الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

حول الحجاب والنقاب في كوريا

2005-09-15

سيول بانوراما

حول الحجاب والنقاب في كوريا
الموضوع الآخر ، والمختلف تماما عن موضوع الحلقة الماضية ، والتي طلبت مني المستمعة الشابة ميران فتحي التعرض له هو موضع يتعلق بالحجاب والنقاب في كوريا وسألت عن كيفية تعامل الكوريين مع المرأة المحجبة والمنقبة وهل يمكن لها أن تعمل دون مضايقات.

في البداية أود أن أقول للآنسة ميران بأن عدد المسلمين في كوريا ، سواء من الكوريين أو الأجانب المقيمين ، لا يزيد عن بضعة عشرات من الألوف ، و99% منهم من الرجال باعتبار أن أغلبهم من العمال المهاجرين ، وعلى هذا فإن عدد المسلمات ، وبالتالي المحجبات قليل جدا ولكنهن على أي حال موجودات ، وربما يوجد عدد أقل من أصابع اليد الواحدة من المنقبات.

ومبلغ علمي ، وحسب ما يتوفر لي من معلومات ، لم يحدث أبدا أن تعرضت أي محجبة أو منقبة لأي شكل من أشكال المضايقات أو التمييز في كوريا. الكوريون شعب له حضارة عريقة لا تقل عن خمسة آلاف سنة ، وهم شديدو الاعتزاز بحضارتهم وتقاليدهم وانتمائهم الثقافي ، وقد تعرضوا لمحاولات استعمارية شرسة للاستلاب الثقافي وطمس معالم الهوية ، ولهذا فهم شديدو التفهم للخصائص والخصوصيات الثقافية للشعوب والبلدان الأخرى ، ويحترمونها ويقدرونها جدا ، طالما أنها لا تتعارض مع القوانين ولا تعرض أمن البلاد للخطر.

وهكذا نجد أن تعاملهم مع أمر الحجاب والنقاب يندرج في هذا الإطار حيث يعتبرونه ممارسة دينية ثقافية خاصة متعلقة بمفاهيم وقناعات الشخص الذي يمارسها ولا تشكل خطرا مباشرا على أمن البلاد أو نسيجها الاجتماعي.

والكوريون ، بغض النظر عن كل مظاهر التحرر والتبرج والتأثر بالغرب ، ورغم تعدد الأزياء والموضات والتقاليع، خاصة تلك التي تراها في المصــايف ، أو حتى في الشــوارع خلال موســم الصـيف " القصير " جدا في كوريا ،هم شعب محافظ في دواخله ، و"الهانبوك " وهو الزي التقليدي في كوريا ، والذي أصبح استعماله الآن مقتصرا على الأعياد والمواسم والمناسبات هو زي في غاية الاحتشام إذ أنه لا بدّ من أن يكون فضفاضا وطويلا بحيث يصل إلى الكعبين وكاسيا غير شفاف وهو عادة ما يكون زاه ومشرق الألوان ولا يغطي شعر الرأس.

والمحجبات في كوريا هم في العادة من ربات البيوت بحكم أنهن غالبا ما يكن زوجات لدبلوماسيين أو رجال أعمال أو عاملين في القطاعين الخاص والعام ،وعلى هذا فقد تختلف أشكال حجابهن حسب بلادهن ومجتمعاهن ، وهناك عدد قليل جدا من المسلمات الكوريات ممن لا يرتديّن الحجاب إلا للصلاة والحضور للمناسبات الدينية في المسجد.

ولم أسمع يوما عن أي شكوى صدرت من إحداهن ، بل أذكر إنني خلال زيارة سابقة لأحد المصانع في ضواحي سيؤول شاهدت فتاة شرق آسيوية ، تقوم بعمل يدوي شاق في أحد أقسام ذلك المصنع وهي في كامل حجابها ، وقد أخبرتني أن صاحب المصنع متفهم تماما لقناعاتها الدينية، ويعاملها على قدم المساواة مع غيرها من الرجال ويتفهم بعض التجاوزات والهنات الطفيفة التي قد يفرضها ارتداؤها الحجاب أثناء العمل.

أما المنقبات، وأنا شخصيا لم ألتق سوى باثنتين أو ثلاثة منهن طيلة فترة بقائي في كوريا ، فقد تكون المضايقة الوحيدة التي يتعرضن لها هي نظرات الفضول والاستغراب وربما التوجس ، وقد حكا لي أحدهم قبل سنوات حكاية طريفة ، حيث كان هناك طفل سيدة منقبة يدرس في إحدى المدارس القريبة من منزلهم ، وفي أحد الأيام أعطت إدارة المدرسة خطابا للطفل لإخطار والديه بأنه سيتأخر في العودة لمنزله في اليوم التالي بسبب مناسبة مدرسية ، ونسى الطفل أن يعطي الخطاب لوالديه ،وفي اليوم التالي ، وعندما تأخر حضور الطفل لمنزله ساعة وساعتين ،جنّ جنون الأم ، ولبست نقابها الأسود ،واندفعت لا تلوي على شيء حتى وصلت باب المدرسة واقتحمته ودخلت مندفعة لتستفسر عن طفلها ، وكان التلاميذ وقتها منتظمين في طوابير في فناء المدرسة ،كما تقتضي المناسبة ، وما أن رآها التلاميذ حتى شرعوا في الصراخ والاستغاثة والجري في مختلف الاتجاهات، وساد الهرج والمرج واختلط الحابل بالنابل.

وبعد عودة الهدوء وتبيّن حقيقة الموضوع ،تبيّن لتلك السيدة المنقبة، أنه حسب ما غرسته ثقافة الأحاجي والأساطير الكورية في ذهن الطفل الكوري ، فإن الشيطان هو كائن متشح بالسواد من شعر رأسه وحتى أخمص قدميه ، ولذا فعندما اقتحمت تلك الأم المنقبّة والملهوفة على طفلها فناء المدرسة مهرّولة ، تأكد للأطفال أن مدرستهم تعرضت لغزو وهجوم شيطاني رجيم.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;