الجبل تخيفها. كان الكلب يركض حولها في مرح ونشاط. فضحكت وربتت على رأسه قائلة:"أوه! يالك من كلب لطيف! ترى ماذا تفعل هنا وحدك يا صغيري؟ أليس لك بيت؟" بدأ الكلب يتحرك في اتجاه معين ثم يعود لها، ثم يكرر فعلته، وكأنه يحثها على أن تتبعه، ففعلت.

قادها الكلب الصغير إلى بركة واسعة، كان سطحها قد تجمد تمامًا، فأخذت الفتاة المثابرة تدق على سطح البركة محاولة أن تصنع ثقبًا، وفي النهاية نجحت بالفعل. كان الكلب ينتظر ذلك، فما إن رأى الثقب، حتى قفز بسرعة كبيرة إليه وأنزل رأسه في الماء المثلج قبل أن يخرجه بعد قليل، شهقت الفتاة من الدهشة، لكن دهشتها سرعان ما انقلبت إلى فرحة عارمة حين ميزت الشيء المتحرك في فكّه! لقد اصطاد سمكة شبوط ضخمة! صاحت:"يالك من كلب ذكي! يالك من صديق رائع. شكرًا لك، شكرًا لك".وضعت السمكة في سلة كانت قد أحضرتها معها لهذا الغرض، ثم بدأت تسلك طريق العودة، والكلب يتبعها. وظل الكلب يتبعها كظلها حتى وصلت إلى المنزل، وما إن فعلت حتى اكتشفت أنه اختفى، تبخر، كأنه لم يكن!

تعجبت الفتاة وراحت تبحث عنه، لكنها لم تره في أي مكان، ووجدت في مكانه رجل عجوز. ابتسم العجوز وتحدث بنبرات هادئة بطيئة حكيمة:"لا تندهشي كثيرًا يا صغيرتي. فأنا ملك الجبل. لقد أثرت فيّ شجاعتك ومثابرتك النادرة لتساعدي والدتك. ولذلك ساعدتك أنا أيضًا. هذه السمكة هدية خاصة مني لوالدتك. أطعميها إياها، فسوف تساعدها على التحسن والشفاء". ولم تجد الفتاة أي فرصة للرد، فقد تبخر ملك الجبال في نفس اللحظة التي انتهت فيها كلماته!

هنا فقط أدركت الفتاة ما حدث، وأن الكلب الطيب الذي ساعدها لم يكن سوى ملك الجبال وقد اتخذ هيئة كلب ليعينها في مهمتها. شعرت بامتنان عميق. ثم سارعت إلى المطبخ حيث طهت السمكة لوالدتها وأعدت لها حساء سمك لذيذ. ولم يكذب وعد الملك، فما هي إلا أيام قليلة حتى تحسنت صحة الأم حتى شفيت من مرضها كليًا.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;