تلقيت بمناسبة اقتراب أعياد الميلاد أعاده الله والعالم أجمع في سلام وأمان، دعوة كريمة من منظمة السلام العالمي في كوريا WPF وهي منظمة معنية بشئون السلام العالمي والحوار بين الأديان والحضارات في العالم، لحضور حفل مسرحي موسيقي راقص تقيمه فرقة باسم الملائكة الصغار Little Angles Children’s Folk Ballet of Korea وهي كما يشير اسمها فرقة باليه أطفال للرقص الشعبي الكوري الفولكلوري. رغم الازدحام الشديد في مركز الفنون العالمي في كوريا الذي اكتظ عن بكرة أبيه بالجمهور الذي كان لا يكف ولو لحظات عن التصفيق إلا أن الحفل كان غاية في الروعة والنظام والجميع في حالة ابتهاج وذهول بالقدرات الإبداعية والأداء والعروض المدهشة للفرقة التي تتكون من 64 طفلا ما بين سن السادسة والثاني عشرة. كانت عروضا مذهلة بكل المقاييس من ناحية رقص وموسيقى وغناء وأزياء وديكور ومؤثرات صوتية وضوئية ملونة وقدرة مدهشة على التشكّل والتلوّن وتجسيد لوحات تفوق التصور فوق خشبة المسرح حسب طبيعة الرقصة المقدمة. مثلا يشكّل الأطفال صورة زهرة يانعة متفتحة عطرة فواحة متعددة الألوان أمام ناظريك على المسرح حتى أنك يمكن أن تجزم بأنها زهرة حقيقية طبيعية لولا أنها بحجم يبلغ ألف ضعف حجم الزهرة الطبيعية وهكذا دواليك حتى أنه يخيّل لك وكأنك تشاهد ألعاب كومبيوتر وليس مجرد عرض موسيقي راقص حيّ يجسده أمامك على الطبيعة أطفال من لحم ودم.
قدمت الفرقة 13 لوحة فنية غنائية موسيقية تشكيلية فولكلورية راقصة تشكل حكايات وأحاجي وأحداث وأساطير وقصص قديمة مرتبطة بالتاريخ والتراث والتقاليد الكورية حيث تحكي كل رقصة تشكيلية بتفاصيل مذهلة أصل وتطورات ومدلولات الحكاية حسب ملخص الحكاية الذي يظهر أعلى المسرح بشكل إلكتروني ضوئي أنيق تحت عنوان كل حكاية أو لوحة راقصة من اللوحات ال13 وهي " صوت الفجر" و" وزمن الربيع" و"رقصة المروحة" و" يوم عمل " و"مهرجان الزهور" و" أسطورة شن هيانغ" و" ورقصة الطبل" و"أغنية فولكلورية بآلة كايكوم" و"رقصة الدمية" و"مهرجان القمر" و"رقصة القناع" و" ورقصة الحقل" و"جوقة" .
فرقة الملائكة هي فرقة غنائية فولكلورية راقصة تقدم رقصات وحكايات شعبية تقليدية تراثية قديمة على ضوء أحدث ما توصلت له كوريا من تطور مذهل في تقنية المعلومات والاتصالات وبشكل إلكتروني رقمي مدهش ومؤثرات ضوئية وصوتية مبهرة التطور. تضم الفرقة مجموعة مفرطة التميز من الأطفال الموهوبين ممن اكتسبوا تدريبا وتمارين مكثفة منذ نعومة أظفارهم. تأسست الفرقة عام 1962 بواسطة الملياردير الراحل الأب مون سن ميونغ مؤسس كنيسة التوحيد ومنظمة السلام العالمي لتعكس روح التطور والإبداع والتحول الإيجابي الذي وصلت له كوريا بعد معاناة طويلة من الحرب بين الأشقاء والتمزق والفقر والاضطراب. قدمت سلسلة من العروض الداخلية الناجحة في كوريا ثم كان عام 1973 نقطة تحول وتطور ومنعطف هام عندما قدمت الفرقة أول عروضها في عاصمة الرقص والمسرح والغناء في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية وأدهشت الجمهور والأوساط الفنية ودوائر الإعلام الذي لم يتصور أن فرقة من دولة نامية خارجة من حطام حرب أهلية مدمرة يمكن أن تقدم عروضا بمثل ذلك التطور. وفي عام 2010 قامت الفرقة بمناسبة الذكرى الستين لانتهاء الحرب الكورية بجولة عالمية كبيرة شملت 15 دولة من دول العام التي سبق لها وأن أرسلت قوات وجيش عسكرية شاركت في تلك الحرب للتعبير عما تحمله كوريا من جميل وامتنان لتلك البلدان ولعرض مدى ما وصلت له كوريا الجنوبية من تطور مدهش نتيجة تلك المشاركة المقدرة.
تم إخراج ذلك الحفل بشكل انيق أثار إعجاب كل من أسعدته ظروفه بحضوره. وبمجرد أن أُعلن عن انتهاء العرض وبدأ الجمهور في مغادرة المسرح المهيب وجدوا في انتظارهم أطفال فرقة الملائكة منتشرين في صالة المغادرة في تشكيلات بديعة مثل اسراب الفراش المبثوث والعصافير المحلقة بأجنحة ملائكية خفاف وكباقات الزهور الملونة المتناثرة وبدوا بوجوه الطفولة المشرقة والمشعة بالبراءة والمتهللة بالصفاء والمستبشرة بالإيمان وكأنهم كائنات نورانية وملائكة صغار نزلوا لتوهم من السماء.