ⓒ KBS

" زيارة السيدة العجوز" هو فيلم سينمائي من بطولة الممثلة أنجريد برجمان، ويعتبر من أجمل وأشهر الأفلام السينمائية التي أنتجتها هوليود، وقد حقق درجة مشاهدة عالية واحتفى به النقاد بشكل كبير عند إنتاجه في سبعينات القرن الماضي. والزيارة التي تجد اهتماما ومتابعة كبيرة من الكثيرين في العالم طوال الأشهر الماضية هي الزيارة المرتقبة والتي يسميها البعض " زيارة الزعيم الشاب" ويطلق عليها البعض الآخر " زيارة الدكتاتور الصغير" ويسميها آخرون " زيارة الولد السمين" حسب التوجهات والمواقف السياسية والرؤية الخاصة بالزيارة، وهي في حقيقة  الأمر الزيارة المتوقعة أو الموعودة للزعيم الكوري الشمالي الشاب كيم جونغون إلى العاصمة الكورية الجنوبية والتي وعد بالقيام بها خلال هذا العام واستعدت القيادة والشعب الكوري الجنوبي لها قبل ان تبدأ الآمال بالتراجع نوعا ما، وأصح البعض يرى إن من غير الممكن أن تتم الزيارة المهمة والمرتقبة عمليا خلال ما تبقى من العام الذي يلفظ أنفاسه، وإن كان الأمل ما يزال ممكن التحقق.

وزيارة القائد الشمالي الشاب إن تمت ستكون هي الأولى من نوعها في التاريخ وتطورا نوعيا وحدثا غير مسبوق وواعد سيكون له بالتأكيد ما بعده، وقد يحدث انفراجا هائلا في العلاقات الكورية المشتركة وفي التاريخ والجغرافية والطبيعة وكل شيء  في  شبه الجزيرة الكورية ومنطقة شمال شرق آسيا بشكل عام. ستكون هذه الزيارة أيضا بمثابة رد على ثلاثة زيارات سابقة قام بها رؤساء كوريون جنوبيون ليبراليون  لكوريا الشمالية وهم على التوالي الراحل كيم دي جونغ الذي   نال عنها جائزة نوبل للسلام   والراحل روه موو هيون والرئيس الحالي مون.

والزيارة المرتقبة وحتى بداية العام الحالي جاءت حيثياتها بشكل مفاجئ وعبر انفراج سريع ومذهل وغير متوقع، وفي أعقاب تدهور شديد في العلاقات الكورية المشتركة واستفزازات وتحرشات   وتهديدات نووية وصاروخية وسلسلة مؤامرات قامت بها كوريا الشمالية، عندما أبدى الرئيس الكوري الشمالي ميلا وتوجها نحو السلام والوفاق وهو ما أسفر عن انعقاد قمة كورية شمالية أمريكية في سنغافورة وتعهدا من الزعيمين عن نية صادقة في تحسين وخلق فرص للسلام والوفاق في المنطقة والعالم، وبجانب تلك القمة تم عقد ثلاثة قمم كورية جنوبية شمالية بين الرئيس مون والزعيم الكوري الشمالي وتلت كل ذلك تطورات إيجابية متسارعة من زيارات ووفود متبادلة والإعراب عن نوايا حسنة، وخطت كوريا الشمالية خطوات عملية في طريق تفكيك برامجها النووية، وبدا للعالم أجمع إن العام 2018 سيكون عام خير وبركة وبداية فعلية لعملية صناع السلام في شيه الجزيرة الكورية بعد حرب مستمرة منذ ما يقارب سبعين عاما. غير أن سفينة السلام لم تستمر في الابحار بنفس الوتيرة والتوقعات والبشائر التي كانت سائدة وبدا وكأن الأوضاع قد تعود لما كانت عليه.

ولكن رغم ذلك التراجع ما يزال الكثيرون متفائلين وساعين من أجل تذليل كل العقبات وتجاوز كافة المطبات وعلى رأس أولئك الرئيس الكوري الجنوبي مون الذي يتوق ويعمل من أجل انعقاد قريب للقمة الرابعة التي تجمعه مع الزعيم شمالي في سيول، وقد كانت القمم الثلاثة التي عقدها مع نظيره الشمالي مختلفة ولم تقتصر على اللقاءات الرسمية والبروتوكولية بل خاطب خلالها حشودا ضخمة من الشعب الكوري الشمالي وتحدث فيها حديثا صادقا نابعا من القلب إلى مئات الألوف من الجماهير التي صفقت وهللت وهتفت  خاصة عندما قال ""دعونا نعيد توحيد أرضنا الجميلة من مرتفعات "بيكدو" إلى جبال "هالا" ونجعل منها بحيرة سلام ووفاق وخالية من أي أسلحة أو مهددات نووية ونسلم الأجيال القادمة دولة متفقة مزدهرة مسالمة فقد عشنا موحدين متفقين على مدى خمسمائة عام وهي وحدة قادرة على دحر انقسام دام لسبعين عاما فقط.

ونجح الرئيس مون من الجانب الآخر في تقريب شقة الموقفين الكوري الجنوبي والأمريكي وقال عقب قمته الأخيرة مع نظيره الأمريكي عبر قمة العشرين إن الرئيس ترمب حملّه رسالة خاصة ليقول للزعيم الكوري الشمالي بأنه يقدره ويحمل نحوه شعورا طيبا على استعداد لمساعدة ومكافأة بلاده في حالة التوصل معها لاتفاق يضمن نزع سلاح شامل ونهائي ومحقق.

 وهكذا يمكن القول إن الكرة الآن في ملعب الزعيم الكوري الشاب الذي إن أحسن استغلال الفرصة سيكون قد قام بمهمة تاريخية ضخمه لصالح بلاده ولكل شبه الجزيرة الكورية ومنطقة شمال شرق آسيا والقارة الآسيوية بأسرها والعالم الذي يبحث عن سلام. كل ذلك قد يكون قابلا للتحقق بعد الزيارة المرتقبة للقائد الشاب الصغير الذي سيصبح، إن تحققت ، خلال هذا العام أو الذي يله، محقق بداية حلم ظل يحلم بها الجميع من صغار وكبار.