الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

التاريخ

فرقة الثلاثي الغنائي "سو تيه جي وا آيدِل 서태지와 아이들"، أي "سو تيه جي والأولاد"

2015-08-18

 فرقة الثلاثي الغنائي "سو تيه جي وا آيدِل 서태지와 아이들"، أي "سو تيه جي والأولاد"
في مارس من عام 1992 ظهرت فرقة ثلاثية غنائية شبابية رجالية باسم "سو تيه جي والأولاد"، يقودها فنان شباب طفولي الملامح في العشرين من عمره يسمى "سو تيه جي"، حيث أطلقت أول قنابلها الغنائية من خلال أغنية بعنوان "نان آرايو 난 알아요" أي "أنا أعرف".

تكونت تلك الفرقة من ثلاثة فتيان هم "سو تيه جي" و" لي جو نو 이주노" و"يانغ هيون سوك 양현석"، وقد أظهروا دميعا مهارة فائقة في الرقص والحركات الرشيقة المتسقة مع الأنغام الموسيقية الإلكترونية.

على خلاف اللغة الإنجليزية، فإن اللغة الكورية المنطوقة لديها الكثير مما يسمى بالحروف الساكنة الانفجارية، مما يجعل من غناء الراب صعبا وشبه مستحيل أحيانا من حيث اتساق القافية. لكن الثلاثي الغنائي الجديد نجح في قهر وتطويع تلك المشكلة، وخلق نمط غنائي شبابي كوري جديد مشابه للنمط الأمريكي الغربي "هيب هوب". وقد تجاوب الشباب الكوري مع ذلك النمط الموسيقي الجديد بشكل هستيري، وأتقن الكثيرون منهم رقص وغناء الراب، مما جعل من تلك الفرقة الشبابية رائدة لعهد فني غنائي راقص جديد في كوريا.

وأصبحت فرقة " سو تيه جي والأولاد" مصدر إلهام وحب لأغلب الشباب الكوري خلال النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، رغم أن الكثير من الكوريين المنتمين للأجيال الأقدم حاولوا محاربة ووقف تلك الظاهرة، واتهموها بأنها تشويه وقتل لتراث غنائي تقليدي عظيم.

كان الكثيرون، خاصة من كبار السن، قد اعتادوا على النمط الغنائي الشعبي التقليدي السائد والمستساغ وقتها بشكل سبب لهم انزعاجا كبيرا من تلك الظاهرة الغنائية الجديدة الوافدة والمستوردة.

لكن الأمر كان على عكس ذلك تماما بالنسبة لأكثرية الشباب والمراهقين. فقد كانت كلمات بعض الأغنيات مثل " أعرف" و"دائما في خيالي" تتردد على شفاه كل شاب وشابة في ذلك الوقت. وكانت حفلات فرقة الثالوث الشبابي محل ازدحام كبير للشباب الذين يعبّرون عن حبهم وإعجابهم بطرق مختلفة، مثل التصفيق والصراخ والرقص والهستيريا.

وهكذا، بلغت فرقة "سو تيه جي والأولاد" قمة التألق والنجومية والانتشار في فترة قصيرة.

كانت أغنيتا " أعرف" و" دائما في خيالي" بالذات على كل لسان وسط الشباب، وكانت تتصدر قوائم الاستماع، والأكثر مبيعا في الأسواق. ويقول البروفسور "كيم تشانغ نام 김창남" من شعبة الاتصالات في جامعة "صونغ كونغ هوي 성공회"، إن تلك الفرقة نجحت في إفراز ثقافة شبابية جديدة وسط المراهقين بالذات، وتشكيل جيل جديد ومختلف تماما.

كان الكثير من الشباب الكوريين وقتها بمثابة جنود في كتيبة "سو تيه جي" وفرقته، وصار "سو تيه جي" بالنسبة لهم بمثابة القائد والملهم والرئيس من خلال أغنيات متطورة ومختلفة عن تلك الأغنيات القديمة المليئة بالشجن والدموع والتأوهات والمدغدغة للعواطف.

