هناك مثل كوري قديم يقول ما معناه "إن الثعلب عندما يموت يرقد على الأرض موجها رأسه في اتجاه الجبل الذي وُلد فيه". يشير ذلك المثل إلى أن كل إنسان يأمل ويتوق لأن يدفن عندما يموت في موطنه ومسقط رأسه. وكلمة "موطن" هي كلمة تثير الكثير من المشاعر والعواطف والأحاسيس لدى الكوريين فكلمة "موطن" بالنسبة لكل كوري تثير سيلا من الذكريات من الطفولة والشباب. ونحن الآن على مشارف استقبال مناسبة قومية كورية تثير لدى أغلب الكوريين مشاعر وعواطف وذكريات مؤثرة ، وهي عيد الحصاد الكبير أو تشوسوك ، وهي مناسبة يلتقي خلالها الأهل والأحبة والأصدقاء.
التاريخ الكوري يحمل أسماء معروفة من الآباء المؤسسين لكوريا ، مثل الملك الأسطوري "دان غون 단군" من عصر مملكة "كو جو سون 고조선" ، والملكين "جو مونغ" من مملكة "كو كوريو" ، والملك "كيم سو رو" من مملكة "كا راك 가락" ، والذين يشار إليهم دائما بأنهم من سلالة السماء. لهذا يعتقد الكثير من الكوريين أن أصلهم هو السماء ، وإن فقدان موطنهم هو بمثابة فقدان السماء نفسها. وكلمة "وطن" بالنسبة للكوري لا تعني فقط الأهل والسكان ، وإنما كل ما يحيط بالموطن من ذكريات ومشاعر وأحاسيس وممارسات مرتبطة بمختلف الفصول والمواسم مثل الأنهار والمياه البلورية العذبة أو الأودية الخصبة أو الغابات الخضراء أو التلال الخريفية أو الأشجار المتمايلة أو الطيور المغردة ، أو غير ذلك من صور ولوحات طبيعية لا حصر لها. وفي قصيدة بعنوان " القمر في موطني" للشاعر الكوري الكبير "بارك موك وول 박목월" يقول الشاعر إن القمر ظل يتبعه لمئات الأميال ، وأن شوقه وحنينه لموطنه لم يتغير أو يتبدد أو يفارقه لحظة واحدة.
عند سقوط مملكة "بيك جيه 백제" أمام القوات المتحالفة لمملكتيْ شيللا وتانغ ، تم أسر حوالي 13 ألف شخص واقتيادهم للصين. لم يتمكن هؤلاء الأسرى من العودة لديارهم ، وعاشوا بقية حياتهم إما في الصين أو في اليابان مشردين ومجردين عن الانتماء والهوية. وتكررت تلك المأساة مرة أخرى قبل حوالي قرن من الزمان عندما تعرضت كوريا للاحتلال الياباني حيث وجد الألوف من الكوريين أنفسهم مبعثرين في المنافي البعيدة ، في منشوريا وروسيا وغيرها . وحتى بعد تحرر كوريا من براثن الاستعمار الياباني وجد الكثير من الكوريين أنفسهم في بلاد الغربة في مختلف أنحاء العالم لمختلف الأسباب. ورغم أن أكثرهم تأقلم وتكيف مع تلك المجتمعات الجديدة، إلا أن أنهم ظلوا دائما يحملون كوريا في قلوبهم. وفي الحكاية الفولكلورية الأسطورية نجد الفتاة "شيم تشونغ 심청" وهي تطلب من سرب الإوز أن يحمل رسالتها لأبيها في موطنها البعيد. وحكاية "شيم تشونغ" محفورة في وجدان كل كوري في كل مكان وزمان ، وخاصة في مثل هذه الأيام التي يتأهب فيها الكوريون لاستقبال تشوسوك .
المقطوعات المقدمة في الحلقة
- "كو هيانغ أوي بوم 고향의봄" أي "الربيع في موطني" من أداء "كيم سيه يونغ김세영"
- القصيدة الشجية "القمر في موطني" من ألحان "هوانغ بيونغ كي황병기" وأداء "كانغ كوان سو 강권순"
- "أغنية شيم تشونغ" ، بعنوان "تشو وال مان جونغ 추월만정" ، من أداء "سونغ تشان سون 성찬순"