الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

بيونغشانغ: الثلوج الدافئة

2018-02-06

سيول بانوراما

بيونغشانغ: الثلوج الدافئة
بيونغشاىغ مدينة كورية جبلية تتحكر وسط المرتفعات الكورية الشاهقة التي تتحول إلى كتل ثلجية جليدية مدهشة الجمال خلال موسم الشتاء من كل عام، وهي أيضا مدينة تراثية تحتوي على آثار بوذية نادرة وبها عدد من أشهر المعابد والمقدسات البوذية التي يؤمها العديد من الحجيج من البوذيين الملتزمين على مدار العام. ومنذ عام 2011 عندما فازت المدينة بشرف استضافة الدورة الأولمبية الشتوية الثالثة والعشرين كثالث مدينة آسيوية تحظى بذلك الشرف العالمي بعد المدينتين اليابانيتين سابورو وناكانو، شرعت بيونغشانغ باهتمام وعمل دؤوب لا يتوقف في الإعداد والتحضير الجاد لإخراج هذا الأولمبياد الشتوي الذي سيبدأ في التاسع من فبراير الجاري كمناسبة تتفوق على جميع المناسبات السابقة التي نظمت جميعها في دول ومدن أمريكية وأوربية متطورة. ظلت اللجنة المنظمة للدورة الأولمبية منهمكة طوال تلك السنوات وعلى مدار الفصول المناخية الأربعة في تجهيز المدينة بكل المنشآت والبنيات التحتية والأساسية التي تساعد على تحقيق الهدف المنشود في جعل بيونغشانغ ليس مجرد مدينة تستضيف هذا العرس الأولمبي الباذخ وإنما لتصبح واحدة من عواصم الرياضات والألعاب والسياحة الشتوية في العالم العريض، وفي هذا الإطار تم تشييد شبكة خطوط سكك حديدية كاملة من القطارات السريعة التي تعرف باسم "الرصاصة" تربط بين العاصمة سيول والمدينة، بتصميم على أن تأتي المناسبة بنفس المستوى الذي أذهلت به كوريا العالم من قبل عندما استضافت أكبر مناسبتين رياضيتين في العالم وهما دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي استضافاتها كوريا عام 1988 وهي تخطو خطواتها التنموية الأولى في طريق التقدم والتطور كأول دولة نامية تفعل ذلك، ومنافسات كأس العالم لكرة القدم التي استضافتها كوريا مناصفة مع اليابان عام 2002 والتي أجمع الكثيرون على إن الجانب الكوري من الاستضافة لم يقلّ عظمة عن اليابان بكل تطورها وصولجانها التقني إن لم تكن كوريا قد تفوقت عليها فعلا.
ورغم كل تلك الترتيبات كان هناك بعض التوجس لدى الجهات المنظمة بسبب وجود عوامل سلبية قد تؤثر أو تقلل من نجاح الدورة، أولها التهديدات والتجارب النووية والصاروخية والاستفزازات التي ظلت تقوم بها كوريا الشمالية مما جعل الكثيرون يتخوفون من عواقب المشاركةـ خاصة وإن بيونغشانغ هي مدينة قريبة من الحدود الكورية المشتركة والمنطقة المنزوعة السلاح مما يجعلها في مرمى النيران الكورية الشمالية، ولم يستبعد الكثيرون قيام بيونغيانغ بتصرف أرعن لإفساد الدورة، غير أن الأنباء الأخيرة نزلت بردا وسلاما على صدور القائمين على تنظيم الدورة عندما تحدث الزعيم الكوري الشمالي بلهجة إيجابية عن الدورة وتمنى نجاحها وأبدى رغبته في المشاركة فيها، وهو ما قاد إلى محادثات مشتركة، بل وحديث عن تنسيق لنزول الفريقين الكوريين الجنوبي والشمالي في موكب موحد خلال الطوابير الاستعراضية في المناسبتين الافتتاحية والختامية وهو ما قد يكون بشارة خير بعودة المساعي المتوقفة من أجل التعاون الكوري المشترك. ومن العوامل السلبية التي سببت بعض القلق تصريح عابر للرئيس الأمريكي ترمب ألمح فيه إلى أن بلاده قد لا تشارك في الدورة خوفا على سلامة لاعبيها ورياضيها بيد أن الأمر لم يكن سوى تغريدة عابرة من تغريدات ترمب المربكة. الأمر الثالث الذي كان مصدر قلق وإزعاج حقا هو قرار اللجنة الأولمبية الدولية بحرمان روسيا من المشاركة بسبب تورطها في فضيحة تتعلق باستعمال منشطات حيث أن عدم مشاركة روسيا التي تعتبر إحدى القوى العالمية الكبرى والجوهرية في الألعاب الشتوية سيكون له تأثير سالب على نجاح الدورة وما يتحقق فيها في العادة من تنافس شرس بين عمالقة الألعاب الجليدية مثل روسيا والولايات المتحدة وكندا، غير أن القرار الروسي الخاص بالقبول بمشاركة الرياضيين الروس بصفتهم الشخصية مثّل حلا مناسبا لتلك المشكلة.
هكذا تكون كل مسببات القلق قد زالت بشكل نسبي أو قلّت على الأقل، وتشير كل التقارير الصادرة إن الدورة موعودة بتحقيق نجاح كبير قد يفوق كل ما تحقق من نجاح في الألعاب الشتوية السابقة من حيث الدول المشاركة والمتوقع أن يبلغ عددها تسعون، كما تأكد كذلك مشاركة مسئولين كبار من رؤساء دول أو حكومات أو ممثلين لهم من 43 دولة حول العالم حتى الآن وهو ما يزيد عن الرقم القياسي السابق في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في ريودي جانيرو في البرازيل عام 2016.
رغم كل تلك الثلوج والعواصف الجليدية والصقيع الشتوي التي ترتاد بيونغشانغ في مثل هذا الوقت من كل عام إلا أن كوريا مصممة أن تساعد حرارة الاستقبال ودفء المشاعر وسخونة التنافس الشريف الذي سيشهده الأولمبياد، في أن يشهد ويشاهد العالم بكل أجوائه ومناخاته المختلفة من القطبية الى الاستوائية مناسبة عالمية منعشة وباقية دوما في الخاطر والوجدان.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;