الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

خاصية متفردة للشعر الكوري (3):

2018-07-03

سيول بانوراما

خاصية متفردة للشعر الكوري (3):
خصصنا الحلقتين الماضيتين للحديث عن خواص وخصائص الشعر الكوري الحديث الذي صار الكثيرون يصفونه بالشعر المتفرد من حيث المعنى والمبنى كما بدأ العالم في التعرف عليه مؤخرا. وكنا قد وعدنا باستعراض بعض النماذج لهذا الشعر ونقتطف في حلقتنا الثالثة والأخيرة نموذجين ، شعري ونثري ، من الإبداعات التي تضمنها ديوان شعر بديع وشفاف باسم "سناء وليد" للأديب الكوري كيم سا إن Kim Sa-in وهو ليس مجرد شاعر مبدع ولا كاتب نثري متفرد ولكنه أيضا أديب شامل بكل ما تعني الكلمة من معاني. القصيدة بعنوان " المادة والواقع " وفيها يقول :
خلال مسيرتي في هذه الحياة
وجدت كل شيء مغطى بطبقة سميكة
سواء أن كان بالنسبة لأفكاري
أو أفكار الآخرين
وجدت أن المادة والواقع
هي في الواقع
أشياء غير منظورة
وأن المفاهيم المتحجرة
هي التي تبقى متناثرة
مثل الزبد.
عندما أبعد ذلك الزبد عن أفكاري
أجد لديّ القدرة على إعادة التفكير في الأشياء
الشيء تلو الآخر
تماما كما تفعل حفيدتي
التي لا يزيد عمرها عن مائة يوم
وتماما كما يفعل الكاهن الذي تجاوز عمره مائة عام
ورغم أنني لا أملك تلك الرؤية الواضحة لحفيدتي و الكاهن
وهما يريان الأشياء
كما هي الأشياء
يريان الجبال جبالا والوديان وديانا
والأنهار أنهارا
يريانها كذلك بكل النقاء
وبكل الشفافية
أما المقطوعة النثرية فهي بعنوان " صور وذكريات " يقول الأديب صاحب الرؤية الشفافة:
" كنت ، أمس أتصفح كتابا مصورا يتضمن لوحات لستة عشر فنانا أوربيا ، وجدت لوحة لرجل ممسكا بأحد ذراعيه بصخرة عظيمة ، ورافعا الذراع الآخر في شكل جناح . كانت الصورة تبدو للوهلة الأولى عادية جدا ،ولكن بعد أن تأملتها قليلا سافرت في رحلة عبر العمر ، حيث عادت بي الذاكرة إلى حيث كنت طفلا في الخامسة. كان الحقل المجاور لمنزلنا زاخرا بالحبوب والسنابل ،وكان الحقل والمنزل خاويين حيث ذهب الجميع لحضور مناسبة في القرية ،عندما انفتحت فجأة طاقة من أعلى السقف ، وقفزت منها دجاجة ،وكان أحد رجليها مربوطا إلى حجر ثقيل. وعندما تلفتت حولي ، وتأكدت أن المكان خاليا تماما ، وبمجهود كبير ، انتزعت الحجر من قدم الدجاجة ، لتنطلق مسرعة لا تلوي على شيء ، حتى تصل إلى مخبأ بعيد تعرفه ، وتختفي داخله لبقية اليوم. وعندما خرجت للفناء عند المغيب ، نظرت نحو حظيرة الدجاج من مبعدة مسافة طويلة ، وشاهدت الدجاجة تتقافز فرحة جزلة . شعرت بالحرية والانطلاق والسمو الروحي البعيد. ما تزال تلد الصورة مرسومة ومنقوشة على شغاف النفس بحروف وضاءة مثل خيوط الشمس ومثل سناء وليد.
والشعر كما النثر الكوري الحديث لمن تتاح له فرصة قراءة متأنية متأملة له هو عالم إبداعي جمالي فسيح لا تحده حدود لكننا نكتفي خلال هذه الحلاقات بمجرد نماذج ومقتطفات نأمل ونتمنى أن تسلط ولو مجرد من إضاءات سريعة وأضواء عابرة على هذه الحديقة الإبداعية الفيحاء.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;