الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

كوريا الشمالية

قمة آبيك في كيونغ جو: نقطة تحول في الدبلوماسية العالمية

#تطورات شبه الجزيرة الكورية l 2025-10-29

تطورات شبه الجزيرة الكورية

ⓒ YONHAP News
ستُعقد قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، آبيك، على مدى يومين بدءا من 31 أكتوبر في "كيونغ جو"، بمقاطعة شمال "كيونغ سانغ". وسوف يحضر قادة 21 دولة عضوا في المنتدى الذي تعود قمته إلى كوريا الجنوبية بعد 20 عاما، حيث عُقدت آخر مرة هنا في مدينة بوسان عام 2005. ومن المتوقع أن تشكل قمة "كيونغ جو" نقطة تحول مهمة في الشؤون الدولية، باعتبارها مسرحا للدبلوماسية متعددة الأطراف، حيث يلتقي الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والرئيس الصيني "شي جين بينغ".

تتجه أنظار العالم هذا الأسبوع إلى كوريا الجنوبية، حيث تستضيف مدينة "كيونغ جو" الواقعة في جنوب شرق البلاد تجمعا كبيرا لقادة عالميين يضم رؤساء 21 دولة عضوا وأكثر من 5 آلاف مسؤول. وقد بدأ أسبوع قادة الاقتصاد في قمة "آبيك" لعام 2025 يوم الاثنين 27 أكتوبر بسلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى، بما في ذلك الاجتماع الختامي لكبار المسؤولين المخصص لصياغة بيان مشترك، والاجتماع الوزاري لدول "آبيك". وبالطبع، فإن الحدث الرئيسي هو اجتماع قادة ووزراء الاقتصاد الذي سيعقد يومي 31 أكتوبر و1 نوفمبر. ومع عقد العديد من الاجتماعات الثنائية بين الدول المشاركة على هامش قمة "آبيك"، تحتل كوريا الجنوبية مركز الصدارة في الدبلوماسية العالمية. 

"هونغ مين" كبير الباحثين في المعهد الكوري للتوحيد الوطني:
تحظى الاجتماعات الثنائية باهتمام كبير بطبيعة الحال. وإذا عقدت قمة بين الولايات المتحدة والصين، فسيكون إيجاد انفراجة محتملة للصراعات التجارية القائمة بين البلدين محل اهتمام كبير. علاوة على ذلك، بالنظر إلى التنافس على الهيمنة بين الولايات المتحدة والصين في المجالين الدبلوماسي والأمني، فإن السؤال الأكبر هو ما إذا كانت مناقشاتهما ستسفر عن أي مبادرات جديدة تتعلق بالسياسة الخارجية والأمن. ومن النقاط الرئيسية الأخرى التي تحظى بالاهتمام: قمة كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. ورغم أن قمة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة قد عقدت بالفعل في واشنطن في أغسطس، فإن الاهتمام الآن ينصب على ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن استراتيجية التعامل مع كوريا الشمالية. النقطة الثالثة التي تحظى بالاهتمام هي القمة بين كوريا الجنوبية والصين. ويبدو أن العلاقات بين البلدين متوترة إلى حد ما. فقد حافظت الإدارة السابقة في سيول على مسافة كبيرة بينها وبين الصين، وهو موقف لم يُعجب بكين. ومن المرجح أن تتبنى الحكومة الكورية الجنوبية هذه المرة نهجا استباقيا لتحسين العلاقات مع الصين. ولذلك، فإن مسألة ما إذا كانت العلاقات بين كوريا الجنوبية والصين ستشهد بعض التحسن هي أيضا مسألة تثير اهتماما كبيرا.

تستعد معظم الدول الأعضاء في "آبيك" لعقد اجتماعات ثنائية خلال فترة القمة. ومن بين هذه الاجتماعات، فإن الاجتماع الثنائي الأكثر أهمية هو الاجتماع بين الولايات المتحدة والصين، اللتين يطلق عليهما اسم "الاثنان الكبار"، واللتين تخوضان منافسة هيمنة ونفوذ في مجالي التجارة والدبلوماسية.

إذا التقى الرئيس الأمريكي دونالد "ترامب" بالرئيس الصيني "شي جين بينغ" في قمة "آبيك" في "كيونغ جو"، كما أعلن الشهر الماضي، فسوف يكون ذلك أول لقاء وجها لوجه بينهما منذ 6 سنوات، منذ قمة مجموعة العشرين التي عقدت في "أوساكا" في اليابان في عام 2019. ولكن في الوقت الحالي، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان اللقاء بين الرئيسين الأمريكي والصيني سيكون قمة رسمية أم لقاء غير رسمي. ومع ذلك، نظرا لأن هذه ستكون أول قمة بين الولايات المتحدة والصين منذ بدء ولاية "ترامب" الثانية، فإن أي رسالة يصدرها الرئيسان بعد اجتماعهما يمكن أن تؤثر كثيرا على المسار المستقبلي للأمن والتجارة العالميين. وبالنسبة لكوريا الجنوبية، الدولة المضيفة، فإن قمة كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، التي ستعقد خلال قمة "كيونغ جو"، تعد حدثا دبلوماسيا بالغ الأهمية. ومن المقرر أيضا عقد قمة ثنائية بين رئيسي كوريا الجنوبية والصين، حيث من المتوقع أن يصل الرئيس الصيني "شي جين بينغ" إلى كوريا الجنوبية في 30 أكتوبر ويبقى حتى 1 نوفمبر. وتعد زيارة "شي" إلى كوريا الجنوبية هي الأولى له منذ يوليو 2014. وستكون النقطة الأساسية التي يجب ملاحظتها هي أي تغييرات في العلاقات بين البلدين.

