الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

درة الشهور:

2018-05-15

سيول بانوراما

درة الشهور:
يهل علينا غدًا هلال شهرٍ وهو، كما جاء في الحديث النبوي الشريف، عند الله أفضل الشّهور، وأيّامه ولياليه أفضل الأيّام واللّيالي، حيث النوم فيه عبادة، والسعي فيه مقبول، والدعاء فيه مستجاب، وهو شهر رمضان المعظم، شهر الصيام والقيام، ونسأل الله بنيّات صادقة وقلُوب طاهرة، أن يوفّقنا لصيامه وقيامه تلاوة كتابه، وندعو: أللهم إني لك صمت وبك آمنت وعليك توكلت، وهي دعوات طيبات يبدأ بها كل مسلم على وجه هذه البسيطة صيام الشهر الجليل الذي يحل علينا كل عام ببركاته وخيراته فهو دائما وأبدا شهر الخير والبركة، ودرة الشهور جميعا ، لأنه شهر نزول القرآن ، وشهر التوبة والغفران والعتق من النار. ونحن نقول الحمد لله الذي متعنا بالصحة والعافية، وأتاح لنا فرصة صيام شهر رمضان جديد، يهل علينا، ونعيش دوما في رحابه الكريم، صفاءً روحيا ونقاءً نفسيا ، وتصالحا مع الذات ، وجرداً للحصيلة ومراجعةً للحساب ، بعيدا عن وسوسة الشيطان الخناس.
وصيام شهر رمضان في كوريا ، أمر سهل جدا في الكثير من نواحيه ، ولا يخلو من صعوبة ومشقة في نواحي أخرى . فهو يحل هذه المرة في منتصف شهر مايو الذي يكون فيه الجو معتدلا ومناسبا وامتدادا للربيع ، و فترة الصيام فيه تكون معقولة لا شديدة الطول كما يحدث في الصيف ولا شديدة القصر كما في الشتاء، فالإمساك يبدأ في حوالي الرابعة فجرا، في حين أن الإفطار قد يحل على مشارف الثامنة مساء ، والصيام هنا لا يمثل أي مشكلة مع قليل من اليقين، ولا يسبب أي نوع من المشقة، بل هو أسهل كثيرا مما يحسه الآخرون في مختلف البلاد العربية والإسلامية . السوق الكورية مليء بما لذ وطاب من المشروبات والمأكولات التي تناسب المائدة الرمضانية من عصائر وخضروات وفواكه ومعلبات وحلويات متنوعة . وتكاثرت الآن بشكل ملحوظ المطاعم الإسلامية التي يمتلكها ويديرها مسلمون وتقدم بوفيهات رمضانية يومية متنوعة من الوجبات الحلال واللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية ، كما أن عددا من السفارات الإسلامية الأخرى ،جزاها الله كل خير ، درجت منذ عدة سنوات على تجهيز وإعداد إفطار الصائم أو موائد الرحمن في مسجد سيؤول المركزي طوال الشهر الكريم ، يشرف عليها طهاة متخصصون ، ويؤمها الكثيرين من الصائمين ، وتكون مزدحمة وعامرة خلال عطلة نهاية الأسبوع حيث يقصدها الصائمون من الشباب العامل في المصانع الكورية الصغيرة والمتوسطة المنتشرة في كوريا ، كما أن هناك جاليات ومنظمات اسلامية متنوعة أخرى تنظم في كل رمضان يوم إفطار لكافة المسلمين المقيمين في كوريا.
هكذا نجد أن أمر صيام الشهر الكريم هنا لا يمثل أي نوع من الصعوبة غير أن أوجه الصعوبة موجودة. أكبر أوجه الصعوبة هي افتقاد الشخص لذلك الجو الروحي النوراني الرمضاني الصافي ، ولتلك الصور البديعة التي لا تحس روعتها إلا حين تفتقدها مثل أصوات الآذان الشجية التي تتري من كل فج وصوبٍ عميق لحظة حلول موعد الإفطار ، وأصوات التراتيل القرآنية التي تنبعث من الاتجاهات الأربع ، ومن جميع أجهزة الراديو والتلفزيون في الدقائق القليلة التي تسبق موعد الإفطار ، وذلك الخشوع والسكون الذي يخيم على الشوارع لحظة الإفطار حتى تكاد تسمع دبيب خطوات الصائمين الذين يسرعون الخطى في مختلف الاتجاهات لإدراك موعد الإفطار.
وبعد ساعتين من انتهاء الإفطار يضم مسجد سيؤول المركزي أفواج المصلين لأداءِ صلاة التراويح، ثم التهجد خلال العشر الأواخر ، وعادة ما يكون المسجد خلال عطلة نهاية الأسبوع عامرا بالمصلين في مشهد إسلامي بديع . المشكلة الوحيدة هي أن المسجد يقع في منطقة مليئة بعلب الليل ، وبالبارات والكبريهات والملاهي الليلية ، ولذلك فكثير ما تستقبل الصائم والمصلي مشاهد لا تتسق مع جلال الشهر الكريم ، ولا تتوافق مع المشاعر الرمضانية الخاشعة مثل فتيات الليل والقوادين والسكارى.
ومع ذلك يبقى شهر رمضان هو شهر رمضان ، في كل زمان ومكان . قد تتغير الصور والملامح من مكان لآخر ، لكنه ، في نفس كل مؤمن هو دائما الشهر الذي أنزل فيه القرآن. اللهم لك الشكر والحمد ، ونسألك أن تمتعنا دائما بالصحة والعافية ، وتمنحنا القدرة على صيامه وقيامه ، وأن تعيننا على تسخيره لعمل الخير ، وفعل الصالحات الباقيات . آمين.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;