الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

أمواج كورية:

2018-07-24

سيول بانوراما

ⓒ KBS News

والأمواج الكورية هي تلك الأمواج الهادرة التي تدفقت مؤخرا على السواحل العربية البعيدة حتى وصلت إلى منطقة الخليج العربي المحافظة وبلاد الرافدين المشغولة منذ سنوات طويلة بجراحها الغائرة، ولم تعد مقتصرة على سواحل البحر الأبيض المتوسط ونهر النيل فقط، وإنما امتدت إلى شواطئ أنهار عربية أخرى دجلة والفرات. 

كنت أتحدث قبل أيام قليلة إلى صديق صحفي عربي كان متواجدا في العراق خلال الأسابيع المنصرمة في مهمة صحفية، وقد كان يتحدث معي عن الجوانب السياسية في مهمته تلك قبل أن يخبرني بأن فعاليات تلك المهمة الصحفية المتعددة قد أتاحت له فرصة رائعة لحضور حفل جماهيري فني موسيقي شبابي أقامه شباب عراقي وعربي هناك تحت اسم " الكيبوب " قدم عروضا ممتعة شاركت فيها فرق كورية موسيقية غنائية راقصة حية وبواسطة تقنية الفيديو  المصورة، رأي فيها ما وصفه بأنه شيء عجيب لم يخطر على باله من قبل. قال أن عشرات الألوف من الشباب العراقي من الجنسين حضروا تلك العروض واستقبلوها استقبالا خرافيا لم يشهد له مثيلا في أي بلاد عربية زارها من قبل. قال إنه كان استقبالا هستيريا  تحول فيه المسرح إلى كتلة ملتهبة من الطرب والحماس والتفاعل والتجاوب والتصفيق المدوي والصراخ  الذي كان يصم الآذان، ذكّره بما كان يشاهد في التلفزيون في فجر شبابه من استقبالات جماهرية حاشدة لملوك الموسيقى وأباطرة الغناء والجاز في العالم من أمثال الفيس برسلي وجيمس براون وفرقة الخنافس البريطانية وملك البوب الأمريكي مايكل جاكسون. 


أثار فيّ ذلك نوعا من الفضول واعتقدت إنه ضرب من ضروب المبالغة التي كنا كثيرا ما نصف بها ذلك الصديق  في أيام الصبا والشباب الماضية وهو ما قادني إلى تقصي الأمر عبر نافذة اليوتيوب  وقد تمكنت بسهولة من مشاهدة العديد من عروض الفرق الكورية في بغداد وعمان ودبي والقاهرة وتبيّن لي  أن ذلك الصديق الصحفي القديم لم يعد ، بعد بلوغه مرحلة النضوج الكامل، ممن يمكن وصفهم بتلك الخصلة التي كنا نمازحه بها في ذلك الزمان، وإن كل ما قاله  لم يكن إلا بعضا من الحقيقة التي شاهدتها ماثلة أمامي لحفلات كيبوب حقيقية استغربت لها بشكل لا يقل عن ذلك الاستغراب الذي أدهش ذلك الصديق.


كان مبعث الاستغراب هو إن أكثر هؤلاء العرب من الخليج إلى المحيط لم تكن كوريا بالنسبة لهم دولة لها أي علاقة مباشرة وحقيقية مع مختلف أنواع الفنون وخاصة فنون الموسيقى والغناء والرقص التي كان يرى أكثر الشباب العرب إنها مقتصرة على أوروبا وأمريكا فقط.             

 فحتى قبيل نحو 20 عاما فقط كان أكثر العرب لا يعرفون عن كوريا الجنوبية سوى أنها دولة تجارية ناجحة وصاعدة تقنيا وصناعيا، ولا يتصورونها  إلا من خلال أجهزة سامسونغ وإل جي أو سيارات كيا وهيونداي، لكن الأمر اختلف الآن وبسرعة مدهشة  حيث صارت  الدراما الكورية علامة مميزة وجاذبة ، وصارت الموجة الكورية تجتذب  موجات شبابية هائلة عربيا وخليجياً بالذات  خاصة بعد ذلك الاجتياح العالمي الواسع لأغنية "غانغام ستايل"، وهو ما جعل الدراما الكورية وأغاني وموسيقى الكيبوب تحظى بمثل ذلك الاهتمام والتفاعل المدهش من الكثير من الشباب العربي في الحفلات التي تحييها فرق كوريا على نحو ما يظهر في العديد  من شرائط فيديو اليوتيوب وآخرها شريط " إنفينت" تلك الفرقة الموسيقى الكورية العالمية التي نظمت جولة تحت اسم " محطة واحدة عظيمة" ووجدت استقبالا مشابها لذلك الذي وصفه صديقي الصحفي، ووصفت قناة " العربية" أحد أكبر القنوات التلفزيونية في العالم العربي عروض تلك الفرقة بأنها أثبتت أن الموسيقى والدراما والرقص ومختلف أصناف الفنون الكورية  في طريقها لأن تتفوق على مستوى المعجبين العرب، حتى على نظيرتها الغربية بسبب أنها صارت تماثلها حداثة وتطورا، وتتفوق عليها أصالة. كان الحفل الختامي في الجولة في دبي بحضور جماهيري واسع تجاوز خمسة آلاف مشاهد معظمهم من الجنس الناعم، وبتغطية إعلامية واسعة ومتنوعة مسموعة ومقروءة ومصورة وتلفزيونية وإلكترونية، وقد أكدت مصادر عليمة إن ذلك النجاح الواسع دفع عدد من محطات التلفزة الخليجية والعربية للبدء في إجراء محادثات بخصوص تعاقدات بخصوص مواد فنية كورية متنوعة ، وقد بدأت بعض محطات التلفزة العربية في بث دراما كورية مدبلجة إلى العربية، ويبدو إن ذلك هو الغيث الذي بدأت تستقبله السواحل العربية والذي ستعقبه أمواج كورية  متدفقة ومتلاحقة حسب الكثير جدا من المؤشرات.                                                                                                         

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;