الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

نهاية منجم

2018-07-27

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، كان هناك منجم بارع، وكان يسير في أحد شوارع قريته ذات يوم فرأى حطابا يحمل كومة من الحطب على ظهره ويسير ببطء. كان المنجم صاحب فراسة قوية وحس لا يكذب، وقد استشعر فورا أن هناك خطب ما. أمعن النظر، واستحضر حواسه الحارقة التي تعينه على تبين خبايا الأمور، فرأى روحا خبيثة تجلس على ظهر الحطاب، ولم يكن الناس العاديون يستطيعون رؤية الأرواح، لكنه لم يكن رجلا عاديا. تبع المنجم الحطاب حتى رآه يدخل منزلا ضخما فخما، ولم تكد تمر دقائق معدودة حتى سمع صيحة جزع قوية من المنزل، فسارع بسؤال أحد الخدم عما حدث، فأجابه بأن ابنة السيد مالك المنزل قد توفيت فجأة منذ دقائق دون سبب معلوم. أسرع المنجم إلى والد الفتاة الذي أصابه الجزع، وأخبره أنه لا تزال هناك فرصة لاستعادة الفتاة، كان الأب اليائس على استعداد تام لتجربة أي شيء لاستعادة ابنته، فوافق على تلقي مساعدة المنجم.

دخل المنجم غرفة الفتاة وأخرج الجميع منها، وأمرهم بالابتعاد عن الغرفة تماما وعدم الاقتراب منها مهما حدث، ثم أقفل الباب تماما وبقى وحيدا مع جثتها. وكما توقع، رأى الروح الخبيثة التي كان قد رآها من قبل جاثمة على جثة الفتاة. بدأ المنجم في إنشاد تعويذة خاصة بطرد الأرواح الشريرة، فلم يحتمل الكائن الخبيث وترك الفتاة وراح يبحث عن مخرج في جنون، لكن المنجم كان قد أعد عدته وأقفل جميع الأبواب والنوافذ، فبدأت الروح الخبيثة تفقد طاقتها بالتدريج.

لكن الفضول كاديقتل أحد الخدم، كان يريد أن يعرف ما يحدث بالداخل، فتجاهل تحذيرات المنجم واقترب من الغرفة وصنع ثقبا في غطاء النافذة الورقي، وما إن فعل ذلك حتى استطاعت الروح الخبيثة الهروب، وأفاقت الفتاة فجأة بمعجزة حقيقية، كاد الأب يجن من السعادة وعرض على المنجم مكافأة ضخمة، لكن المنجم لم يكن مبتهجا، بل على العكس، كان عابسا متجهما، فقد كان يعرف أن الكائن الخبيث لن يتركه وشأنه، وأنه سيعود  لينتقم منه. وهكذا، رفض تسلم أي مكافآت ورحل.

ذاع صيت المنجم حتى بلغت أخباره الملك، فاستدعاه ليختبر مدى براعته، وأتى الملك بصناديق مغلقة وطلب من المنجم أن يخمن ما فيها، فأجابه المنجم أن الصندوق يحتوي على سبعة فئران، كان الملك يعرف أن الصندوق يحوي فأرا واحدا، فشعر بالإحباط وأمر المنجم أن يحاول مرة أخرى، فكرر إجابته نفسها، فغضب الملك وظن أنه مجرد نصاب يخدع الناس، فأمر بقطع رأسه فورا.

لكن الملك تعجب من إصرار المنجم الشهير على إجابته، وخطر له خاطر فاستدعى رجاله وأمر بتشريح الفأر الموجود بالصندوق، فإذا هي فأرة حبلى في بطنها سلعة فئران صغيرة. أمر الملك بوقف تنفيذ الإعدام. كان السياف ينتظر الإشارة، فإذا لف الحارس العلم لليمين فهذا تأكيد لأمر الإعدام، أما إذا أداره لليسار فهذه إشارة بإلغاء الأمر، أسرع الحارس إلى العلم ليديره يسارا وينقذ الرجل حسب أوامر الملك، لكن الروح الخبيثة التي لم تنس انتقامها طهرت فجأة، وحركت العلم إلى اليمين. وهكذا، دون لحظة تردد، أسرع السياف في تنفيذ مهمته.

هكذا انتهى منجمنا المسكين، لكن قصته توضح لنا أنه لم يكن يستطيع التنبؤ بالمستقبل، فلو كان يستطيع ذلك فعلا لتنبأ بمستقبله، ولعرف مصيره، ولما حاول إنقاذ الفتاة تحت أي ظرف.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;