الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الأحمق

2019-02-01

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، حصل صبي على هدية قيمة من عمه، فقد أهداه ثورًا، وكانت الثيران في ذلك الزمان مفيدة للغاية، ولها فوائد اقتصادية كبيرة، فلم تكن تعد مجرد أداة مفيدة في الزراعة أو ما شابه، بل كانت تعد ثروة حقيقية. كان الصبي سعيدًا للغاية لحصوله على تلك الهدية القيمة غير المتوقعة. وسار مع الثور عائدًا إلى منزله. لكن الثور كان كبيرا وقويا مقارنة بالصبي، فلم تكن العودة إلى المنزل بصحبته أمرًا سهلًا على بطلنا الصغير الذي راح يتصبب عرقا من المشقة. وعلى الطريق، رآه بائع سمك على حصان وقال:"أليس من الصعب على صبي صغير مثلك أن يقود ثورًا ضخمًا كهذا؟ لم لا تعطيني هذا الثور وتركب حصاني بدلًا منه؟". اقتنع الصبي بما قاله بائع السمك، فأعطاه ثوره وامتطى الحصان.

وبينما كان يصعد على تلة، راح الحصان يلهث بشدة. وعندما وصلا إلى قمة التلة، رأى الصبي تاجر حرير مع عنزة صغيرة. نظر التاجر إلى الصبي بشفقة وقال:"يالك من صبي مسكين! إن حصانك هزيل لا يكاد يقدر على التقاط أنفاسه. لا أظن أنه سيعيش طويلًا. أنت صبي لطيف وأنا أريد أن أساعدك، لم لا تبادلني عنزتي بحصانك؟ فالعنزة حيوان سهل التربية، كما أنك تستطيع الحصول على حليبها المغذي الشهي، ياله من حيوان مفيد!". كانت ابتسامة الصبي تتسع أكثر فأكثر مع كل كلمة ينطقها الرجل. فسارع بتسليم الحصان إلى تاجر الحرير وأخذ العنزة.

وبينما كان الصبي يصطحب عنزته الجديدة نازلا من على التلة، قابل بائع بيض. راح البائع يتأمل العنزة ويطقطق بلسانه. "يالها من عنزة ضعيفة عجوز. هل هي مريضة؟ أم ما خطبها؟ لا بد أنها تحتضر". صعق الصبي وقال:"ماذا؟ لا، لا. لقد ظننت أنني سأربي هذه العنزة وأحصل على حليبها الشهي، لا يجب أن تموت!". طيب بائع البيض خاطره قائلًا:"لا تقلق يا صغيري. أظن أنني أستطيع العناية بعنزتك. ألا تريد أن تعطيني إياها لتنقذها؟ في المقابل، سأعطيك عشر بيضات في سلة قش. أضمن لك أنه بيض طازج للغاية. وإذا أبقيتها دافئة، قد تفقس ويخرج منها أفراخ صغيرة تبيعها في السوق. سوف تكسب الكثير منها". اقتنع الصبي الصغير بكلام بائع البيض، وبلا لحظة تردد، أعطى البائع عنزته مقابل البيضات العشر.

ظل الفتى يسير في طريقه وهو يحمل البيض. وبعد فترة طويلة، رأى قريته في مرمى البصر. كما رأى امرأة تجري تجاهه. كانت تحمل لفافة على رأسها. ابتسمت للصبي ابتسامة طيبة وقالت:"يا بني، أنا بائعة متجولة أبيع مستلزمات النساء، لم لا تعطيني هذا البيض مقابل أحد الأغراض التي أبيعها، مثل إبر الخياطة مثلا، لا شك أن والدتك ستحب الإبر كثيرا. فالبيض متوفر في كل مكان، أما مستلزمات الخياطة فليست كذلك. ما رأيك؟" لم يكن الأمر يحتاج لطول إقناع، فقد قرر الصبي أن يبادلها بمجرد أن قالت إن والدته ستحبها.

وهكذا، ركض الصبي في اتجاه المنزل وهو يحمل إبرته في سعادة. كان التفكير في وجه والدته السعيد يبث السعادة في نفسه. كان يعبر جدول الماء قفزا على الصخور كي لا يبتل، لكنه الإبرة سقطت منه في الجدول. راح يبحث بكل حرص في الماء، لكنه لم يستطع أن يجد الإبرة وسط الماء الجاري. شعر بالإحباط والحزن، ورحل آسفا.

وهكذا، فقد بادل بطلنا الأحمق الثور الثوي بحصان، ثم بادل الحصان بعنزة، ثم بادل العنزة بعشر بيضات، وبادل البيض بإبرة فقدها في النهاية في جدول ماء، وعاد إلى منزله صفر اليدين.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;