الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

بلسان إنجليزي كوري مبين:

2018-11-27

سيول بانوراما

ⓒ Getty Images Bank

كوريا دولة تسير بخطى حثيثة ومتسارعة في طريق التطور والتقدم في كافة المجالات تقريبا من اقتصادية وتقنية وصناعية وتجارية بشكل خاص، وفي كافة المجالات الأخرى من سياسية وثقافية وفنية ورياضية وغيرها، ورغم مساحتها المحدودة وموقعها في أقصى أقاصي الساحل الشرقي من المعمورة، إلا أنها صارت الآن لاعبا دوليا مؤثرا في كافة المجالات التي أشرنا لها. وكوريا الجنوبية دولة تعتمد على العالم الخارجي بشكل كبير إذ أن اقتصادها يقوم بشكل كامل على الصادرات، وبسبب مواردها الطبيعية المحدودة فهي دولة تستورد أغلب احتياجاتها من الموارد الطبيعية من الخارج، وهي دولة حباها الله بجمال طبيعي خلاب وأخاذ خاصة في جزيرة جيجو التي تم اختيارها مؤخرا ضمن عجائب الدنيا العشرة الجديدة، مما يجعل منها مشروع دولة سياحية من الطراز الأول. وهي دولة ذات برامج وتطلعات طموحة في مختلف المجالات وقد نجحت في استضافة عدد من أهم المناسبات الدولية المتنوعة من كأس عالم لكرة القدم ودورات أولمبية صيفية وشتوية ومجموعة عشرين ومنظمة تجارة عالمية وسلسلة قمم ومؤتمرات عالمية وإقليمية مهمة وتولت عدد من أهم المناصب العالمية ومنها السكرتير العام لمنظمة الأمم المتحدة ورئيس البنك الدولي، وصارت دولة منتظمة في مشاركتها المتتالية في منافسات كأس العالم لكرة القدم، وأصبحت أهم دولة آسيوية في المجال الفني والثقافي من موسيقى وسينما ومسلسلات تلفزيونية فيما صار يعرف بالسم الموجة الكورية وكل ذلك مجرد نماذج وغيض من فيض. وكوريا دولة استراتيجية من الناحية السياسية منذ سنوات طويلة حيث ظلت محور اهتمام كل القوى العالمية المختلفة، وتستضيف أحد أكبر القواعد الأمريكية في الخارج، وبها وجود عسكري امريكي ثابت منذ ستين عاما يٌقدر بنحو 30 ألف جندي.

لكل ذلك فقد كان من المفترض أن تهتم كوريا بتطوير أهم وسائل تواصلها مع العالم الخارجي وهي اللغة، واللغة الإنجليزية بالذات التي هي أوسع اللغات العالمية انتشارا بل صارت ما يشبه لغة التخاطب الرئيسية  في مختلف دول العالم. لكن وربما لأسباب تاريخية وموروثات ناتجة عن سلسلة أطماع أجنبية ولدّت لها مخاوف من الاستلاب والهيمنة، وتحفظات وميول للانكفاء والعزلة والعصبية القومية، ظل الكوريون يتفادون تعلم اللغات الأجنبية بما فيها الإنجليزية رغم الوجود الأمريكي الكثيف ورغم وجود محطة تلفزيونية ناطقة بالإنجليزية على مدار اليوم وصحف يومية  ومجلات أسبوعية إنجليزية. ظل الحال هكذا حتى قبيل نحو  عشرين عاما، عندما تبين لكوريا ضرورة الانفتاح اللغوي الواسع على العالم الخارجي والتركيز على تعلم اللغة الإنجليزية بشكل جيد وواسع، إذ أن الأمر لم يعد كماليات أو مجرد رغبات فردية أو اهتمامات شخصية، وإنما أمر جوهري متعلق بالوجود والحفاظ على الكيان الاقتصادي الكوري ومواصلة النجاح والسير في طريق المعجزة الاقتصادية التي حققتها كوريا على نهر الهان، والتطور الإلكتروني التقني المعلوماتي المدهش الذي حققته كوريا في ظروف بالغة السوء من حرب أهلية مرعبة وحرب باردة شديدة السخونة شاركت فيها كافة الدول العظمى في العالم،  واستهداف من قوى محلية وإقليمية وعالمية متعددة. كدولة يعتمد اقتصادها الذي رفعها من مجرد دولة متخلفة محدودة الموارد مهددة أمنية متلقية للمعونات   إلى مارد اقتصادي ضمن أكبر عشرة اقتصادات في العالم ، لحد كبير على العالم الخارجي، وتعتمد كذلك بشكل واسع على ذلك العالم في تأمين حاجتها من الواردات، كان عليها أن تسهل وتيسر وتعزز وتنمي من وسائل تواصلها مع ذلك العالم، من خلال شحذ وتقوية الوسيلة الأهم وهي اللغة الإنجليزية بشكل خاص. كان على كوريا أن تخوض معركة هامة من أجل ذلك، ولم يكن الأمر سهلا، بل بحاجة لاستراتيجية وخطة وعزيمة في المقام الأول، وفعلا تمكنت كوريا من أن تخطو أولى خطوات نجاحها في هذا الشأن، وسنوضح في حلقتنا القادمة كيف كانت تلك البداية الناجحة التي هي بحاجة لمواصلة واستمرار، حتى تضيف كوريا لسلسلة نجاحاتها المتعددة النجاح في مخاطبة العالم بلسان إنجليزي كوري مبين. 

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;