ⓒ Getty Images Bank

يهل على الأمتين العربية والإسلامية اليوم عيد الأضحى المبارك أعاده الله على الجميع في مشارق  الأرض ومغاربها بالسعد واليمن واليسر والبركات، وهو العيد الذي يوافق حسب التقويم الهجري القمري يوم العاشر من ذي الحجة ويأتي مباشرة بعد انتهاء وقفة يوم عرفة  وهو الموقف الذي يقف فيه الحجاج المسلمون لتأدية أهم مناسكالحج لبيت الله الحرام  خامس أركان الإسلام . ويعتبر هذا العيد أيضاً ذكرى لقصةإبراهيم عليه السلامعندما رأى رؤية أمره فيها الله بالتضحية بابنهإسماعيل، وبعد تصديقه وابنه للرؤيا، أمره الله بعدها بذبح أضحية بدلا عن ابنه، لذلك يقوم المسلمون بالتقرب إلى الله في هذا اليوم بالتضحية بأحد الأنعام خروفا، أوبقرة، أوإبل وتوزيع لحمالأضحيةعلى الأقارب والفقراء وأهل بيتهم، ومن هنا جاءت تسمية عيد الأضحى.

وكما للأمة الكورية عيدان تقليديان رئيسيا يتم الاحتفال بهما حسب التقويم القمري، وهما عيد "الجوسك" الذي سيتم الاحتفال به بعد نحو شهر من الآن، وعيد رأس السنة القمرية، فللعرب والمسلمين عيدان رئيسيان هما عيد الأضحى وعيد الفطر ويعتبر الأول هو   أكبر وأبرك الأعياد التي يحتفل بهما المسلمون والعرب كل عام.

ونحن هنا نغتنم هذه المناسبة الروحية العظيمة لنتقدم بالتهنئة القلبية الخاصة لكل المسلمين والعرب في شتى بقاع ورقاع الأرض ونقول لهم كل عام وأنتم بخير وصحة وعافية وسعادة ويشاركهم من على البعد  المسلمون والعرب المقيمون في كوريا ومن سكانها الأصليين تلك الفرحة والابتهاج ، وإذ كانت احتفالاتهم بعيد الأضحى بالذات  تقتصر في أغلب الحالات على مجرد المشاركة النفسية والوجدانية عن بعد، فسوى القلة التي تعمل في السفارات العربية والإسلامية يكون يوم العيد هو يوم عمل عادي روتيني يقتصر على أداء صلاة العيد فقط قبل مواصلة العمل. وربما لا يسمع ولا يعرف الكثيرون من أولئك العمال المهاجرين العاملين في المصانع الطرفية الصغيرة والمتوسطة حتى موعد حلول عيد الأضحى على عكس عيد الفطر المبارك الذي يأتي في أعقاب صيام شهر رمضان المبارك، وتلتقي خلاله أعداد كبيرة من المسلمين يوميا عبر صلاة التراويح في الأمسيات، وأحيانا خلال صلاة التهجد في العشر الأواخر. 

ولعيد الأضحى المبارك تراث أدبي وقصصي وشعبي فلكلوري زاخر من أدب وهناك العديد من الملاحم القصصية والقصائد الشعرية الخالدة التي ارتبطت دوما بعيد الأضحى المبارك الذي يلي وقفة عرفات الحاشدة والتي يقف يها ملايين الحجاج لبيت الله الحرام بأزيائهم البيضاء الناصعة فوق قمة جبل عرفات وهيم يبتهلون بالدعاء والتضرع لرب العالمين، ومن أشهرها قصيدة الشيخ الصوفي العارف بالله عبد الرحيم البرعي وهي قصيدة طويلة نقتطف منها هذه الأبيات التي تسير بها الركبان في كل موسم حج. 

يا راحلين إلى منىً بقيادي      هيجتموُ يوم الرحيلِ فؤادي

حرَّمتمو جفني المنامَ لبُعدكم    يا ساكنين المنحنى والوادي

سرتم وسار دليلكم يا وحشتي   العِيسُ أطربني وصوتُ الحادي

فإذا وصلتم سالمين فبلغوا    مني السلامَ أُهَيْلَ ذاك الوادي

وتذكروا عند الطوافِ متيماً     صبّاً براه الشوقُ والإبعاد

ويلوح لي ما بين زمزمِ والصفا   عند المقامِ سمعت صوت منادي

يَقُولُ لِي يَا نَائِماً جدّ السُّرَى    عَرَفَاتُ تجلو كل قلبٍ صَادِي

من نال من عرفات نظرة ساعةٍ   نال السرور ونال كل مرادِ

يا رب أنت وصلتهم وقطعتني    فبحقهم يا رب حُلّ قيادي

بالله يا زوار قبرِ محمدٍ     من كان منكم رائحاً أو غادي

فليبلغ المختار ألف تحيةٍ    من عاشقٍ متقطع الأكباد

ودمتم ودامت أيامكم أعيادا.