الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

عجل وثور

2021-05-14

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش مزارع طيب القلب في قرية صغيرة. كان يعمل في تربية الماشية، وكانت ماشيته تشمل ثورًا. كان الثور يعمل طوال اليوم بجد واجتهاد، فكان يسحب المحراث ليحرث أرض الحقل، أو يجر حجر الطاحون الضخم المربوط حول عنقه كي ينجز الأعمال التي يجب إنجازها. ولم يكن الثور يعترض أو يشكو من عمله الشاق، بل كان يبذل كل جهده بنشاط وطاعة لسيده، وهو يحلم بيوم يستطيع فيه أن ينال قسطًا من الراحة أخيرًا. وفي كل ليلة، كان الثور يعود إلى الحظيرة منهكًا بعد عمل يوم طويل، وهو يفكر في حلمه هذا.

وفي يوم من الأيام، عاد الثور إلى حظيرته منهكًا كالعادة، واندهش عندما رأى حيوانًا جديدًا هناك. قال الحيوان الجديد: "مرحبًا، أنا عجل. سررت بلقائك أيها الثور". كانت عجلة صغيرة أنثى، سر الثور بلقائها، وسرته فكرة أنه ربما حظى أخيرًا بصديق يشاركه العمل الشاق. قال: "سررت بلقائك. أرجو أن نمضي وقتًا جيدًا معًا".

في اليوم التالي، دخل المزارع إلى الحظيرة ليخرج الثور. لكنه لم يخرج العجل معه، بل اكتفى بالثور فقط، بينما ظلت العجلة في الحظيرة. تعجب الثور من الأمر، ثم فكر أن المزارع ربما تركها تستريح لأنه كان يومها الأول في المزرعة. لكن نفس الشيء حدث في اليوم التالي. مرت أيام وأيام، ولم تخرج العجلة من حظيرتها على الإطلاق. لم يتغير وضع الثور أبدًا، فظل يقوم بالعمل الشاق كله وحده، ولم يفهم السبب الذي دفع المزارع لترك العجلة في الحظيرة كل يوم، لا شغل لها سوى الأكل والنوم طوال النهار. والأسوأ من ذلك كله، هو أن العجلة كانت تستقبله بكلمات محبطة، فكانت تقول: "ما بك أيها الثور؟ لم تبدو شعث المظهر هكذا؟ ماذا كنت تفعل طوال النهار؟ ولماذا لا تقضي وقتًا أطول في الحظيرة مثلي؟ فالمزارع دائمًا ما يعطيني العشب اللذيذ لأتناوله، ودائمًا ما يغير لي القش في فراشي كي أنام وأنا مستريحة. أنا أحب حياتي هنا كثيرًا".

شعر الثور بضيق شديد، لكنه لم يتفوه بكلمة. وسرعان ما اعتاد الوضع الجديد، فكان يعمل بكل جد طوال اليوم، بينما تبقى العجلة في الحظيرة حيث يعتني بها المزارع ويدللها. وبعد عدة أسابيع، اقترب المزارع من الحظيرة وفتح بابها. كان الثور يستعد للخروج مع سيده مثل كل يوم، لكن المزارع أخرج العجلة هذه المرة، وترك الثور بالداخل. كان المزارع قد واظب على إطعامها جيدًا طوال الفترة السابقة، فسمنت وصار جلدها رقيقًا. قال المزارع وهو يربت على ظهرها في فخر: "لقد حان الوقت، أيتها العجلة الصغيرة. لقد سمنت، وصار لون جلدك رائعًا. حان الوقت لنقدمك قربانًا لإلهة التربة". تراجعت العجلة في ذعر، والتفتت إلى الخلف، فالتقت عيناها بعيني الثور للحظة، قبل أن يجرها المزارع وهي تحاول المقاومة دون جدوى. أدرك الثور الآن مغزى الأمر كله، وشعر بالأسف على العجلة المسكينة وهو يتذكر الفزع الذي رآه في عينيها.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;