الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الأباطرة:

2018-08-14

سيول بانوراما

ⓒ YONHAP News

ظلّ العالم القديم على مرّ أزمان طويلة تحكمه إمبراطوريات وممالك متعددة ومتنوعة ربما يكون أكبرها الإمبراطوريتان الرومانية والفارسية، ولكن هناك من يرى أن العالم ما يزال يُحكم بواسطة إمبراطوريات، وإن كان ذلك بشكل مختلف وليس على المستوى السياسي أو العسكري كما كان، وإنما على المستوى الاقتصادي والتجاري، ومن خلال مجموعة من الشركات الكبرى والعملاقة متعددة الجنسيات والأغراض والمجالات. وكوريا الجنوبية هي من بين الدول التي لعب القطاع الخاص ومجموعات الشركات الكبرى والعملاقة دورا مهما في تنميتها وتطويرها وتحقيق ما عرف باسم المعجزة الاقتصادية على نهر الهان. وظلّ عدد من الشركات الكورية الكبرى وأكبرها وأشهرها سامسونغ وهيونديه وإل جي وإس كي   يلعب أدوارا لا تقتصر على المجال التجاري وحده وإنما في مختلف المجالات الأخرى من سياسية واجتماعية وإعلامية وثقافية مما حدا بالبعض لاعتبارها بمثابة دول داخل الدولة، بل وممالك وإمبراطوريات قائمة بذاتها. ولأن أكثر تلك الشركات العملاقة هي في الأصل شركات أسرية يتوارثها الأبناء عن آبائهم فقد صار يُشار لرؤساء وقياديّ تلك الشركات أحيانا باسم الأباطرة.

ودرجت العادة في كوريا على صدور قائمة مئوية سنوية تحمل أسماء أثرى وأغنى مائة شخصية كورية بواسطة عدد من المؤسسات التجارية والاقتصادية والإعلامية المتخصصة وهم من يطلق عليهم البعض لقب الأباطرة. وحسب آخر قائمة صدرت في نهاية العام 2017  فقد تصدرها وللمرة الثانية " لي كون هي" رئيس شركة سامسونغ للإلكترونيات والبالغ من العمر 75 عاما حيث بلغت ثروته الشخصية، من أموال سائلة في حسابات مصرفية وأسهم وأرصدة وسندات وأنصبة استثمارية مسجلة وممتلكات عقارية متنوعة، أكثر من 13 مليار دولار. وجاء في المركز الثالث ابنه الأكبر " لي جي يونغ" البالغ من العمر 49 عاما والمدير التنفيذي للشركة، بينما احتل " شنغ مونغ كو" الرئيس والمدير التنفيذي لشركة هيونديه للسيارات المركز الرابع، واحتلت مجموعة شركت سامسونغ بجانب مجموعتيّ شركتيّ هيونديه وإس كي المراكز العشرة الأولى في القائمة المئوية التي اقتصرت بشكل شبه كامل ومطلق على رجال أعمال ورؤساء شركات كبيرة ومتوسطة وذويهم ووراثهم.  بلغ حجم الأرصدة المالية والنقدية الشخصية المجتمعة لأفراد تلك القائمة المئوية ما يعادل نحو مائة مليار دولار أي حوالي 2% من مجموع الثروات الشخصية لكل مواطني كوريا الجنوبية التي يبلغ تعداد سكانها ما يزيد عن خمسين مليون نسمة. وتتضمن القائمة المئوية أسماء 26 من مؤسسي وملاك شركات حديثة أي ممن يمكن اعتبارهم بالعصاميين الذين بنوا شركاتهم وطوروها بأنفسهم وبجهودهم الذاتية ولم يرثوها عن آبائهم أو جدودهم كما هو حال بقية ممن شملتهم القائمة المئوية من أفراد الأسر المالكة لمجموعات الشركات الكبرى.

تأسست كل هذه الإمبراطوريات التجارية الاقتصادية الكبرى في كوريا خلال فترة قصيرة جدا قياسا بالمعايير الزمنية العالمية المتعارف عليها إذ أن الأكثرية الساحقة لم تنشأ إلا في حقبتيَ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ومع بداية الألفية الراهنة وشهدت طفرات وتطورا هائلا وكبيرا في السنوات الأخيرة خاصة مجالات صناعة المعلومات والاتصالات والتقنيات الرقمية والنقالة والمتحركة والذكية بجانب صناعات تقليدية أخرى مثل صناعة التشييد والإنشاء وصناعة السيارات والأدوية والبتروكيماويات.

كوريا دولة صغيرة ذات تاريخ طويل وظلت طوال تاريخها عرضة لأطماع خارجية واستعمارية واستراتيجية وحروب متصلة مما جعل منها دولة فقيرة ممزقة محدودة الموارد ولم يكن أمامها سوى الاعتماد على مواردها البشرية من أجل إحداث التطور التنموي اللازم وهو ما نجح فيه هؤلاء الأباطرة الذين تتضمنهم القائمة المئوية. ورغم نجاحهم في تحقيق ثروات شخصية تقدر قيمتها بنحو مائة مليار دولار إلا أنهم نجحو كذلك في تحقيق المعجزة الاقتصادية على نهر الهان وجعل الدولة الصغيرة المتخلفة أما لعدد من الإمبراطوريات الاقتصادية والتجارية والتقنية العالمية التي يشار لها بالبنان ، ومن كوريا الجنوبية لاعبا دوليا مؤثرا في مختلف المجالات.   

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;