الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الثعبان الصغير

2018-11-02

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في زمن بعيد وبلد بعيد، عاش زوجان مسنان وحيدان، لكن كبر السن لم يؤثر في رغبتهما القوية في أن يكونا والدين لابن صالح أو ابنة بارة. وفي يوم من الأيام، صعقا عندما اكتشفا أن الزوجة العجوز قد حملت، وما هي إلا شهور قصيرة تفصلهما عن ذلك الحلم الكبير. ولا يستطيع أحد أن يصف سعادتهما الغامرة يوم جاءها المخاض، ولا ما شعرا به من إحباط وارتياع حين حدقا غير مصدقين في وليدهما الصغير، همست الزوجة "رباه! ما هذا؟؟؟" لم يكن الرضيع طفلا عاديا، بل كان ثعبانًا صغيرًا! تبادل الزوجان النظرات غير عالمين ماذا يجب أن يفعلا في هذه المصيبة! لكن أيهما لم يستطع أن يتحمل فكرة قتله أو التخلص منه، رغم كل شيء، كان الصغير صغيرهما! فأدخلاه في وعاء كبير، وقررا أن يربياه في حديقة منزلهما.

أتت ثلاثة شقيقات صغار كن يعشن في المنزل المجاور لرؤية الصغير، ففزعت اثنتان عندما رأينه، بينما ابتسمت الثالثة في حنان، وراحت تربت عليه في رفق وقالت:"ياله من ثعبان صغير لطيف! مبارك لكما على ابنكما الثعبان الصغير". بدا على الثعبان إمارات الدعة والهدوء والاستكانة، وكأنه يشارك الفتاة مشاعرها الطيبة.

كبر الثعبان بسرعة كبيرة، وفي يوم من الأيام قال لأمه:"أماه! أريد أن أتزوج الابنة الثالثة التي تعيش في الجوار" ردت أمه "لكن يا بني، ليس من السهل أن تقنع فتاة بشرية بالزواج من ثعبان!" لكن الفتاة سمعت حديثهما وقالت في خجل:"بل يسرني ويشرفني أن أقبله زوجًا لي!". لم يكن خبر زوجهما المرتقب سارا بالنسبة لأهلها الذين عارضوا الزواج بعنف إلى أن اضطروا للاستسلام عندما تمسكت الابنة بموقفها تمسكا شديدا.

وفي ليلة الزفاف، ساعدت الفتاة الشابة زوجها الثعبان على الاستحمام بالماء الساخن، استئذنها ليبدل جلده كما تفعل الثعابين، لكن دهشتها كانت عارمة عندما وجدت جلد الثعبان ينسلخ ليُظهر شابًا بشريًا وسيمًا! قال لها "أوه يا حبيبتي! شكرًا لك ﻷنك وافقت على الزواج بي!" ثم غنى بصوت شجي:"أيها القمر العزيز، إذا صادفت زوجتي، فاجلبها لي، فإنني أشتاق إليها شوقًا عظيمًا". احتفظ الشاب بجلد الثعبان وكان يحرص عليه كل الحرص. وقرر بعد فترة أن يلتحق بالخدمة الحكومية العامة، فسافر إلى العاصمة ليخوض الاختبارات اللازمة وقبل أن يسافر قال لزوجته "أي حبيبتي، يجب أن تحرصي على جلد الثعبان أشد الحرص في غيابي، لا تجعلي أي شخص يراه، ولا تضيعيه أبدًا". وضعت الزوجة جلد الثعبان في حقيبة صغيرة، وراحت تحملها معها في كل مكان.

وفي يوم من الأيام، زارتها شقيقتاها، كانتا تشعران بالحقد والغيرة لأنها تزوجت بشاب وسيم لطيف يحبها حبا شديدا، رأت إحداهما حرص الزوجة على الحقيبة فظنت أن بها شيئا ثمينًا، فانتزعتها بالقوة، ولما لم يجدا فيها سوى جلد ثعبان قديم، شعرتا بالاشمئزاز، وألقت إحداهما الجلد في نيران المدفأة، وفي لحظة، احترق الجلد وصار دخانا واختفى. وكذا فعل الزوج!

ظلت الزوجة المسكينة تنتظر عودة زوجها دون جدوى. شعرت أن حرق جلد الثعبان له علاقة بالأمر، فقررت أن ترحل للبحث عنه ولا تعود من دونه. وبينما هي تسير على غير هدى، رأت غرابًا، فسألته:"هل رأيت زوجي؟" أجابها:"أعدك أن أخبرك إن جلبتِ لي 100 ذبابة نار لتزيني ريشي بها" فعلت الزوجة ما أُمرت به دون نقاش، فسر الغراب وأشار في اتجاه معين. سارت الزوجة في الاتجاه الذي أشار إليه، وبينما هي تسير قابلت امرأة عجوز فسألتها:"المعذرة، سيدتي. هل رأيتِ زوجي؟" قالت:"سأخبرك إن أنتِ غسلتِ لي ملابسي!" وعندما فعلت، أشارت لها العجوز في اتجاه معين، فسارت فيه إلى أن قابلت مزارعًا، فسألته:"سيدي، هل رأيت زوجي؟" فقال:"سأخبرك إن أنت حرثت لي الحقل كله!". ففعلت. فأخبرها الفلاح بمكان زوجها.

وبعد رحلة طويلة صعبة مرهقة، وصلت الزوجة إلى بيت غريب، ولسعادتها الغامرة، وجدت زوجها هناك. اختبأت خلف الشجرة وراحت تغني:"أيها القمر العزيز، إذا صادفت زوجي، فاجلبه لي، فإنني أشتاق إليه شوقًا عظيمًا". اندهش الزوج عندما سمع الأغنية التي يعرفها جيدا. كان لقاؤهما دافئًا وقد اشتاق كل منهما إلى الآخر بشدة. قال الزوج:"أي حبيبتي! لقد ظننت أنك حرقتِ جلدي متعمدة لأنك زهدتِ فيّ، فكرهت أن أعود رغمًا عنك! لكن بما أنني أفهم الآن ما حدث، فأعدك ألا أتركك ثانية أبدًا". وعاش الزوجان حياة سعيدة هانئة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;