"هونغ مين":
السؤال الأساسي هو ما إذا كان بإمكان كوريا الجنوبية والصين اتخاذ موقف مشترك بشأن القضايا الكورية الشمالية. وبالنظر إلى التقارب الأخير بين كوريا الشمالية والصين، سيكون التركيز على ما إذا كان بإمكان كوريا الجنوبية أن تطالب الصين بالقيام بدور معين، وما إذا كان بإمكان الصين قبول هذا الطلب. ومن النقاط الأخرى المثيرة للاهتمام إعادة تعريف كوريا الشمالية للعلاقات بين الكوريتين على أنها علاقات بين "دولتين متعاديتين". وفيما يتعلق بهذه النظرية، يمكن لكوريا الجنوبية بالتأكيد أن تنتبه إلى الموقف الذي ستتخذه الصين بصفتها أحد الموقعين على اتفاقية الهدنة في الحرب الكورية. ورغم أن الصين قد لا تعلن موقفها بالكامل بشأن جميع هذه المسائل التفصيلية، فإن قمة كوريا الجنوبية والصين من المتوقع أن تكون فرصة حاسمة لتقييم الدور البناء الذي تضطلع به الصين في معالجة قضايا شبه الجزيرة الكورية.

تزداد العلاقات بين الصين وكوريا الشمالية وروسيا قربا، لا سيما بعد حضور الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون" احتفال الصين بالذكرى الثمانين لعيد النصر الشهر الماضي. في هذه الحالة، يمكن أن توفر قمة كوريا الجنوبية والصين فرصة لسيول لحث بكين على القيام بدور بناء من أجل السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية. وإلى جانب نتائج قمة كوريا الجنوبية والصين، هناك نقطة أخرى تثير اهتماما كبيرا وهي احتمال عقد اجتماع مفاجئ بين رئيسي الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. وفي أثناء حضوره قمة مجموعة العشرين في اليابان عام 2019، اقترح "ترامب" قبل زيارته إلى كوريا الجنوبية على "كيم جونغ أون" عقد اجتماع. وردت كوريا الشمالية بشكل غير متوقع ببيان إيجابي، مما أدى إلى عقد الاجتماع بين "ترامب" و"كيم" في قرية الهدنة "بان مون جوم" يوم 30 يونيو 2019.

حاليا، لا يوجد حوار بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة. ومع ذلك، أعرب "ترامب" باستمرار عن استعداده للدخول في محادثات مع الزعيم الكوري الشمالي. فهل يمكن أن تكون قمة "آبيك" في "كيونغ جو" نقطة انطلاق لاستئناف الحوار بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية؟

"هونغ مين":
من الصعب استبعاد هذه الاحتمالية تماما. ومع ذلك، أعلنت كوريا الشمالية قطع علاقاتها مع كوريا الجنوبية، كما يتضح من نظريتها حول "الدولتين المتعاديتين". وقد أوضحت بيونغ يانغ أن هذا ليس مجرد موقف مؤقت، بل استراتيجية طويلة الأمد. وهي لا تنوي السعي إلى الوحدة مع كوريا الجنوبية بعد الآن، ولن تعتبر كوريا الجنوبية جزءا من نفس العرق الكوري. بل أصبحت تعتبر الكوريتين دولتين مختلفتين، متعاديتين تماما، في حالة حرب بموجب اتفاقية الهدنة. ونظرا لهذا التغيير في الخطاب، من غير المرجح أن توافق كوريا الشمالية على أي لقاء مفاجئ مع الولايات المتحدة. والنقطة الثانية هي أن "كيم جونغ أون" قد أوضح تماما شرطين مسبقين خلال خطاب ألقاه مؤخرا أمام مجلس الشعب الأعلى، حيث صرح بأن بيونغ يانغ مستعدة للدخول في حوار مع واشنطن فقط إذا تم الاعتراف بها كدولة نووية أولا، وثانيا إذا تم تحسين العلاقات الثنائية في إطار هذا الوضع المعترف به. لذلك، يبدو من غير المرجح أن يجلس "كيم جونغ أون" إلى طاولة المفاوضات ما لم توجه الولايات المتحدة رسالة واضحة بأنها مستعدة لمعالجة بنود جدول الأعمال المحددة التي طرحها الزعيم الكوري الشمالي.

