الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

رحلة الصيف:

2018-07-31

سيول بانوراما

ⓒ Getty Images Bank

على خلاف رحلة الشتاء الطويلة   في كوريا بكل ما فيها من  برد قارس وزمهرير وثلوج وعواصف جليدية في بعض الأحيان   والتي تمتد في العادة من بداية شهر نوفمبر إلى منتصف شهر إبريل ، فإن رحلة الصيف تكون قصيرة جدا  ومقتصرة على شهريّ يوليو وأغسطس ، لكنها عادة ما تكون فترة حر قائظ وشمس قاسية وجو خانق يتدافع فيه الكوريون نحو الشواطئ والسواحل في الأنهار والبحار ويهرب البعض إلى الجبال والمرتفعات بحثا عن نسمة هواء باردة. وقد عاشت كوريا خلال الأيام القليلة الماضية أياما صيفية ساخنة بشكل استثنائي ربما لم تشهده   البلاد خلال الأعوام الأخيرة حيث بدت الشوارع والطرقات والساحات والحدائق وحتى الأسواق شبه خالية من زحامها المعهود إذ وصلت درجة الحرارة  إلى نحو 36 درجة مئوية وهو أمر نادر الحدوث في كوريا. فرغم شدة وقسوة  الصيف في كوريا بذلك الشكل الفظيع ، إلا  أن درجة الحرارة لا تتجاوز حتى في ذروة موسم الصيف 32 أو 33 درجة مئوية وهي معلومة قد تسبب الكثير من الإدهاش لمن يتصادف وجودهم خلال الصيف في كوريا من العرب خاصة. ففي العديد من البلدان العربية التي تصل فيها درجة الحرارة أحيانا إلى 50 درجة مئوية، فإن  درجة  حرارة بنسبة 32 درجة تكون في العادة بالنسبة للكثيرين بمثابة طراوة وربيع وجو بديع في حين أن الشخص يحس بها في كوريا فوق الاحتمال. التبرير بأن السبب يتعلق بشدة الرطوبة ربما لا يكون مقنعا لمثل ذلك الشخص  لأن الكثير من الدول العربية خاصة في منطقة الخليج شديدة الرطوبة ،ولكنك تشعر أن الصيف هناك أرحم  وأقل قسوة مما هو  في كوريا، وذلك لاعتبارات متعلقة بالموقع والتضاريس.

ورغم أن أكثر الناس يتضايقون كثيرا من فصل الصيف ويرونه فصلا مجهدا للأعصاب مسببا للضيق إلا أن منتدى علميا عالميا انعقد مؤخرا جمع الكثير من الخبراء والعلماء والمتخصصين خلص إلى وجود 10 مزايا متنوعة لفصل الصيف على غيره من الفصول على عدة مستويات زراعيا وغذائيا واقتصاديا وترفيهيا وسياحيا وجماليا ورياضيا وفنيا.                                                                      
 والصيف في كوريا على قصره يعتبر موسما لصناعات رائجة ، فرغم انتعاش رواج سوق المثلجات والمشروبات الباردة والآيسكريم   بمختلف أشكالها وأنواعها ، إلا أن الصناعة التي تنتعش وتزدهر وتصل أسواقها إلى مليارات الدولارات في كوريا هي صناعة الأزياء والموضة  ، حيث ترى النساء الكوريات من جميع الأعمار ، منتشرات في الطرق والشوارع وهن يرتدين آخر صيحات الموضة، والأزياء ، وقد جاء في تقرير متخصص أن صناعة الموضة في موسم الصيف في كوريا صارت تشكل نسبة معتبرة من إجمالي الناتج المحلي في كوريا وإن نحو 80% من النساء العاملات في كوريا ينفقن ما يقارب نصف دخولهن على الأزياء وخاصة في موسم الصيف القصير الذي يمثل للنساء الكوريات الميالات بطبعهن للتباهي والتجمّل والتأنق  وجمال المظاهر   ومواكبة اتجاهات الموضة فرصة لاستعراض تفردهن وإبراز مهاراتهن ومواهبهن  في هذا المجال. 

   ويبدو أن الشركات المتخصصة في الموضة والأزياء فطنت لهذا الأمر وصارت تتبارى فيما بينها للسيطرة على هذا السوق بمختلف السبل والوسائل،  ومن بينها إقناع أشهر الممثلات والفنانات لارتداء أزيائها الغالية والنفيسة  مقابل أجور ضخمة وخرافية لتحقق أرباح هائلة في هذه السوق الآخذة في التوسع حيث جاء في التقرير إن فنانة مشهورة وجميلة ارتدت فستانا من تصميم شركة كبرى في سهرة متلفزة مما أتاح للشركة بيع عشرات الألوف من ذلك الفستان في اليوم التالي رغم ارتفاع سعره الفستان الواحد لما يقارب عشرة آلاف دولار. 
 الظاهرة ملفتة للنظر بكل تأكيد ولكن الأمر الأكثر تأكيدا  هو أن فصل الصيف رغم ما يمثله من حرارة ملتهبة ومضايقة إلا أنه صار يمثل كذلك ما يشبه الكارثة والوبال على ميزانيات الكثير من البيوت والأسر خاصة محدودة الدخل مما يجعل الكثيرون من هذه الأسر في حالة انتظار وترقب لمضي هذا الضيف الثقيل ومقدم الشتاء بكل صقيعه وزمهريره حتى تتوارى هذه الظاهرة وراء المعاطف الشتوية الثقيلة.
 والظاهرة بالطبع مقتصرة على الفتيات من الشباب ولكن كما قال  نجم كوميدي مشهور في برنامج تلفزيوني رائج فإن الشباب الذكور هم الأكثر استفادة واستمتاعا بها بشكل يومي متكرر وصار الكثيرون منهم لا يرون سببا للذهاب للبلاجات أو الشواطئ، لأنه كل شارع في مثل هذا الصيف القائظ يتحول إلى بلاج وشواطئ مفتوحة للجميع كما قال.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;