الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

ما بين الكوريين والعرب:

2018-06-05

سيول بانوراما

ما بين الكوريين والعرب:
تحدثنا في حلقة الأسبوع الماضي حول بعض مظاهر التقارب والتشابه الخارجي بين الإسلام والبوذية من طقوس وممارسات وشعائر ـ ولكن الأمر لا يبدو إنه مقتصر فقط على الشكل والممارسات الدينية والتراثية، وإنما كذلك على الشكل الاجتماعي، إذ أن هناك الكثير من مظاهر التشابه في بعض التقاليد والعادات والطقوس بين المجتمعات الكورية والعربية ، منها ما هو إيجابي ، بل وشديد الإيجابية ، بحيث يمكن إدراجه في خانة أصالة التقاليد ومكارم الأخلاق ، ومنها ما هو ليس كذلك تماما وربما ما هو سلبي موغل في السلبية، فالمجتمعان العربي والكوري هما في حقيقتهما مجتمعان ذكوريان متعصبان لحد كبير بحكم الثقافات والتقاليد القديمة التي كانت شائعة، مثل ما هو الحال في المجتمعات العربية القديمة منذ الجاهلية التي كان يتم فيها وأد المواليد الإناث، ومرورا بعصر الجواري، والتمييز النوعي، أو في المجتمعات الكونفوشية الكورية التي كانت تعتبر النساء نوعا من المتاع والزينة، ومجرد محظيات وفتيات لهو ترفيه.

والطقوس في البلدان العربية وفي شبه الجزيرة الكورية في كثير من الأحيان متشابهة لحد كبير، خاصة في المناسبات الاجتماعية المختلفة من زواج ومآتم، وهناك ممارسات متماثلة تقريبا خاصة خلال الأعياد والمواسم التقليدية، وتحديدا العيدين الكبيرين، الجوسوك وبداية العام القمري في كوريا، والفطر والأضحى في العالم العربي. وللكوريين ، كما للعرب ، تقاليد و مثل وقيم وأخلاقيات سامية متعددة مثل طاعة الوالدين ، فالطريقة التي يتعامل بها الكوري مع والديه هي تجسيد حي للآية القرآنية التي توصي بالوالدين إحسانا ، فهو لا ينهرهما ولا يقول لهما أف مهما كانت الظروف ودائما ما يفرد لهما جناح الذل من الرحمة ويحرص على أن يقول لهما قولا كريما.

ومن التقاليد العربية الكورية المتميزة والمشتركة مسألة التراحم والتكافل الاجتماعي والأسري ، فالكوريون ، مثل العرب ، يحرصون كثيرا على تقاسم السراء والضراء، ويسارعون في تقديم المساعدات المادية لكل من يتعرض لمكروه أو كارثة ، ويتبادلون الدعم المادي في المناسبات المكلفة ماليا مثل الزواج.

والكوريون ، كذلك ، هم ، مثل العرب في المبالغة والتهويل والحرص الشديد على مثل هذه التقاليد ، بحيث كثيرا ما ينقلب الأمر إلى ضده ، ويأتي بنتائج عكسية تماما ، ويصبح بدلا عن مجرد مجاملة أو مشاركة ، ضربا من المضايقة والإزعاج والاستغلال وفرض الذات ،فالكوريون وكذلك العرب ربما يستغلون صلات الرحم والدم والقربى ليطلبوا من أقاربهم ما هو فوق طاقتهم ، ومما قد يكون استغلالا ، مثل أن يتوقع ويطلب الشقيق من شقيقه أو شقيقته مثلا القيام برهن منزله ضمانا لكي ينال الشقيق قرضا مصرفيا لمشروع تجاري غير مضمون قد ينجح وقد يخيب وهي ممارسة منتشرة في كوريا. وقد سمعت وقرأت عن حالات كثيرة وحكايات غريبة في كوريا من هذا النوع. ويذكرني هذا بطرفة قالها لنا أستاذ العلوم السياسية في الجامعة قبل سنوات طويلة وهو يدرسنا عن النظم السياسية والاقتصادية المختلفة في العالم عندما قال وهو يقوم بتعريف بعض المصطلحات. قال يمكن تصنيف النظم السياسية والفكرية السائدة في العالم كما يلي:
إن الرأسمالية هي استغلال الإنسان بواسطة أخيه الإنسان
والشيوعية هي استغلال الإنســـــان بواسطة الحزب
والاشتراكية هي استغلال الإنسان بواسطة الدولــــة
أما الاشتراكية العربية فهي استغلال الإنسان بواسطة أقربائه.

كل أوجه التشابه التي أشرنا إليها سواء بالمنظور الإيجابي أو المفهوم السلبي هي أشياء يأمل لها الكثيرون من الكوريين والعرب أن تترجم إلى تقارب سياسي وتمازج وتبادل ثقافي وتكامل اقتصادي وشراكة تجارية واستثمارية تعود على العرب والكوريين بالمنفعة المشتركة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;