الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

حول الكوريين والتعليم الجنسي

2007-01-11

سيول بانوراما

حول الكوريين والتعليم الجنسي
لا يصعب على أي شخص أجنبي يعيش في كوريا لفترة من الوقت أن يتأكد من أن المجتمع الكوري الحقيقي هو مجتمع محافظ ومتمسك بالكثير من تقاليده وحريص على الكثير من القيّم والأخلاقيات. ولكن ذلك لا يمنع أن المجتمع قد بدأ يدفع ضريبة التقدم الاقتصادي والتطور الصناعي في شكل الكثير من مظاهر التفسخ والانفلات .

وفي الواقع فإن مثل تلك المظاهر ، وإن كانت ما تزال في حدود المعقول ، أو المقدور على مواجهته، إلا أنها موجودة في أشكال وصور متعددة. هناك عدد من مواخير وعلب الليل بشكل ظاهر ومستتر ، وهناك في بعض الطرق والساحات تجمعات لا تخطئها العين لمومسات وقوادين بالشكل التقليدي المعروف ،وهناك وجود ملحوظ لعدد من الفاتنات الممشوقات الشقراوات القادمات من بلدان أوروآسيوية قريبة ممن يتبخترن في الطرقات وممن جئن في مهام تجارية حسب الأوراق الرسمية ولكنها ليست تجارية تماما بالمعنى المعروف وربما تجارية من نوع خاص.

المهم هناك كثير من مثل تلك المظاهر التي تهدد بتغيير النسيج الاجتماعي المحافظ للمجتمع الكوري ، ولكن ما يثير قلق وتوجس البعض الآن ، ليس تلك المظاهر ، وإنما ما تعج وتكتظ به شبكة الإنترنت التي تعتبر كوريا الجنوبية الآن واحدة من أهم قلاعها ، حيث تحتل كوريا الآن مركزا متقدما من حيث نسبة استعمال وانتشار شبكة الإنترنت في العالم، كما أن دراسات عالمية مثبتة تؤكد أن كوريا هي ثاني أو ثالث دولة من حيث استعمال المراهقين والأطفال لشبكة الإنترنت.

والأمر هكذا، فإن شبكة الإنترنت التي تحتوي على ألوف من المواقع الجنسية الإباحية والخليعة ، والتي تعرض على المكشوف أعدادا لا حصر لها من الأفلام والصور ، الثابتة والمتحركة ، ومن كل لون وجنس وشكل وسحنة ، وبكل الطرق والأساليب ، صارت مشكلة حقيقية لدولة مثل كوريا ، وتهديدا لنسقها ونسيجها الاجتماعي ، وخاصة أن المراهق الآن ، ومن خلال مجرد نقرة ، يستطيع أن ينقل إلى داخل غرفة نومه عالما بأكمله من الترفيه غير المباح ومن الأشياء التي كان حتى وقت قريب لا يستطيع مجرد تخيلها دون إحساس بالذنب أو حتى الحديث عنها مع أصدق أصدقائه.

ولما كانت شبكة الإنترنت قادرة على إدخال صور ومفاهيم جنسية مشوشة وغير سوية في أذهان أولئك الأطفال ، شعر بعض المسئولين في مجالات التربية والتعليم بضرورة التصدي للأمر ، وعدم ترك الحبل على الغارب ، وذلك من خلال توعية وتثقيف الشباب والأطفال ، وتبصيرهم بحقيقة الكثير من المعلومات الخاصة بالجنس وبالتربية الجنسية ، حتى لا يقعوا فريسة لقراصنة الإنترنت ، ولما كانت الشبكة تقدم فيضا من المواد الجنسية الخليعة ،ودون ستر أو مواربة أو وازع أخلاقي من أي نوع فقد شعر المسئولون أن الطريقة التقليدية القديمة ، التي تخفي أكثر مما تكشف ، وتقدم رجلا وتؤخر رجلا ، ليست مفيدة ولا مجدية ، وقد اتخذت الجهات المسئولة بالفعل قرارا بإدخال التربية الجنسية كمادة دراسية ، بعدد ساعات محددة في العام ، ابتداء من العام 2008 ، وتقرر عرض وفتح الموضوع للنقاش والحوار الواسع ، خاصة بعد أن تبين أن هنالك نسبة ليست قليلة من أولياء الأمور ،تعارض إدخال الجنس كمادة في المناهج التعليمية لأبنائها.
خير فعلت الجهات المختصة بالتصدي للأمر وتدريس التربية الجنسية للطلاب وحتى التلاميذ ،على ضوء المتغيرات والمستحدثات الجديدة التي جاءت مع عصر الإنترنت ، بحيث صار الأمر مستحقا للتصدي والمواجهة، وليس بدسّ الرؤوس في الرمال كما تفعل النعامة المفترى عليها. ولكن ، ونسبة لحساسية الأمر ، فلا ينبغي التعامل معه بعشوائية ، أو تهاون ، حيث يجب في البداية تأهيل معلمين متخصصين ومدربين مهنيا ومنهجيا ومزودين برؤية علمية شاملة وقادرين على عرض وتقديم المعلومات بأسلوب علمي متخصص.

أقول هذا وفي ذهني الخبر الذي قرأت عنه في صحيفة كوريا هيرالد قبل أيام عن ذلك المعلم ، الذي تفتقت قريحته ، خلال حصة التعبير الحر ،عن إحضار واق ذكري والتحدث عن فوائده ومزاياه العديدة ، مما أثار بلبلة وسط التلاميذ وسخطا وسط أولياء الأمور الذين طالبوا بمعاقبة المعلم. قد يكون المعلم قد فعل ذلك بدافع من حماس أو حسن نية ،ولكنه نسي أن الخوض في أمر كذلك ، دون تهيئة نفسية كاملة للطلاب والتلاميذ قد يكون بمثابة رسالة خاطئة للمراهقين مفادها أنهم لا يرتكبون أي خطأ طالما هم ملتزمون بالتعليمات الصحية.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;