الخيل ، الجياد، الحصين ،الأفراس ، وأسماء أخرى عديدة ومتنوعة هي التي تطلق على تلك الكائنات ، التي ظلت دوما ، منذ الأزل، وعبر التاريخ ، وفي مختلف أركان المعمورة، هي من بين أكثر الحيوانات تقديرا وحبا واحتراما ، حيث اعتبرها الجميع كائنات نبيلة أصيلة متعددة الخصال والصفات ومرتبطة بأسمى القيم الإنسانية من شجاعة وبسالة وفروسية واعتزاز وكرم محتد وجمال شكل ورشاقة وسرعة. والعرب بالذات هم من أشد شعوب العالم حبا وتعظيما للخيول، ولديهم تراث وتاريخ مرتبط بالخيل والخيل بشكل عضوي لا ينفصم، والقرآن الكريم نفسه تضمن عدد من الآيات الكريمة التي تصور الخيل كمخلوقات كريمة متميزة مثل قوله سبحانه وتعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من رباط الخيل ترهبون به عدو الله ووعدوكم" ، أما عن الشعر العربي القديم فحدث ولا حرج، فهناك أعداد لا حصر لها من القصائد التي تمجد الخيل وفرسانها عبر مختلف الأزمان والعهود ومن أكبر فحول الشعراء العرب مثل أبي الطيب المتنبي وقوله يفتخر لنفسه " والخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم"، وعنترة بن شداد أحد أشجع شجعان العرب، وقوله " ينادون عنتر والرماح كأنها ... أشطان بئر في لبان الأدهم " وقوله " هلا سألت الخيل يا ابنة مالك ...إن كنت جاهلة بما لم تعلمي" ، وقول الشاعر الجاهلي الضليل ألأعظم " مكر مفر مقبل مدبر معا ...كجلمود صخر حطه السيل من علٍ"، وهذه بعض نماذج عابرة من كم هائل، ومجرد غيض من فيض.
والكوريون هم كذلك من عشاق وأهل الخيل ولهم كذلك تاريخ طويل وتراث غني من الخيول، وقد عرفوا الخيل كحيوانات وعرفوا كيف يستفيدون منها بمختلف الطرق والوسائل ،فقد كانت الخيول في الزمان القديم ، مصدرا جيدا للغذاء والبروتين واللحم الشهي، ثم صارت بعد ذلك وسيلة نقل ومواصلات عملية وفعالة جدا ، لكنهم ، ومع تعرضهم للغزو المنغولي المتكرر فقد بدئوا يعرفون الخيل ككائنات للفروسية والشجاعة وخوض الحروب ، حيث أن المغول كانوا من أكثر شعوب الأرض الذين اشتهروا وارتبط اسمهم تقليديا بالخيل منذ زمان قديم وأشهر الفرسان الذين عرفهم العالم هم من المغول من أمثال جنكيز خان وتيمور لنك.
أما الكوريون في العصر الحديث فما عادوا ينظرون للجياد كحيوانات تقليدية يمكن تسخيرها لحل مشكلات الغذاء والنقل بل صارت بالنسبة لهم من أفضل وسائل الرياضة والترفيه وكأشياء ذات قيمة تجارية عالية حيث تستعمل في العديد من المناسبات القومية المتعلقة بسباق الخيل والمهرجانات والمواكب الاستعراضية المتنوعة التي تقام ويكون للخيول فيها وجود محسوس. وصارت الخيول تمثل الآن في كوريا صناعة مربحة ومجزية تُقدر قيمتها بملايين الدولار وصارت هناك العديد من إسطبلات الخيل المجهزة بأحدث الوسائل في كوريا والتي يتم داخلها تربية ألوف من أفضل أنواع الجياد التي يتم بيعها محليا للأعداد المتكاثرة من عشاق الخيل في كوريا بينما يتم تصدير عدد معتبر منها لبلدان آسيوية أخرى.
وحسب التقويم التقليدي الشرقي السائد في كوريا والصين وغيرها من بلدان شرق آسيا والمعروف باسم "زودياك"، فإن العام القمري الحالي 2014 هو عام الحصان وهو يعتبر من الأبراج المقدسة والمباركة إذ أنه يعتبر عاما للقوة والشجاعة وهو ما قد نتحدث عنه بتفصيل أكبر في حلقة قادمة. وعلى كل حال فالجميع ، كوريين وعرب، هم من محبي الخيول ويطلقون عليها من الأسماء والأوصاف الكثير من الرائع والعظيم. فالخيول في التراث البوذي القديم هي كائنات ذات قدرات روحية تستطيع التخاطب والتواصل مع أرواح الموتى والأسلاف، أما عند العرب والمسلمين فهي كما جاء في القرآن الكريم " العاديات ضبحا ، الموريات قدحا ، فأثرن به نقعا، ووسطن به جمعا " وصدق الله العظيم.