كانت قاعة المحاضرات في جين جو، وهي مدينة صغيرة يبلغ عدد سكانها 340 ألف نسمة في مقاطعة جنوب كيونغ سانغ، مزدحمة بحوالي 150 أجنبيا من 47 دولة حول العالم وذلك في الفترة من العاشر من هذا الشهر. فقد اجتمع علماء ورجال أعمال وطلاب من 47 دولة للمشاركة في المنتدى الدولي لريادة الأعمال الكورية الذي عقد في جين جو. وقد تم التخطيط لهذا الحدث، الذي شاركت في استضافته مدينة جين جو مع المجلس الدولي للأعمال الصغيرة والمتوسطة، للترويج لحقيقة أن فلسفات الأعمال لأربعة ممثلين من رواد الأعمال الكوريين كانت قد نشأت في جين جو. وكان البروفسور "أيمن الطرابيشي" الأستاذ في كلية إدارة الأعمال بجامعة جورج واشنطن، والمدير التنفيذي للمجلس الدولي للمشروعات الصغيرة، قد زار كوريا العام الماضي لحضور حدث ما. وفي ذلك الوقت، عرف الطرابيشي أن هناك قرية في جين جو تفاعل فيها مؤسسو أربع تكتلات كبرى في نفس الوقت، بما في ذلك مجموعة سام سونغ وإل جي وجي إس وهيو سونغ. ثم أعد هذا المنتدى مع مدينة جين جو بعد زيارته إلى تلك القرية. وقال البروفيسور أيمن الطرابيشي إن حقيقة أن أربع تكتلات كورية بدأت العمل في نفس الشارع هي بمثابة سيناريو في أحد أفلام هوليوود. وفي الوقت الحالي الذي نمت فيه المسؤولية الاجتماعية للشركات، تجذب "ريادة الأعمال الكورية" لكوريا وجين جو المزيد من الاهتمام، مثل "معجزة نهر الهان" و"الكيبوب". ومن ناحية أخرى، قال "كيم كي تشان" الأستاذ بالجامعة الكاثوليكية إن كوريا، التي كانت الأفقر في ستينيات القرن الماضي، حققت معجزة نهر الهان وتم الاعتراف بها باعتبارها الدولة الأكثر ابتكارا في العالم. وأضاف أن هذا مظهر من مظاهر روح المبادرة الفريدة لدينا، والتي قدّرت جيراننا وبلدنا وشعبنا منذ العصور القديمة، وهناك تحرك من قبل العلماء الأجانب لإجراء بحوث أكاديمية في هذا الصدد.

الجدير بالذكر أن قرية "سُنغ سان 승산" في مدينة "جين جو"، والتي حظيت باهتمام كبير خلال المنتدى الدولي لـ"ريادة الأعمال الكورية"، تمت الإشادة بها باعتبارها "المكان المقدس للتصنيع الكوري". وفي الواقع، من الصعب العثور على سابقة مماثلة على مستوى العالم، حيث يجتمع رواد الأعمال من الجيل الأول من مجموعات مثل سام سونغ وإل جي وجي إس وهيو سونغ، التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الكوري، في مكان واحد في نفس الوقت. وفي هذا المنتدى، اهتم العديد من العلماء ورجال الأعمال بالقواسم المشتركة التي تشير إلى أن رواد الأعمال من الجيل الأول في كوريا كانوا أكثر اهتماما ببلدهم أكثر من اهتمامهم بأنفسهم.

على سبيل المثال، قال مؤسس شركة سام سونغ الراحل "لي بيونغ تشول" إن كل شيء يعتمد على الدولة. وعندما تسير البلاد على ما يرام، يمكن للشركات أن تسير على ما يرام ويمكن للناس أن يكونوا سعداء. وقد جعل فكرة تكوين الثروة والأرباح الإجمالية في المجتمع من خلال إدارة الأعمال قناعة لمدى الحياة. وقد عمل مؤسس مجموعة إل جي أيضا بجد للمساهمة في تنمية كوريا، وكان يقول إنه لا يمكن للشركة البقاء إلا إذا ساهمت في خطة البلاد التي تبلغ مدتها 100 عام. وبالإضافة إلى ذلك، قال مؤسس مجموعة جي إس إنه يجب جمع الأموال بجد مثل النمل، ولكن يجب أن يتم إنفاقها بشكل كبير على الأشياء الصالحة، وقد استمر في تمويل حركة الاستقلال رغم أنه كان يرتدي أحذية قديمة ومتهالكة. وفي غضون ذلك، تخطط مدينة جين جو لإنشاء حزام سياحي من خلال ربط عدة أماكن مرتبطة برواد الأعمال هؤلاء من أجل نشر روح ريادة الأعمال الكورية في جميع أنحاء العالم، حيث إنها أولت اهتماما "للمجتمع" و"الناس" منذ الأيام الأولى للتصنيع. ويُأمل في أنه من خلال هذه الخطط أن تصبح روح المبادرة الكورية، التي تعطي أولوية للمجتمع والوطن، بدلا من السعي وراء الأرباح فقط، فرصة للتوسع في جميع أنحاء العالم.