تناولت عدة مجموعات وقروبات في عدد من وسائل الاتصالات الحديثة من فيسبوك وواتساب من المهتمين والمتابعين للعلاقات الكورية العربية من طلاب ودارسين وعاملين من دول عربية مختلفة في كوريا تناولت مقالا نشرته صحف عربية بقلم الصحفية العربية د. ناهد قرناص والتي قامت بزيارة قصيرة لكوريا وسجلت انطباعها بمدى ما حققت كوريا من تطور وتقدم هائل عبر مقال قصير تحت عنوان " عصير صبار". قالت الصحفية إن أول انطباع سريع لها عن ذلك التطور الهائل بدأ من أول جولة لها في السوق وإحساسها بالعطش حيث توقفت مع مرافقها العربي الذي يعيش في كوريا لبعض الوقت أمام كشك صغير لبيع المرطبات واقترح عليها تناول مشروب منعش لذيذ من الصبّار.
تقول في مقالها إنها استغربت، وربما ظنت أن مرافقها يمازحها في ما قال ، فهو بالتأكيد كعربي مثلها، يعرف إن الصباّر هو نبات مر بطعم الحنظل والعلقم. تقول " ترددت في اخذ الزجاجة المقدمة لي وبدأت أتساءل مع نفسي، معقول ..عصير صبار ؟" ، قبل أن تتوكل على الله وتتناول المشروب ليطفئ عطشها، ..لكنها وجدته "مشروبا حلو المذاق ويعطى انتعاشا واحساسا غريبا بالصفاء عزز في نفسي عنصر الاندهاش الذي لازمني منذ ان وطأت قدماي أرض كوريا الجنوبية، وحرك لديّ مشاعر مختلطة من اعجاب وغيرة خفية" ..عن ذلك الشعب الذي نال استقلاله بعد الكثير من الدول العربية التي ما يزال بعضها يتطلع ويحلم بالوصول ولو لجزء قليل من حجم ذلك التطور. تقول دكتورة ناهد، وهي ما تزال تتجرع باستمتاع ذلك الكوب المثلج المنعش ، إن أفكارها حلقت بها لتصور الكيفية التي حقق بها ذلك العملاق الكوري كل تلك النهضة حتى حلّق نحو الثريا ، بينما ظلت الكثير من البلدان العربية تحت الثرى واخلد بعضها الى أسفل سافلين.
تقول الكاتبة في مقالها القصير : "سألت وفكرت وبصرت كثيرا ..عن الرفاهية التي بناها الشعب الكوري في وطن لا يملك من الموارد الطبيعية مثل ما نملك ..وبالعكس ..طبيعة البلاد صعبة أغلبها جبال وصخور ..لكن الاجابة اتت واضحة ..ثروتهم كانت في العنصر البشري ..فقد رفعوه شعارا للتنمية البشرية وغنوا لأبنائهم (انت المهم والناس جميع ما تهمني ) فالإنسان هو المهم وهو الذي يطوع الطبيعة ويستفيد من خبراتها ..دعوني احدثكم عن البلدة الصغيرة التي اكتب منها هذا المقال. "ديمسونغ" ..بلدة صغيرة تبعد عن العاصمة حوالي ساعتين ..بها مصانع ومعامل الكواشف الطبية التي اتينا للتدريب في معاملها ..يأتي العاملون الساعة السابعة والنصف صباحا ..يدخلون جميعهم (المدير والغفير )..في سفرة طعام ضخمة يأكلون طعام الافطار في مكان العمل ..الثامنة يدخلون الى الورش والمعامل ..يعملون في صمت وهمة تامة دون أي أحاديث ..الساعة الثانية عشرة ..يخرجون الى السفرة مرة اخرى لتناول وجبة ثانية ..ثم معاودة العمل ..والساعة السادسة أيضا يتناولون طعام العشاء ..وفي السابعة يغادرون الى منازلهم.
كوريا الجنوبية اتخذت فكرة تنمية الريف بإعطاء تسهيلات واعفاءات ضريبية لأصحاب المصانع الذين يقيمون مصانعهم في الريف ..والزمتهم بتشغيل ابناء المنطقة ..ومن ثم صار المصنع حياة هؤلاء ..حتى اولادهم يتم توجيه دراستهم ليتم استيعابهم في العمل بالقرب من منطقتهم ..عندما سألت عن قصة التزام المصنع بأكل الموظفين ..قيل لي حتى لا يضيع الوقت في البحث عن الأكل ..وحتى يتأكد المالك انهم يأكلون بصورة جيدة وبالتالي مرض أقل وانتاج أفضل.
وبعد أن استعرضت الدكتورة ناهد صورا من تلك التجربة الكورية القصيرة السريعة كتبت بحسرة عما وصفته بصور محزنة ومحبطة في بعض البلدان العربية لا تليق ولا تتسق بالشعوب العربية وما لها من تراث ورصيد ثقافي وحضاري وتاريخي ضخم ومنها " صورة الانسان الذي بلغ به اليأس و تساوت لديه الأشياء". تقول في ختام مقالها إن رئيسها في العمل قال لها وهو يودعها قبل سفرها لكوريا: (بالتوفيق في الرحلة الي المستقبل ) .. تقول "ضحكت حينها وقد ظننت انه يقصد عدد الساعات التي تسبقنا بها كوريا ..ولكنني الان عرفت مقصده ..هذه بلاد تعيش المستقبل حقا ..ووصلت بها العبقرية ان تعمل من الفسيخ شربات ..ومن الصبّار عصير"
بقي أن نعرف أن عصير الصباّر المنعش الذي دفع الدكتورة ناهد لكتابة ذلك المقال هو مشروب شعبي شائع في كوريا من نبات شوكي مر وجاف ويستعمل في العادة في صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل غير أن الكوريين نجحوا في تحويله إلى مشروب منعش مدهش تمتلئ به أرفف المحلات التجارية المختلفة باسم . ALOE