الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

2018 : حرب أم سلام :

2018-01-09

سيول بانوراما

2018  :  حرب أم سلام :
كوريا الشمالية ، منذ تأسيسها، وطوال عهد مؤسسها الأول كيم إيل سونغ، ظلت توالي، مع مطلع كل عام جديد، تهديداتها بمواصلة مساعيها نحو ما تسميه تحرير كافة أراضي شبه الجزيرة الكورية تحت سيطرة نظامها الشيوعي الماركسي اللينيني، وما انفكت تقوم بالكثير من المغامرات والتحرشات والمؤامرات من أجل ذلك بمختلف الأشكال والوسائل. وبعد وفاة الزعيم المؤسس وأيلولة الحكم لابنه الأكبر ووريثه في أول ظاهرة من نوعها في حكم جمهوري وشيوعي ، استمر الوريث الماركسي في انتهاج سياسات مشابهة في مجملها وإن كانت أخف تشددا وأكثر قبولا ،بشكل نسبي، للدخول في عمليات حوار وتعاون إيجابي محدود مع الجانب الجنوبي، وهو ما أنتج عددا من مشروعات التعاون المشترك مثل المجمع الصناعي المشترك، والمنتجع السياحي في مرتفعات، وغيرها من المشروعات التي بدأت ناجحة وواعدة، غير أنها تعثرت، خاصة في عهد الحفيد كيم جونغ أون الذي ورث الحكم عن والده الراحل، والذي بدأ عهده بسلسلة من التجارب النووية والاختبارات الصاروخية، والمغامرات الممعنة في الاستفزاز ، والذي دخل مع الرئيس الأمريكي دونالد الوريث في سلسلة مهاترات متبادلة متواصلة وحرب كلامية ساخنة مما أدخل شبه الجزيرة الكورية ومنطقة شمال شرق آسيا في حالة من التوتر حتى أن البعض توقع اندلاع حرب حقيقية في أي وقت.
ومع بدء العد التنازلي للعام المنسلخ 2017 وانبلاج فجر العام الجديد 2018 فاجأ الزعيم الكوري الشمالي الشاب العالم بتصريحين، أثلج أحدهما صدر الجار الجنوبي وأسعده كثيرا، وأغضب الآخر الكاوبوي الأمريكي واستفزه تماما. ظلت كوريا الجنوبية منذ بضعة سنوات منهمكة في الإعداد للأولمبياد الشتوي الي سوف تستضيفه في مطلع فبراير القادم وتخطط لأن تخرجه بشكل غير مسبوق وتجعل منه مناسبة عالمية وحدثا دوليا فريدا، وظلت تدعو وتنادي من أجل مشاركة كوريا الشمالية فيه، حيث أن ذلك سيكون أمرا مفيدا في عدة جوانب أولها إن ذلك قد يفتح نافذة أمل جديدة لاستئناف مسيرة الحوار والتعاون والسير نحو وفاق كوري مشترك بعد توقف دام لسنوات طويلة، والثاني الخوف من قيام كوريا الشمالية بأي تصرف أرعن يفسد ما تتطلع له كوريا الجنوبية من نجاح مدوي لتلك المناسبة، ويهدد أمن وسلامة المنافسات والفرق والرياضيين المشاركين فيها. ومع كل مشاعر التوجس والقلق الذي ساد المسئولين الكوريين الجنوبيين المشرفين على تنظيم الدورة، فاجأهم تصريح الزعيم الكوري الشمالي الشاب الذي وقع بردا وسلاما على صدورهم وأسعد كل المهتمين بنجاح الدورة، عندما تحدث بكلمات طيبة معربا عن تمنياته بقيام مناسبة ناجحة موفقة ومشرفة للجميع مما يعتبر إيحاءً برغبة وعزم كوريا الشمالية على المشاركة وهو ما سيحقق ما كان يتمناه الجانب الكوري الجنوبي على نحو ما أشرنا إليه.
وتزامنا مع ذلك التصريح الإيجابي المفرح جاء التصريح الآخر الموجه للجانب الأمريكي وهو يحمل تهديدات بلغة مباشرة ومستفزة ومفتقرة للدبلوماسية، عندما قال الزعيم الكوري الشمالي الشاب إن بلاده التي صارت قوة نووية مكتملة قادرة على توجيه ضربة نووية للولايات المتحدة الأمريكية وإن الزر النووي اللازم لذلك جاهز وموجود الآن داخل مكتبه وإنه قادر على الضغط عليه لمجرد استشعاره الحاجة لذلك، وهو تصريح خطير ومستفز لأي رئيس أمريكي فما بالك بدونالد ترمب المعروف بمواقفه الانفعالية المتشنجة ضد كوريا الشمالية، والذي سبق وأن هدد بصب جام نيران وجحيم غضبه عليها، وهو ما يزيد من حدة التوتر في المنطقة ويجعل من المواجهة بين الزعيمين الذيّن ظلا يخوضان حربا كلامية على مدى أشهر طويلة أمرا واردا. ورغم أن الرئيس الأمريكي، على غير العادة، لم يرد بعد على هذا التهديد على نحو ما توقع البعض، إلا أنه ليس من المعروف إن كان ذلك بسبب إنه لم يأخذ التهديد مأخذ الجدية أم أن وراء الأكمة ما وراؤها.
تصريحان متزامنان متناقضان كتناقض الزعيم الكوري الشمالي غريب الأطوار يتركان الأمور ، فيما يتعلق بالعام الميلادي الجديد 2018، مفتوحة على كل الاحتمالات، وهل سيكون عام توجه نحو الحوار والوفاق والسلام، أم نحو الحرب والمواجهة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;