في تقديري الشخصي ، ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع ، فإن الكوريين ، نساء ورجالا ، هم أجمل شعوب منطقة شمال وربما جنوب شرق آسيا ، وهم بالتأكيد أكثرها أناقة واهتماما بالمظهر، وسيؤول صارت عاصمة من عواصم الموضة في القارة الآسيوية على الأقل ، إن لم نقل في العالم أجمع .

ورغم ذلك فقد علمت ، من خلال عدد من التقارير التي اطلعت عليها ، أن معدل عمليات التجميل ، على اختلافها ، هو الأكبر في القارة الآسيوية على الإطلاق ، بل أن الأمر صار ظاهرة أقرب للصرعة والهوس بالنسبة للكثير من الفتيات ، وقد علمت أن أحد أبرع وأمهر أطباء التجميل مرتبط ل5 أو ربما 7 سنوات قادمة ، رغم أنه يقوم بتنفيذ عملية جراحية تجميلية كل يوم أو اثنين ، وأن قائمة الانتظار قد تضخمت حتى بلغت عدة أصفار.

أكثر العمليات التجميلية المنتشرة وسط الكوريين ، هي عمليات توسيع العيون ،والأمر مفهوم ومعقول إذا ما ظلّ في هذا النطاق، فالكوريون ، مثلهم مثل بقية الشعوب المغولية ، يعانون من مشكلة ضيق العيون ، بسبب أن عيونهم ذات جفون مزدوجة ، وتلك خاصية خلقية طبيعية ، مثل السواد والبياض ، والشعر المجعد والناعم ، ولكنهم من خلال التطور الطبي ، اكتشفوا أن إزالة ازدواج الجفن ، وهي عملية جراحية ليست صعبة ، تجعل العيون أكثر اتساعا وأكثر جمالا. تقويم الأسنان أو الأنف ، أو شفط الدهون من البطن أو الأرداف ، كل هذه مسائل عادية ومفهومة وربما مطلوبة لمن يعانون من مثل تلك المشاكل ، ولكن ، من خلال التقارير التي قرأتها فقد بدأ الأمر يتعدى ذلك بشكل غريب ، حيث بدأ البعض ، خاصة ممن يملكون إمكانيات مالية كبيرة، يحاول إعادة خلق ما خلق الله ،وعلمت أن بعض الأطباء والفنيين ، من الباحثين عن الكسب المادي والثراء الفاحش شرعوا في إضفاء شكل تجاري بغيض للأمر ،بل أن بعضهم ، من خلال تقنيات وخدع إلكترونية ، يرسم صور حوريات ذات جمال ملائكي أخاذ لبعض المراهقات الساذجات ويقنعهن بأن تنفيذ الأمر على أرض الواقع ممكن ، وكل شيء بحسابه ، ومن المؤكد أن مثل هذا الأمر خطير جدا ، من جوانب وأبعاد مختلفة ، صحية ونفسية وتربوية واجتماعية.

من الأشياء الطبيعية الجميلة التي أنعم بها الله على الكوريين الشعر الأسود الفاحم والغزير ، ولون البشرة الأصفر البرونزي ، ولكن رغم ذلك ، فهناك من يحاولون اكتساب الشعر الأشقر أو الكستنائي الذي لا يتجانس مطلقا مع الملامح المغولية ، أو اللون القوقازي الأبيض ، وقد قرأت عن تقنية جديدة يتم تطويرها في كوريا لتبييض لون البشرة بواسطة أشعة الليزر ، وأن عدد من شركات صناعة مستحضرات التجميل تجري الآن أبحاث مكثفة لتصنيع مواد شديدة الفعالية في مجال تبييض البشرة بعد أن لاحظت تهافت النساء على المبيضات الموجودة الآن في السوق.
يحدث هذا في وقت تتحدى فيه الكثير من الغربيات التحذيرات الطبية من مخاطر حمامات الشمس بهدف اكتساب لمحة خفيفة من السمار .

التجمّل ، خاصة بين الفتيات والمراهقات ، خاصية غريزية فطرية ، والبحث عن مزيد من الجمال أمر مشروع وربما مطلوب ،ولا غبار عليه حتى لو كان ممن يرفضون الخضوع لأحكام منطق الزمن أو الاستسلام لعاديات الدهر ،ولكن بشرط أن يظل في النطاق الطبيعي المعقول ، ولكنه إذا ما تجاوز ذلك ووصل حد المبالغة ، فلربما ، أضحى حالة مرضية ،لأن كلما فات حده ، صار ضده ، ولنا في طيب الذكر مايكل جاكسون أسوة حسنة ، فقد كان فتى أسمر اللون ، وسيم التقاطيع ،جذاب الملامح ، ولكنه صار بعد سلسلة من جراحات التجميل المتتالية ، مسخا مشوها ، أشبه بالشمطاء الثملة ، ذات اللون الذي يذكرنا بلون بياض بطن سمكة ميتة.