يسود الشك إلى حد كبير بشأن احتمال عقد اجتماع بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة بمناسبة قمة "آبيك". ومع ذلك، فقد ذكر "كيم جونغ أون" اسم "ترامب" في خطابه أمام مجلس الشعب الأعلى يوم 21 سبتمبر.

في إشارة إلى "الذكريات الطيبة" عن الرئيس "ترامب"، صرح "كيم" أنه لا يوجد سبب لعدم مقابلته، إذا لم تصر الولايات المتحدة على نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية. وفي 30 سبتمبر، قال البيت الأبيض أيضا إن "ترامب" لا يزال منفتحا على الدخول في حوار مع الزعيم الكوري الشمالي دون أي شروط مسبقة. وبالنظر إلى هذه التصريحات، فليس من المستحيل أن يقترح "ترامب" لقاء مفاجئا آخر مع "كيم". ومع ذلك، حتى لو تم إجراء حوار بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فسيكون من الصعب مناقشة مسألة نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية. لذلك، من غير المرجح أن يتم تناول قضايا شبه الجزيرة الكورية بشكل أساسي في "إعلان كيونغ جو"، وهو الوثيقة الختامية لقمة "آبيك".

بصفتها الدولة المضيفة، قد تقود كوريا الجنوبية جدول الأعمال وتصوغ إعلان القادة للقمة.
ومع ذلك، بالنظر إلى تركيز "آبيك" تاريخيا على القضايا الاقتصادية، فإن هامشها للتعامل مع القضايا غير الاقتصادية يعتبر محدودا. وتُظهر السوابق السابقة أن المحتوى المتعلق بالأحداث غير الاقتصادية لم ينعكس إلا في حالات استثنائية في إعلانات "آبيك" خلال الأحداث المهمة، مثل هجمات 11 سبتمبر الإرهابية وغزو روسيا لأوكرانيا. وبدلا من ذلك، يمكن إصدار بيان رئاسي يركز على قضايا شبه الجزيرة الكورية، أو إعادة تأكيد رؤية السلام في شبه الجزيرة الكورية من خلال ما يسمى بمبادرة "E.N.D".

"هونغ مين":
تم اقتراح مبادرة "إي إن دي E.N.D" من قبل الرئيس الكوري الجنوبي "لي جيه ميونغ" خلال خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، وهي اختصار يضم الأحرف الأولى من "التبادل Exchange" و"التطبيع Normalization" و"نزع السلاح النووي Denuclearization". وهذه المبادرة تحدد رؤية كوريا الجنوبية وجهودها لحل قضية نزع السلاح النووي. ومع ذلك، أعتقد أن كوريا الجنوبية بحاجة الآن إلى التركيز على مرونتها الديمقراطية. فالنظام الديمقراطي العالمي يظهر علامات على الضعف أو حتى الانهيار في أجزاء كثيرة من العالم. وفي هذا السياق، يمكن لكوريا الجنوبية، باعتبارها دولة أعادت إحياء نظامها الديمقراطي بأعجوبة أن تجذب المزيد من الاهتمام العالمي الآن. وفي رأيي، يجب على كوريا الجنوبية أن تسلط الضوء على مرونة ديمقراطيتها في مختلف جوانب النظام الدولي، مع التركيز على كيفية تغلبها على التغيرات السياسية وإثبات قدرتها على التعافي بالوسائل السلمية.

كشف الرئيس الكوري عن مبادرة "إي إن دي" لأول مرة خلال خطابه الرئيسي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي.

مبادرة "إي إن دي" هي سياسة لشبه الجزيرة الكورية تهدف إلى التعايش السلمي والازدهار المشترك، وتركز على التبادل وتطبيع العلاقات ونزع السلاح النووي. ويتم تقييمها على أنها نهج واقعي، ظهر في وقت يصعب فيه التبادل بين الكوريتين بسبب عقوبات الأمم المتحدة ورفض كوريا الشمالية القوي لنزع السلاح النووي. والجدير بالذكر أن قادة الدول الكبرى المشاركين في قمة "آبيك" في "كيونغ جو" منخرطون في الديناميات الجيوسياسية لشبه الجزيرة الكورية. وفي مواجهة هيكل حرب باردة جديدة تضع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان في مواجهة كوريا الشمالية والصين وروسيا، من المهم أن تقدم كوريا الجنوبية استراتيجية عملية ومتوازنة على هذا المسرح الدبلوماسي.

تعد قمة "آبيك"، التي تعقد في كوريا الجنوبية لأول مرة منذ 20 عاما، اختبارا حاسما لـ "دبلوماسية منظم الإيقاع" التي أعلنها الرئيس "لي جيه ميونغ"، وبالتالي يجب على كوريا الجنوبية أن تستغل قمة "آبيك" هذه كفرصة لإظهار قيادتها لتسهيل تحقيق التقدم في المفاوضات بين الولايات المتحدة والصين ووضع إطار للتعاون بشأن كوريا الشمالية. والسؤال الآن هو: كيف ستعبر كوريا الجنوبية، بصفتها الدولة المضيفة للقمة، عن رسالة السلام ونزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية؟  

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;