الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

المكتوب على الجبين:

2013-03-26

سيول بانوراما

المكتوب على الجبين:
" المكتوب على الجبين لازم يبين" هو مثل نردده في العديد من البلدان العربية بألفاظ وكلمات وأشكل مختلفة . وهو مثل في حقيقته يعني الأشخاص القدريين الذين يؤمنون بأن كل شيء مقدر ومكتوب وقسمة ونصيب لا فرار منه مهما كانت الظروف لأنه المصير المكتوب، والآيات القرآنية في هذا المعنى عديدة وواضحة ومنها "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " و " كل شيء خلقناه بقدر" و" كل شيء أحصيناه في إمام مبين " . والناس في هذا الأمر أنواع فمنهم من يركن لمصيره وقدره باعتبار إنه عبد مسيّر وبالتالي ليس عليه سوى الامتثال لقدره، وهناك من يحاول أن يتعرف على ما يخبئه له القدر والمصير حتى لو كان ذلك عبر أشياء وممارسات هي في نهاية الأمر مجرد دجل وضلال وإفك واستغفال من كهانة وتنجيم وضرب ودع وقراءة كف وقراءة بخت وقراءة فنجال وما إلى ذلك وهي أشياء منتشرة في العالم العربي ولكثير من البلدان الإسلامية رغم أنها أشياء مما أنكرها ونفاها الدين في عدد من الآيات والأحاديث.

والأمر بالطبع ليس حكرا على البلدان العربية ولا مقتصرا على دول العالم الثالث وحدها فهو أمر شائع وممارس في العديد من الدول الغربية المتطورة ، بل أنني أذكر أنني شاهدت في قلب نيويورك مكانا فخما يعج بالناس ظننته مؤسسة كبرى ودهشت عندما اكتشفت إنه مجمع لقراءة الحظ والطالع من كف وفنجال وأشياء كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان. وإخواننا الكوريون ليسوا استثناء ، بل هم من أكثر الشعوب إيمانا بقراءة الحظ والمستقبل بوسائلهم الخاصة التي ربما تختلف بعض الشيء لكنها في النهاية تصب في نفس البحر. ورغم أن الشباب الكوري الجنوبي هو الآن من بين أكثر الشباب في العالم ارتباطا بعالم الاتصالات والمعلومات والتطور الرقمي الإلكتروني التكنولوجي المذهل ورغم إن أغلب هؤلاء الشباب يعيشون عمليا ولساعات طويلة من يومهم داخل الشبكات العنكبوتية المتعددة وفي العوالم الافتراضية الكثيرة وإن لكل شاب مدونته الإلكترونية الخاصة وإن عدد مقاهي الإنترنت ومراكز الألعاب الإلكترونية صارت في كوريا أكثر من الهم في القلوب، إلا أنه من المألوف والعادي جدا أن تجد أعداد كبيرة من الشباب الكوري خاصة في مواسم الامتحانات أو التعيينات في الشركات والمؤسسات الحكومية وهم متكدسون أمام محلات الكهانة والتنجيم وهم يدفعون بسخاء للحصول على معلومات بخصوص حظوظهم ومستقبلهم حسب الطرق والأساليب المعمول بها هنا في كوريا وأشهرها نظام "الساجو SAJU " وهو نظام لقراءة الحظ والمستقبل ويعتمد على تداخل أشياء جوهرية مثل تاريخ الميلاد من حيث اليوم والشهر والساعة بجانب قراءة ملامح الوجه في بعض الأحيان. الغريب والمحير هو أنه في عدة استطلاعات شملت أعداد هائلة من الشباب حول هذه الممارسات أجابت الأغلبية الساحقة من هؤلاء الشباب بأنهم لا يؤمون بها وواثقون بأنها مجرد خرافات وأساطير لكن ممارساتها ما تزال في حالة تزايد وتصاعد حسب استطلاعات وإحصائيات متعددة كذلك وخاصة في أوساط الشباب.

المحلات التي تجري فيها هذه الممارسات محلات أنيقة ومصممة بشكل يضفي عليها الكثير من الغموض والغرابة من ناحية إضاءة وديكور ونقوش ولوحات وعطور ويبدو أن ذلك أمر مقصود منه توفير الإيحاء النفسي المطلوب عند الزبون حتى يدفع بسخاء خاصة عندما تكون المعلومات المقدمة سعيدة ومبشرة ، والأجور التي تُدفع لقراءة البخت مرتفعة جدا في بعض الأحيان وخاصة في المواسم والمناسبات المرتبطة بها.
الأمر في كوريا ليس مرتبطا بالشباب وأيام الامتحانات والتعيينات وحده بل فإن الكبار ، أحيانا ، لا يقدمون على شراء منزل إلا بعد زيارة كاهن أو عراف ليقرأ خريطة الحظ الخاصة بذلك المنزل ويعطي الضوء الأخضر أو يمنعه مقابل مبلغ مالي معتبر.
صحيح أن المكتوب على الجبين لا بد وأن يبين فكل شيء بقدر لكن ومهما يكن الأمر ، شكلا أو اسما، تنجيما أو كهانة أو قراءة كف أو فنجان أو ضرب ودع أو ضرب رمل أو ساجو أو أبراج أو كتب صفراء صينية قديمة فكلها مجرد رجم بالغيب وكذب المنجمون ولو صدقوا أو كما قال صلوات الله عليه وسلامه.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;