الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الفأس الذهبي والفأس الفضي

2018-08-17

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، في قرية بعيدة بعيدة، عاش حطّاب شاب. كان فقيرًا وكان يعيش حياة بسيطة، لكنه كان طيب القلب لين الطبع، فلم يكن يشكو شظف العيش. كما أنه كان نشيطٌ جدًا، فكان ينطلق إلى الغابة في الصباح الباكر فيبدأ عمله الذي يستمر لساعات طويلة ليكسب رزقه ويعيل أبويه المسنين. كان يعمل بكل جد وكان يبذل كل ما لديه من جهد وقوة كل يوم دون كلل أو ملل، لكن وضع أسرته المالي لم يتحسن، كانت الكآبة تعتريه من وقتٍ لآخر، لكنه كان يتغلب عليها ويواصل الكد والتعب، ولم يشكُ أبدًا.

وفي يوم من الأيام، ذهب لقطع الأشجار كعادته، فلفت انتباهه شجرة منتصبة عند بركة صغيرة. حاول الحطاب أن يقطع الشجرة الطويلة، لكن فأسه الحديدي انزلق من يده وسقط في البحيرة. لم يدرك المسكين ما حدث لوهلة، فكل شيء حدث في لحظة بسرعة البرق، لكنه ما أن أدرك ما حل به حتى صُدم! كان المسكين بالكاد يوفر ما يكفي لنفقات الطعام، فلم يكن لديه ما ينفقه لشراء فأس جديد! أدرك حطابنا أنه لم يفقد مجرد فأس، بل فقد وسيلة كسب الرزق الوحيدة لديه، فكر في حاله وفي والديه المسنين، وغلبه القهر فجلس يبكي بحرقة.

سمع ملك الجبال صوت النحيب، فخرج من البركة في هيئة رجل عجوز مهيب ذي لحية بيضاء طويلة، وسأل الشاب:"ما بك يا بني؟ لم تبكي هكذا؟" حاول الشاب أن يتماسك وقص على الرجل ما حدث، ثم تابع "ما العمل الآن؟ إذا كنت أعيش وحدي لما اهتممت، أستطيع أن أتجول هنا وهناك وأن أعتمد على عطايا الناس لأسد رمقي، لكن ماذا عن والديّ المسنين؟ كيف أكفلهما الآن؟ كيف أعيلهما؟ يا ويلي! يا ويلي!"

هز الرجل العجوز رأسه متفهمًا، ووعد الشاب بأن يجلب له فأسه. اختفى ملك الجبال في البركة لوهلة، ثم عاد وهو يحمل فأسًا ذهبيًا، وسأل الحطاب قائلًا:"هل هذا فأسك؟" فأجابه الحطاب الأمين:"كلا، هذا ليس فأسي" فاختفى مجددًا وعاد بعد قليل وهو يحمل فأسًا فضي، وسأل الشاب:"هل هذا فأسك؟" فهز الشاب رأسه نافيًا وهو يقول مجددًا:"لا، ليس فأسي" فغاب ملك الجبال مرة أخرى وعاد وهو يحمل فأسًا حديدي قديم مهترئ، وسأل الشاب:"هل هذا فأسك؟" أجاب الشاب في فرحة عارمة:"نعم، نعم، هذا هو فأسي" ثم التفت إلى ملك الجبال بعينين مغرورقتين بالدموع وهو يقول في امتنان شديد:"كيف أشكرك أيها الملك الطيب؟ لقد رددت لي فأسي بعد أن كنت قد فقدت كل أمل في استرجاعها! شكرًا، شكرًا جزيلًا لك" ابتسم ملك الجبال وقال له:"أنت شاب أمين طيب القلب، وأنا أهديك الفؤوس الثلاثة كلها هدية جزاء لك على أمانتك" لم يكد الشاب يصدق ما سمعه من شدة فرحته، وعاد إلى منزله ليبشر أبويه، وتحسنت حالتهم المادية بشكل ملحوظ، وعاش الشاب حياة جديدة سعيدة مفعمة بالأمل.

لكن حطابنا كان له جار طماع حقود، ما إن سمع ما حدث للشاب الأمين حتى كاد الحقد يقضي عليه. فأخذ فأس حديدي قديم وانطلق للبركة المذكورة وألقى الفأس فيها عامدًا وراح يتظاهر بالبكاء. وكما هو متوقع، ظهر ملك الجبال وسأله عما به، فأجابه أنه فقد فأسه في البركة، إلى هنا تتطابق القصة مع ما حدث مع الحطاب الأمين. لكن عندما خرج الملك وهو يحمل الفأس الذهبي، سارع الرجل الجشع يقول في لهفة:"نعم، نعم، هذا هو فأسي" فنظر له الملك نظرة إحباط شديد وقال:"أنت رجل سيء جشع، اذهب ولا تعد إلى هنا مرة ثانية" واختفى من ناظريه. ظل الرجل ينتظر عودة الملك دون جدوى وعاد بخفي حنين، فهو لم يفشل في الحصول على فأس ذهبي أو فضي فقط، بل فقد فأسه أيضًا! وهذه هي عاقبة الطمع والجشع.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;