الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الخنزير الأحمق

2018-08-31

ⓒ Getty Images Bankㅍ

كان يا ما كان، في قديم الزمان، كانت هناك امرأة عجوز وحيدة، ليس لها صديق ولا رفيق، اللهم إلا كلب وخنزير هما كل ما كان لها في الحياة. وكان كلبها مثالًا للوفاء، فكان إذا سمع وقع خطوات أقدامها من بعيد أسرع يستقبلها في فرح وهو يقفز ويهز ذيله، وكان كثيرًا ما يعبر لها عن حبه، فكان يلعق يديها في حب، ويدور حولها في دوائر. كانت العجوز شغوفة بكلبها الوفي الذي كانت تجد في رفقته سلوى وفرحة. أما الخنزير، فكان دائمًا في حظيرته، لا يفعل شيئًا سوى تناول الطعام والنوم. لكن العجوز كانت تحبه كثيرًا أيضًا، فقد كان مرآه وهو يكبر بسرعة وصحة يبعث الدفء والسعادة في قلبها.

وفي يوم من الأيام، خرجت العجوز وحدها لتجمع بعض الأعشاب والخضر من على الجبل، وتركت الكلب والخنزير وحدهما في المنزل. بقي الكلب والخنزير في ساحة المنزل طوال اليوم، وكان الكلب يشعر بملل شديد، فالتفت يتأمل الخنزير الذي كان يغط في نوم عميق كعادته. قال الكلب في نفسه "ياله من حيوان عجيب، لا يفعل أي شيء طوال اليوم سوى الأكل والنوم. لا عجب أنه سمين وكسول". لم يكن الكلب يحب الخنزير كثيرًا، لكنه كان يشعر بالملل ولم يكن يريد أن يلعب وحده، فراح ينبح بصوت عالٍ حتى يفيق الخنزير. واستيقظ الخنزير بالفعل على صوت نباح الكلب، لكنه راح يتأمله بعين خاوية، دون أن يحرك ساكنًا. صاح الكلب "أنت! يالك من حيوان كسول! هيا انهض، فهناك ضيف هام ينتظرك" ضحك الخنزير ساخرًا وقال "ضيف مهم؟ ومن هو ذلك الضيف المهم؟ لا يوجد في البيت سوى أنا وأنت، فدعك من هذه الألاعيب التافهة ودعني وشأني، فأنا لا أريد أن أراك!" ثم أغمض عينيه مجددًا استعدادًا للنوم. اقترب الكلب من حظيرة الخنزير وبدا أنه قد وجد أخيرًا طريقة ليقتل الملل وقال "ماذا قلت لتوك؟ أنت نفسك قلت أننا نعيش سويا في هذا البيت، أي أننا عائلة واحدة، أسرة، فريق، فلماذا إذن لا تريد أن تراني؟ لم تكرهني؟" أجابه الخنزير "ألا تعرف لماذا أكرهك؟ حسنًا، سأخبرك! أكرهك لأنك حر تتحرك كيفما شئت أينما شئت وأنا حبيس هذه الحظيرة البائسة، أمقتك لأنك تأكل طعامًا أفضل وألذ مما آكل، لا أطيقك لأنك تنام في مكان نظيف على عكس مكان نومي. والأكثر من ذلك كله أن صاحبتنا تحبك أنت فقط. كلانا حيوان أليف، فلم أواجه أنا وحدي هذه المعاملة السيئة؟ لم أعد أتحمل هذا الظلم" بهت الكلب لكنه سرعان ما رد "ما هذا السخف؟ يالك من أحمق! ألا تعرف السبب حقًا؟ إذن دعني أخبرك يا عبقريّ! أنت تأكل أكثر كثيرًا مما آكل أنا، لذلك أنت ثقيل وكسول، وكل ما تفعله طوال اليوم هو الكسل والنوم والأكل، قل لي ماذا كنت تفعل أنت بينما كنت أحرس أنا المنزل طوال الليل؟"

فكر الخنزير مليًا فيما قاله الكلب، وقرر أن ينفض عنه الكسل وأن يجرب أن يسهر طوال الليل ليحرس المنزل كالكلب. وفي تلك الليلة، ظل ساهرًا، يروح ويجيء ويدور في دوائر لا نهاية لها في حظيرته. لكن الضوضاء التي أصدرها كل هذا أزعجت صاحبته فعجزت عن النوم، وظنت أن مرضًا ما قد أصاب خنزيرها الحبيب، فأتت له بطبيب أعشاب أطعمه الأعشاب عنوة ووخزه بالإبر الصينية، شعر الخنزير بالرعب من الإبر لكنه لم يكن يملك من أمره شيئًا، كما أنه لم يكن يفهم سبب كل هذا. فكر أنه ربما كان صوته في اليوم الماضي ضعيفًا، فقرر أن يصدر أصواتًا أعلى ليخيف أي لص هنا أو هناك. وفي تلك الليلة، راح يصدر كل الأصوات التي يستطيع إصدارها بأعلى ما يمكنه. لم تنم السيدة المسكينة لحظة واحدة، وظنت أن المرض الذي أصاب خنزيرها هو مرض عضال ولا شك. فراحت تستشير جيرانها فيما يجب أن تفعله لحل هذه المشكلة. فأشاروا عليها ببيعه فورًا قبل أن تخسر كل شيء إن مات قبل أن تفعل. حزنت السيدة حزنا شديدًا لمفارقة خنزيرها، لكن ما عساها أن تفعل؟ كانت تحب خنزيرها بشدة لأنه قوي صحيح وينمو بسرعة، أما إذا كان مزعجا ويحرمها من النوم كل ليلة، فلا حاجة لها به.

إذا كان الخنزير قد قنع بدوره وبحياته لكان استمتع بحياته الكسول الرائقة البال طوال عمره، أما حماقته ومحاولاته الغبية للفوز برضاها فقد جعلته يفقد صاحبته وحياته الرائعة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;