الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

التاريخ

النهضة التعليمية

2015-02-10

النهضة التعليمية
بالنسبة لدولة فقيرة وضعيفة الموارد مثل كوريا، تعتبر الموارد البشرية هي الأهم، بل وربما السبيل الوحيد لتحقيق أي نوع من التطور والتنمية. وقد كان الكثير من الكوريين يؤمنون في داخلهم بأن الجهل هو العدو الحقيقي الأول، وهو أكثر ما سبّب لهم من مآسٍ وتخلف جلب عليهم أطماع الاستعمار الياباني، وأدخلهم في أتون حرب أهلية بشعة، وبالتالي، كانوا يعلمون جيدا أنه لا سبيل للخلاص والانطلاق إلا من خلال نهضة تعليمية كبرى.

ومنذ تشكيل الحكومة الكورية في عام 1948، ظل إصلاح التعليم على رأس أولويات واهتمامات تلك الحكومة التي كانت تشعر بما يسود المجتمع الكوري بأسره حول أهمية التعليم وضرورة إعطائه الأولوية والأفضلية عن كل ما سواه. ومن أجل تحقيق التطور والتنمية الوطنية، أصدرت الحكومة الكورية أول تشريع لها وهو "قانون التعليم للعام 1949".

وحسب الإحصائيات التي تم جمعها في عام 1945 بعد نهاية الحرب وتحرير كوريا، كان معدل الأمية يبلغ 77.8% بين سكان كوريا الجنوبية، وهذا يعني أن ثمانية من بين كل عشرة أشخاص كوريين بالغين لم يكونوا يستطيعون القراءة أو الكتابة. فقد كان الكوريون خلال فترة الاستعمار الياباني ممنوعين من تعلم قراءة وكتابة حروف الهجاء الكورية المعروفة باسم "هان كول 한글"، ولهذا صاروا أكثر حرصا على توفير كل وسيلة ممكنة لتمكين أطفالهم من تعلمها بشكل ممتاز. ولهذا كان الجزء الأكثر أهمية في قانون التعليم يركز على إلزامية التعليم الأوليّ الابتدائي للأطفال. ويصف القانون الذي كان يتكون من 11 فصلا و173 مادة، التعليم في كوريا كما يلي:
성우/남 : أهم أهداف التعليم هو تمكين كل شخص في البلاد من تطوير قدراته الشخصية ومن تأهيله وإعداده للحياة كمواطن شريف ومستقل وقادر على تقديم إسهاماته للوطن من أجل تحقق التقدم والتطور والتنمية. فكل كوري يجب أن يتمتع بحق التعليم الأوليّ لمدة ستة أعوام متتالية والثانوي لمدة ثلاثة أعوام لاحقة. التعليم الأولي سيكون إجباريا من الآن، بينما سيتم تحقيق إلزامية التعليم الثانوي في مرحلة لاحقة. كل كوري سيكون ملزما بحكم القانون بإلحاق أطفاله أو أي أطفال تحت رعايته بالتعليم الأولي على الأقل. ويجب على الحكومات المركزية والإقليمية توفير المدارس المناسبة في مختلف مناطق البلاد ونشر وتوعية جميع المواطنين بأهمية التقيد بما جاء في هذا القانون.
وتم إنفاذ قانون التعليم الإلزامي في الأول من يونيو من عام 1950، وجرى تنظيم احتفالات قومية كبيرة في كل مناطق البلاد.

وتم بعد ذلك إعادة تنظيم وهيكلة النظام المدرسي في كوريا. كان النظام المدرسي السابق يحدد ثماني سنوات للدراسة الأولية وخمس سنوات للدراسة الثانوية، قبل دخول الجامعات والمعاهد العليا. أما النظام المعدل فهو ستة أعوام للتعليم الابتدائي وثلاثة للثانوي.
لكن اندلاع الحرب الأهلية الكورية حال دون تحقيق هذا القانون الجديد لأهدافه المرجوة.
وبعد انتهاء الحرب الكورية، صار التوجه نحو التعليم أكبر وأقوى. فحسب تقرير إحصائي صدر في عام 1960، تضاعف عدد الطلاب في مختلف المراحل المدرسية من الأولية وحتى الجامعة خلال أقل من عقد من الزمان، رغم قسوة وتبعات الحرب.

وبعد أن تخلصت كوريا من الاستعمار الياباني، ورثت حكومة جمهورية كوريا التي تشكلت في عام 1948، روح الاعتزاز القومي تلك، وهو ما ساعدها على دفع وتشكيل حملاتها لمناهضة الأمية

إذن فقد كان التعليم ومحو الأمية من بين الأهداف البارزة عقب حصول كوريا على استقلالها، وقد استمر الحال هكذا طوال حقبتيْ الخمسينيات والستينيات.
كانت كوريا في خمسينيات القرن الماضي في نظر كل العالم دولة فقيرة ممزقة ومحطمة ومتخلفة. لكن كوريا من خلال تركيزها على التعليم نجحت في أن تنهض من بين الحطام وتنفض عن نفسها التراب وتحول ذلك الحطام والأنقاض خلال جيل أو جيلين إلى تنمية شاملة ونهضة يشار إليها بالبنان، لم يجد لها العالم اسما سوى "المعجزة الاقتصادية على نهر الهان".

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;