الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

دعارة إلكترونية !!!

2018-11-20

سيول بانوراما

ⓒ Getty Images Bank

العالم الإلكتروني الرقمي المعلوماتي من أقصى غربه في الولايات المتحدة الأمريكية ومرورا بأوروبا وحتى أقاصي السواحل الشرقية في اليابان وكوريا الجنوبية يسير بصورة حثيثة متسارعة نحو تطور مذهل مع مشارف عصر الثورة الصناعية الرابعة وبروز تقنيات الذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء مما يوحي بتحول الواقع العالمي الحقيقي الماثل إلى واقع افتراضي معزز، واقع لا تقتصر قيادته وإدارته على الكائنات البشرية المقتدرة والمؤهلة، وإنما تشارك في تسييره كائنات تقنية رقمية مجهزة إلكترونية، ومسّيرة رقميا، في شكل روبوتات في مختلف المجالات، وبقدرات ميكانيكية آلية خارقة. وكما يتوقع الكثيرون إن يحوّل ذلك التطور المتوقع العالم إلى عالم أفضل وأجمل وأنبل، يتخوف البعض من أن يؤدي ذلك إلى تشكّل عالم مضطرب منفلت وحياة قد لا تعرف الحدود والقوانين.

ومن الأشياء التي يتخوف منها ذلك البعض تلك الأنباء المتواترة من الغرب الأمريكي البعيد حول مؤشرات لصناعات، أو بالأحرى صرعات، تجارية جديدة ذات طابع وطبيعة جنسية خطيرة قد يكون لها تأثير كبير على مستقبل البشرية والقيم الإنسانية بشكل عام حسب تخوفات ذلك البعض. جاء في تلك الأنباء إن بعض الشركات والمؤسسات التجارية الكبرى مثل الشركة الكندية  KinkySdollsو الشركات الأمريكية Realbotix وTrueCompanion  وروبوتها الأول Roxxxy وشركات كثيرة غيرها من الشركات ذات التاريخ العريق في الصناعة الجنسية تخطط وتعد العدة لافتتاح مواخير وعلب ليلية لتأجير وبيع وشراء روبوتات نسائية تكون مجهزة تماما بكل ما يجعل المؤجر أو المشتري قادرا على قضاء وقت طيب من خلال علاقة غرامية كاملة مع الروبوت النسائي مماثلة إن لم تكن أفضل وأكمل من العلاقة مع أي امرأة حقيقية. تقوم الفكرة على استعمال التكنولوجيا المعلوماتية الشديدة التطور والبرمجة الرقمية الدقيقة من سوفتوير وذكاء صناعي لتجهيز روبوتات نسائية بكل المتطلبات والأشكال والمهارات والفنيات من نواحي جمالية وفنية من ورقص وغناء وغنج وقدرات على الحوار والتجاوب وفعل كل ما يمكن أن تفعله بنات الليل وبائعات الهوى في توفير الجو والمناخ المناسبة لعلاقة جنسية كاملة بين الزبون والروبوت.

ويدور في الوقت الراهن نقاش جاد وحوار علمي متخصص بين المؤسسات التربوية والاجتماعية والأشخاص المتخصصين حول كيفية التعامل مع تلك الظاهرة القادمة ومن بينها مؤسسات كورية مثل Korea Institute for sexual and couple Health   خاصة وإن هناك انقسام واضح وكبير بين معارضي مثل هذه الظاهرة التي يرون فيها تدمير للقيم المجتمعية، ومن يرون فيها بعض الإيجابيات أو يعتبرونها حرية شخصية. يرى المعارضون إن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة ليست مجرد متعة أو لذة  وإنما هي من أجل استمرار الحياة البشرية نفسها حسبما ارتأت كل المجتمعات والحضارات والأديان والشرائع على مر التاريخ وإن مثل تلك العلاقات الإلكترونية هي انحطاط لكرامة المرأة واستهتار بالقيم الاجتماعية العليا وإفراغ للعلاقات الجنسية من مفهومها الإنساني وتربية خاطئة خاصة للمراهقين والشباب صغير السن. وفي المقابل هناك من ينظر للأمر من منظور مختلف ويراه كأمر لا بد من وقوعه مع التطور التقني المعلوماتي المستمر مما يحتم ضرورة ترشيد التعامل معه لا محاربته بالقانون، وإن الدعارة والمتاجرة بالجنس أمر موجود وشائع ومنتشر على مر التاريخ، وإن الدعارة الإلكترونية أفضل من نواحي أخلاقية وصحية واجتماعية ونفسية من كل أشكال الدعارة الماثلة على أرض الواقع. كذلك يرى هؤلاء إن العلاقات الجنسية بين الإنسان والروبوت يمكن أن تكون لها إيجابيات في بعض الحالات إذ أنها يمكن أن تمثل بديلا مناسبا لبعض ذوي الاحتياجات الخاصة من معوقين أو منبوذين  أو مصابين بأي شكل من أشكال العجز الجنسي لأسباب نفسية مرتبطة بالخوف والقلق، ويعتقد هؤلاء إن وجود روبوتات جنسية سيقلل كثيرا من وجود بنات ليل وبائعات هوى وعلاقات محرمة بحكم منطق العرض والطلب، وإن الأمر في نهايته سيكون شبيها بالعادة السرية التي لا تسبب أضرار اجتماعية أو صحية مقارنة مع كل أشكال الدعارة السائدة في المجتمعات المختلفة.

كوريا بالطبع ستكون من أكثر الدول المعنية بالأمر، كدولة عضو في النادي الإلكتروني العالمي المتطور، وكدولة شرقية محافظة متمسكة بتقاليدها في نفس الوقت. والقانون الكوري يحظر حاليا استيراد مثل تلك الروبوتات بموجب القانون 234 الذي يحظر أي سلعة تعرّض سلامة المجتمع وقيمه الثابتة للخطر. لكن كوريا تعرف كذلك صعوبة وقف التطور التقني الرقمي المعلوماتي بالقانون إزاء مثل تلك الظاهرة العالمية المحتمل انتشارها بشكل متزايد والتي يتوقع أن يكون لها سوقا عالمية تُقدر بثلاثين مليار دولار في العام 2020. 

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;