أقامت فرقة أوركسترا "سام جي يون" الكورية الشمالية حفلا موسيقيا في مركز "كانغ ننغ" للفنون في كوريا الجنوبية يوم 8 فبراير الماضي، أي قبل يوم واحد من افتتاح دورة بيونغ تشانغ للألعاب الأولمبية الشتوية. ولكن لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تهيئ فيها الكوريتان مناخا توافقيا من خلال الفن قبل انعقاد قمة بينهما. ففي الماضي، قدمت فرقة سيرك بيونغ يانغ عرضا في سيول قبل القمة بين الكوريتين في عام 2000. ففي الرابع من يونيو من عام 2000، حظيت فرقة سيرك بيونغ يانغ بهتافات متحمسة وتصفيق من أفراد الجمهور الكوري الجنوبي الذين احتشدوا في صالة "جام شيل" للجمباز في جنوب سيول. وقد تم تنظيم ذلك العرض لتحقيق بعض الانسجام بين الكوريتين في الفترة التي سبقت القمة التاريخية الأولى بينهما. عن ذلك يتحدث المدير التنفيذي لمؤسسة "هان كيوريه" لإعادة التوحيد "لي بيونغ 이병"، الذي شغل أيضا منصب المدير التنفيذي للجنة عرض فرقة سيرك سيرك بيونغ يانغ في عام 2000.
"لي بيونغ 이병" رئيس لجنة عرض فرقة سيرك بيونغ يانغ في عام 2000:
كان ذلك في عام 1989 عندما طرحت لأول مرة فكرة تنظيم عرض فرقة الاكروبات الكورية الشمالية في سيول. في ذلك الوقت، كان يتم تقديم عرض للفرقة في مدينة "لاهاي" لمدة شهر تقريبا، وقد شاهده صديق لي كان يعمل في فرع "لاهاي" التابع لوكالة ترويج التجارة الخارجية الكورية، واقترح علي أن أقوم بترتيب عرض مماثل في سيول، حيث إن أداءها الفني الهائل قد يسهم في تعزيز العلاقات بين الكوريتين. لذا، بدأت مؤسسة هان كيوريه لإعادة التوحيد والثقافة، جنبا إلى جنب مع صحيفة هان كيوريه، بالاتصال بسفارة كوريا الشمالية في بكين.
وكما أوضح السيد "لي"، خططت المؤسسة لذلك العرض منذ أوائل التسعينيات. وقد فاز سيرك كوريا الشمالية الشهير عالمياً بالجائزة الكبرى في مسابقة السيرك الدولية في فرنسا في عام 2016. ففي كوريا الشمالية، يتم اختيار لاعبي الأكروبات من بين الطلاب الموهوبين من جميع أنحاء البلاد على أساس معايير صارمة تشمل الحالة الصحية والمظهر والقدرة الرياضية والشجاعة والجرأة. كما يخضع أعضاء السيرك الذين يتم اختيارهم لتدريبات صارمة لصقل مهاراتهم بشكل أكبر. ويقول السيد "لي" إن التخطيط لعرض الفرقة في سيول لم يكن سهلا على الإطلاق.
"لي بيونغ 이병":
اتضح أن الكوريتين استخدمتا مصطلحات مختلفة. لم نقم نحن أو فرقة السيرك الكورية الشمالية بأي محادثات أولية، واستغرق الأمر بعض الوقت لكي يفهم كل طرف بنود الطرف الآخر. عندما قلنا إننا نستخدم 64 قناة صوتية على سبيل المثال، لم يفهم الكوريون الشماليون ما الذي يعنيه ذلك. كانت هناك بالتأكيد فجوة ثقافية بين الجانبين نتيجة لتاريخ طويل من الانقسام الوطني والأنظمة المختلفة.
كان من الصعب على الكوريتين التغلب على حاجز اللغة وتضييق شقة الاختلافات في المصطلحات والثقافة. وأيضا، كان من الصعب تركيب الهياكل على المسرح. ولكن لحسن الحظ، تمكنت الكوريتان من إجراء عمليات تفتيش أولية وبروفات لحل تلك المشاكل واحدة تلو الأخرى.
"لي بيونغ 이병":
كان هناك ما مجموعه 11 عرضًا، ولم أفوت أي واحد منها مطلقًا. في كل مرة، كنت مندهشا لرؤية عروض الفرقة الممتازة. واندهشت لقدرات أعضائها الفائقة. فمثلا من بين الفقرات الممتعة، تم وضع أسطوانة دائرية على اسطوانة أخرى وأخرى، وقام أحد الذكور بأداء بعض الألعاب البهلوانية فوق طبقات الأسطوانات المتدحرجة.
في الساعة 7:30 من مساء يوم الـ4 من يونيو، بدأ العرض بحيلة هوائية مذهلة، حيث قفز فنان من ارتفاع 18 متراً. وكما قال السيد "لي"، كان العرض مليئا بالدهشة، وقد استمر 90 دقيقة استمتع خلالها بمشاهدته 12 ألف شخص.
"لي بيونغ 이병":
في نهاية العرض، وقف 12 ألفا من الجمهور وهم يصفقون ويغنون أغنية "توحيدنا" معاً. كانوا يتقاسمون تلك اللحظة العاطفية مع بعضهم البعض، يدا بيد. كانت تجربة دراماتيكية نادرة للغاية بين الكوريتين. أعتقد أنني كنت محظوظا جدًا لأن أكون جزءًا من ذلك الحدث في عام 2000.
أثر ذلك العرض بعمق في قلوب الكثير من المواطنين الكوريين الجنوبيين، وبدأ العديد منهم يظهرون اهتمامها بالثقافة الكورية الشمالية. واستمر جو المصالحة بين الكوريتين حتى القمة الأولى بينهما يوم 13 يونيو من عام 2000.
"لي بيونغ 이병":
لا يوجد شيء أفضل من تقديم عرض ثقافي من أجل توحيد قلوب الناس في الكوريتين. هذا هو السبب في أن وسائل الإعلام المحلية أظهرت المشاهد العاطفية لعروض فرقة السيرك في كوريا الشمالية وسلطت الضوء على رغبة الجمهور وتوقعاته حول عقد القمة الأولى بين الكوريتين في عام 2000.
في بعض الأحيان، تكون الثقافة والفن والرياضة أقوى من السياسة، حيث يمكن أن تحل مشاكل لا يمكن للسياسة معالجتها. ولذلك فقد ساعدت العروض الثقافية بين الكوريتين دائما على تسهيل تقدم العلاقات المشتركة. ونأمل أن يأتي قريبا يوم يغني فيه مواطنو الكوريتين معا أغنية: "رغبتنا هي التوحيد"، بعد أن يتم تحقيق التوحيد فعليا على أرض الواقع.