من يشاهد أفراد أسرة كورية يسيرون جنبا إلي جنب يلاحظ أن الشاب المراهق الكوري يتفوق على والده في الطول بصورة واصحة، وإن المراهقة الكورية تتميز بقوام ممشوق فارع وقد سمهري طويل مقارنة مع والدتها الأقصر قامة. عندما سعيت لأجد تفسيرا لذلك التباين، مع أن الجينات الوراثية واحدة بالطبع ، وجدت أن السبب لا بد أن يكون متعلقا بوجود اختلافات وتغيرات في الأنماط والعادت الغذائية وفي الممارسات الرياضية، وقد اتفق معي الكثيرون أن بأن هذا هو السبب بالضبط ، حيث انفتح الجيل الجديد في كوريا على المطبخ الغربي وعلى الملعب الغربي إن جاز التعبير، فلم يعد الشباب من صغار السن ملتزمين بالعادات والتقاليد الغذائية القديمة وصاروا يفضلون الأكلات والوجبات الغربية مثل الهمبورجر والبتزا والآيسكريم، كما صاروا يمارسون أنواعا مختلفة من الرياضة مثل كرة السلة والكرة الطائرة والبيزبول والسباحة، ويبدو أن كل ذلك قد انعكس على المراهقين في شكل بوصات إضافية في الطول.

عندما تحدثت حول هذا الأمر مع أصدقاء كوريين اتفقوا معي، وأكدوا أن المراهق والمراهقة الكورية يبدوان الآن أكثر جمالا وأناقة ورشاقة مقارنة مع الأب أو الأم ولكن أوهي عودا ،وأضعف لياقة ، وأقل تحملا، ويفتقر للقوة البدنية التي يتمتع بها والده. وكان قد لفت تظري فعلا أن الكثيرين من أفراد الشعب الكوري يتميزون بقوة بدنية ولياقة جسمانية عالية حتى في حالة تقدمهم في السن. على الرغم من أن الكوري مدخن من الطراز الأول ومعتاد على تناول السوجو بشكل يومي ، والسوجو هو الشراب الشعبي الكحولي الأول في كوريا. أذكر مرة إنني ارتحلت من شقة إلى أخرى في الطابق الثالث من عمارة ،وتعاقدت مع محل صغير لنقل أمتعتي وأثاثاتي، وفي الوقت المحدد جاء رجلان في الأربعينات وربما في الخمسينات، وكل ما معهما سيارة نقل وحبل. ساعد الرجل الأول الرجل الثاني على إحكام تثبيت ثلاجة 20 قدما على ظهره ، ثم ساعد الثاني الأول على حمل دولاب على كاهله، ومضيا يصعدان السلم في هدوء، وكررا نفس العملية مرة ثانية وثالثة مع أي أشياء أخرى ، وفي النهاية أخرج كل واحد منهما علبة سجائر وأشعل سيجارة وراح يدخنها في استرخاء عميق دون أي مظاهر تعب أو إرهاق، وللحقيقة فقد أصبت ، وأنا أتابعهما من النافذة ، بلهاث وخفقان شديد في القلب، رغم أنني كنت مكتفيا بمراقبتهما مكن خلال النافذة ورغم أنني لا أدخن.