الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

خاصية متفردة للشعر الكوري:

2018-06-19

سيول بانوراما

 خاصية متفردة للشعر الكوري:
لم يكن العالم حتى وقت قريب مضى يعرف شيئا يُذكر عن الشعر الكوري، ذلك بحكم إن اللغة الكورية نفسها كانت مقتصرة على شبه الجزيرة الكورية، كما أن الشعر والأدب الكوري القديم في مجمله كان يكتب بالرموز الصينية وذلك قبل اختراع الأبجدية الكورية ”هانكول" قبل فترة قصيرة في عهد الملك سيجونغ. لكن الشعر في الزمان الكوري القديم كان شيئا متأصلا في نفوس ووجدان المثقفين الكوريين بشكل عفوي وسلس وكان ، في حالات كثيرة ، وسيلة للتخاطب اليومي بين بعض المثقفين والأدباء وهواة الشعر، وكانت العديد من الرسائل والخطابات تتم عبر قصائد شعرية مكتملة أو عبر مقاطع شعرية قصيرة في بعض الأحيان تتكون من 3 أو 4 أبيات من الشعر، إذ كان الواحد منهم يتلقى رسالة من صديق حول أي موضوع أو فكرة أو مناسبة يتم التعبير عنها من خلال مقطع شعري، وكان من الطبيعي أن يكون الرد كذلك شعرا وبنفس القافية وفي كثير من الأحيان في شكل مناظرة أو مجاراة. كان الشعر شديد التأثير في الوجدان الكوري حتى أن الكثير من المشكلات والأزمات والصراعات يتأتى تسويتها عبر مقطع أو مقطعين أو قصيدة من الشعر بل أن بعض القصائد الشعرية نجحت في وضع حد لمشروعات حروب ومواجهات دموية. فعندما قرر الجنرال الصيني وو من مملكة سوي غزو كوريا بعث له الجنرال الكوري أولجيمون دوك بقصيدة شعرية رصينة ومعبرة حثه فيها على صرف النظر عن ذلك الغزو شارحا ما قد تسببه من مآسي وجراح وقد تأثر الجنرال الصيني كثيرا بالقصيدة وقرر فعلا التخلي عن فكرة الغزو. لم تكن القصيدة تعبّر عن أي خوف أو استسلام ولم تكن توسلا أو خضوعا لكنها كانت عبارة عن خطاب جدي وموضوعي إذ جاء في القصيدة :
أنا أعرف أن استراتيجيتك تتحسب لكل شيء
حتى لو كان في السماء
وإن حساباتك الدقيقة تتغلغل حتى داخل الأرض
وأعرف أنك قد كسبت الكثير من المعارك
لكني أعرف كذلك أنك تعرف
متى تغزو ومتى تتوقف عن الغزو
ومتى تهاجم ومتى تنسحب عن المعركة
وأنك تعرف أن هناك معارك تكون قد خسرتها
حتى لو كسبتها
لأنها تكون خسارة للجميع
المنتصر منها مهزوم

ومن القصائد الأخرى التي عبرت عن قوة وجسارة الشعر قصيدتان متبادلتان بين شاعرين وقائدين وشاعران تمكنا كذلك من تخليص مملكتيهما من مواجهة دامية محتملة من خلال تبادل Bang-won و Jeong Mong-ju بعض القصائد والمقاطع الشعرية المؤثرة وهما كتب كتب الأول بعض المقاطع الشعرية منها مقطع يقول:
ما هو الفرق بين هذا وذاك
فعناقيد الأعناب التي تنمو في تلالكم
هي بنفس الحلاوة التي تنمو بها في جبالنا
وحتى لو سالت بيننا الدماء
فلسوف ستحتفظ كل عناقيد العنب عندكم كما عندنا
بنفس مذاقها اللذيذ ونكتها المميزة
ورد عليه الثاني بمقطع لا يقل حلاوة ولا طلاوة جاء فيه
أعرف أنني سوف أموت ولو بعد مائة عام
لكنني حتى لو مت لمئات المرات في كل عام
وحتى لو تحولت عظامي إلى رميم
وتلاشت روحي
سأظل مؤمنا بقدري وبمصيري وبحبي لهذا الأرض المعطاءة
التي يتوجب علينا أن نحافظ عليها جميعا
هنا أو هناك
لأن هذا مثل ذاك
والواقع أن هذه الخاصية وهذا الشكل للشعر كأداة تواصل وتصالح وتقارب دبلوماسي ربما يتكون أشبه بالخاصية المتفردة للشعر الكوري، فهناك عدة قصائد شعرية كورية أخرى أفلحت في إفشال كثير من الألغام ونجحت في نزع فتيل كثير من المعارك وتهدئة العديد من الخواطر وقد نتعرض لها في حلقات قادمة بإذن الله.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;