من يأخذ دور الفحام :

يحكى أنه في مدينة ساحلية يعيش فحام قريب من المدينة مبتلى بشرب الخمر، كان في كل صباح يرتب فحمه فوق عربته (كرويلة) وينطلق به ليبيعه في شوارع البلدة وهو يصيح ياااا لفحم يااااالفحم يااااالفحم فتخرج النسوة والأطفال لإقتنائه بسعر مقبول ومعاملة طيبة و وجه سمح،فكسب حب الجميع لولا ذاك الابتلاء، فكان في كل مساء يقسم ما يتحصل عليه نصفين، نصف يشتري به فحما والنصف الاخر يشتري به خمرا و أكلا، ويتكرر هذا المشهد كل يوم، شهر وسنة، إلى أن حلم في المنام وهو نائم بشخص عظيم البنية يلكمه على وجهه وهو يقول له انهض وأعدّ نفسك للحج هذه السنة واجمع المبلغ الذي تشتريه خمرا لحجك ، فينهض من فراشه فزعا وفرحا في نفس الوقت وهو يقول في نفسة من هذا الشخص وهل حقا الفحام السكير يزور بيت الله هذا العام فيسخر من نفسه ويقول موحال موحال... ثم يعد عربته ويرتب فحمه وينطلق الي المدينة ليوم جديد، و كالعادة عند إنتهاء العمل يقسم المكتوب بين فحمه، طعامه وابتلائه ويذهب الي بيته فيتعشى ثم يعاقر خمرته فينام، فيجيئه نفس الشخص في منامه يلكمه لكمة أقوى من الأولى ويهدده إن لم يترك شرب الخمر ويستعد للحج فلن يتركه يستريح أبدا... ففزع الفحام من هذا الحلم وعقد العزم ان يترك الخمر وأن يجمع المال للحج، وتمر الأيام و الأشهر حتى جمع مبلغ الحج واقترب اليوم الموعود وحمل زاده وماله واتجه نحو المرفأ ليركب القارب ويسدد مبلغ السفر فسمع به سكان المدينة كاملة بأن الفحام السكير ينوي الذهاب إلى مكة المكرمة، فخرجت عن بكرة أبيها لترى هذا المشهد العجيب، لكن عند وصول الفحام إلى السفينة أغلقت الأبواب واطلق الحبل الذي كانت ترسو به السفينة وهو يصيح بجاه ربي، بجاه ربي انتظروني انتظروني كي أصعد معكم، والجميع في دهشة وحيرة، إلى أن صاح احد الناس أمسكوا حبل السفينة أعينوا أخيكم... فتدافع الجمع كله وامسك الحبل المتين وفي لحظة توقف سير السفينة وينتبه الربان للفحام ويفتح له الباب ويصعد الى قدره، تحت هتافات الناس وتصفيقاتهم.... وأنطلقت السفينة مع الفحام تشق أمواج البحر إلى بيت الله الحرام، و عاد سكان المدينة إلى بيوتهم والفرح يملأ قلوبهم إذ أعانو أخاهم، غير أنه في اليوم الموالي خرج الأطفال والنساء لإقتناء الفحم الضروري للمطبخ فلم يجدوا فحامهم ولا عربته وأصبحت مشكلة في المدينة.. من يأخذ دور الفحام