وبسبب كل تلك الشعبية والنجومية التي فاقت التصور، تمكنت الفرقة من اكتساح الكثير من الأرقام القياسية وانتزاع العديد من الجوائز، ومنها جائزة "فنان العام" في سنة 1992.

ولم يقتصر تأثير فرقة "سو تيه جي والأولاد" على المشهد الموسيقي وحده، وإنما تم استثمرت ذلك النجاح بعدة أشكال مختلفة، خاصة في مجال الأزياء والموضة مثل القمصان الملونة والبنطلونات المرتخية، وقبعات البيزبول التي تلبس بشكل عكسي وعليها صور أعضاء الفرقة.

ويرى البروفسور "كيم" أن ظهور فرقة "سو تيه جي" لم يكن ظاهرة فنية غنائية فحسب، وإنما أيضا ظاهرة ثقافية اجتماعية كاملة.

وُلد الفنان "سو تيه جي" في سيول في عام 1972، والتحق بفرقة "روك آند رول" كعازف غيتار وهو في سن الـ17، حيث ترك الدراسة وتفرغ للموسيقى، وهو يقول إن ذلك كان قراره وحده.

وربما كان قراره بأن يتخلى عن تحقيق حلم والديه في الدراسة الجامعية من أجل هوايته الموسيقية دافعا للكثير من الشباب الذي يجد نفسه في وضع مشابه. ونجح "سو تيه جي" في تحقيق حلمه عند صدور أول أغنية من تأليفه وتلحينه في ألبومه الثاني في عام 1993.

كانت أغنية "ها يو غا 하여가" مثالا للتجديد والتكامل والدمج بين الموسيقى الإلكترونية وغناء الراب والموسيقى الكورية الشعبية وبعض آلات النفخ الموسيقية التقليدية، مثل "تيه بيونغ سو 태평소". وقد باع ذاك الألبوم 2.1 مليون نسخة، وهو أعلى رقم تحقق لألبوم غنائي كوري حتى ذلك الوقت، وواحد من بين أعظم مائة ألبوم غنائي في التاريخ الكوري.

وطرحت الفرقة ألبومها الثالث في عام 1994 بعنوان "بال هيه رل كوم كو ميو 발해를 꿈꾸며" أي "أحلم بـ بال هيه"، عن مأساة تمزق شبه الجزيرة الكورية والأشواق والتطلع للتوحيد من جديد. وقد أظهرت الأغنية أن لدى الشباب الكوريين أحلاما لا تقتصر فقط على الرقص والموسيقى.

وتضمن ذات الألبوم أغنية أخرى باسم "فكرة فريدة" حملت رسالة اجتماعية ناقدة للنظرة النمطية الكورية للتعليم. وسار الألبوم الرابع الصادر في 1995 على نفس خطى سابقه من ناحية الانتقاد والتوجيه الاجتماعي.
وكانت أغنية "عُد للديار" موجهة للشباب الذين هربوا من منازلهم بسبب الخلافات الأسرية، وقد باع الألبوم أكثر من مليون نسخة خلال أسبوع واحد فقط، وما يقارب 2.5 مليون نسخة خلال بضعة شهور، وترددت الأغنية لوقت طويل في العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية والحفلات والمسارح والمهرجانات. وحسب روايات مؤكدة، عاد الكثير من الهاربين إلى أسرهم بعد انتشار تلك الأغنية.

وفجأة وبدون مقدمات، أعلنت الفرقة اعتزالها في الحادي والثلاثين من يناير 1996.
أثار ذلك الإعلان حزن وغضب الكثير من معجبي وعشاق ومحبي الفرقة، واتصل بأعضاء الفرقة الكثيرون طالبين منهم مراجعة ذلك القرار، ولكن دون جدوى. وافترق النجوم الثلاثة، وقرر كل واحد منهم السير في اتجاه منفصل. وكانت تلك نهاية الفرقة التي تركت وراءها تراثا ورصيدا موسيقيا وغنائيا هائلا، وأشاعت ثقافة فنية جديدة، وأحدثت ثورة حقيقية في عالم الغناء والموسيقى والرقص في كوريا.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;