الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

عرس العالم:

2018-07-10

سيول بانوراما


عرس العالم هو ذلك العرس العالمي الرائع والمتفرد الذي يعيشه العالم كل أربع سنوات، وينتظره الكثيرون بفارغ الصبر، وتكاد تكون الساعات التي تجري فيها المباريات المهمة خاصة النهائية منها سواء أن كان ذلك في الدور النهائي أو دور الأربعة أو حتى الثمانية هي من الساعات النادرة التي تكون فيها كل الأنظار في كل بلدان العالم، بغض النظر عن بعد المسافات أو المواقع الجغرافية أو اختلاف ساعات الليل والنهار، موجهة نحو شاشة تلفزيون موحدة،  ومتابعة نفس الحدث ومشاهدة ذات الصورة.

ومنافسات كأس العالم لكرة القدم لم تعد مجرد مناسبة عالمية خاصة بكرة القدم وإنما صارت عالما مختلفا وخاصا بذاته ومناسبة هي المناسبة التجارية الأكبر في العالم حيث تتنافس شركات النقل التلفزيوني في احتكار الأسواق وجني أرباح طائلة واستعراض لمختلف القدرات والإمكانيات وفرصة لتسويق وترويج مختلف السلع والمنتجات فهي المناسبة العالمية التي تتابعها الأسرة بكامل أفرادها وبمختلف أجيالها من أكبر جد وحتى أصغر حفيد.

وكوريا التي فطنت منذ وقت مبكر لأهمية أن تتحول بخطى راسخة من مجرد دولة فقيرة متخلفة خارجة من ركام حرب مدمرة شاركت فيها أكبر جيوش العالم من أمريكية وروسية وصينية وأوربية إلى واحدة من دول العالم السائرة في ركاب التطور والتي يشار له بالبنان ونجحت لحد كبير في تحقيق تطور تنموي هائل في المجال الاقتصادي الصناعي والتقني  والإلكتروني والثقافي والسياسي لم يفت عليها أهمية استغلال ذلك العرس العالمي المتكرر والمناسبة الفريدة التي تجذب اهتمام أعداد لا حصر لها في   العالم لنشر وترويج اسم وسمعة كوريا في العالم من خلال ضم المجال الرياضي الكروي لبقية المجالات التي حققت فيها كوريا تطورا منقطع النظير. وفعلا نجحت كوريا الدولة الفتية الناشئة الخارجة من ركام الحرب في حجز أول مقعد لها في منافسات كأس العالم في سويسرا عام 1954 ثم استمرت المحاولات مرة بعد مرة رغم أن كل الظروف الأمنية والسياسية لم تكن مواتية بسبب المغامرات والتحرشات الكورية الشمالية المستمرة ولكنها لم تيأس أو تفقد الأمل حتى حققت ما ترنو له عام  1986  بالتأهل لنهائيات البطولة في المكسيك  ومنذ ذلك الوقت صارت كوريا الجنوبية ضيفا ثابتا على النهائيات حتى مشاركتها العاشرة في دورة موسكو التي ظلت منعقدة خلال الأيام القليلة الماضية، وهي المشاركة التاسعة لها على التولي، وسِجل عالمي قياسي لم يتحقق إلا لقلة قليلة من الدول الأوربية والأمريكية اللاتينية الكروية الكبرى في العالم من أمثال ألمانيا وإيطاليا وانجلترا والبرازيل والأرجنتين. 

ورغم هذه المشاركات المستمرة في التصفيات النهائية إلا أنها مشاركات ظلت مقصورة في شكلها الإجمالي العام على دور ال16 فقط غير أن كوريا كانت قد أدهشت العالم حقا في الدورة المقامة عام 2002 التي تم تنظيمها للمرة الأولى بشكل مشترك في كل من كوريا واليابان ولم يقتصر ذلك الإدهاش على الشكل المبهر والمتميز الذي نجحت كوريا فيه بتنظيم الجزء المنعقد في الأراضي الكورية بشكل لم يشهد العالم له مثيل، وإنما من خلال النتائج العروض المدهشة التي قدمها الفريق الكوري والنتائج الطيبة حتى أنها وصلت إلى دور الأربعة وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من إحراز البطولة ولم يخرجها إلا العملاق الألماني بشق الأنفس وفي اللحظات الأخيرة بعد أن كانت الفريق الأفضل والأجدر بالفوز حسب شهادة الكثيرين.

 وها هي كوريا ، وبعد 16 عاما من ذلك التاريخ، تعود لتأخذ بثأرها من الفريق الألماني حيث أخرجته من البطولة بشكل مهين بعد أن حلّ في المركز الأخير لمجموعته بعد أن كأن أول الفرق المرشحة لهذه البطولة وجاء الفرق الكوري ثالث المجموعة التي كانت واحدة من أصعب المجموعات وأشرسها تنافسا مع 3 من أقوى الفرق العالمية وهم ألمانيا والمكسيك والسويد.

كان الفوز الساحق المبين الذي ألحقته كوريا الجنوبية بالفريق الألماني بطل العالم السابق بهدفين نظيفين دون مقابل ، هو ذروة الإثارة والحماس الذي ظلت كوريا والكوريون يتابعون به فعاليات كأس العالم لكرة القدم خلال التصفيات النهائية التي ظلت تجري طوال الأسبوعين الأخيرين في موسكو. 

ورغم أن كوريا خرجت من الدور الأولي للمنافسة إلا أنها لم تخرج منها صفر اليدين وإنما خرجت منها خروجا مشرفا كان حديث الجميع في مختلف أنحاء العالم من أدناه إلى أقصاه حيث سعد به الكوريون وفرحوا كثيرا بقهر المارد الألماني، وليس من قبيل التضخيم والمبالغة أن يأمل من قهر المارد الألماني وبطل العالم ل4 مرات  في أن يستمر بذلك السجل الطيب  وأن يحلم بل ويسعى لتحقيق البطولة في المرة أو المرات القادمة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;