الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top
جزيرة جيجو
تشتهر جزيرة «جيجو» بوفرة ثلاثِ أشياء فيها: الصخور، والرياح، والنساء. وقد أصبحت الجزيرة وجهة سياحية شهيرة بفضل ما تتمتع به من مناظر طبيعية خلابة وسهولة وسائل المواصلات المؤدية إليها. ولكن بعدها الشديد عن بقية الأراضي في شبه الجزيرة الكورية جعلها وجهة شهيرة يُنفى فيه السجناء في الماضي. وتتكون معظم الجزيرة من صخور البازالت التي لا تستطيع الاحتفاظ بالماء عند المطر، مما جعلها غير صالحة لزراعة الأرز. ومن المشاهد المعتادة في جيجو الممرات الطويلة ذات الجدران المصنوعة من البازالت الأسود. وهي جدران بنيت بصخور البازالت التي جمعت من أرض الجزيرة بهدف الحفاظ على التربة كيلا تطيرها الرياح القوية التي تهب على الجزيرة باستمرار. وكثيرًا ما تطير الرياح البذور عندما يبدأ موسم الزراعة في الربيع في جيجو، ولذلك يطلق مزارعو الجزيرة خيولَهم وماشيتَهم في الحقول كي يدوسوا الحقول ليثبتوا البذور في التربة. ويغني المزارعون أغنية معينة عند إطلاق الخيول والثيران في الحقول، وهي الأغنية التي تعرف باسم: أغنية دهس أرض الحقل أو «جيجو بات بالبنِن سوري 제주 밭 밟는 소리» أداء «كو تيه-بيونغ 고태평» و«هيون كاب-بونغ 현갑봉»


 يجب على مزارعي جزيرة «جيجو» أن يستخرجوا الكثير من الحجارة المتنوعة من الأرض عند بدء موسم الزراعة، وأيضًا أن يطلقوا الماشية في الحقول كما ذكرنا قبل قليل، وهو ما يجعل الزراعة على أرض جيجو مهمة شاقة للغاية، وهي أكثر صعوبة من الزراعة في بقية أراضي البلاد. هل تذكرون حين ذكرنا في بداية الحلقة أن جيجو تشتهر بوفرة النساء والرياح والصخور كذلك؟ وهذا لأن أعمال الزراعة الصعبة في جيجو كانت تترك للنساء. وسبب كثرة النساء على الجزيرة لا يعود إلى أن النساء ولدن إناثًا أكثر من الذكور، ولكن لأن الرجال كانوا يموتون أسرع من النساء. وذلك لأن الرجال في الجزيرة كانوا يكسبون عيشهم من خلال الصيد على المراكب في أعماق البحار. ولا شك أنها كانت مهنة خطرة، فأعماق البحار مكان خطر، خاصة إن كنت تركب قاربًا خشبيًّا ضعيفًا كما كان الحال في السابق. وكان الكثير منهم يُفقد في البحار، مما جعل النساء الباقيات على الجزيرة يضطررن إلى تحمل مسؤولية الأسرة والبحث عن سبل لكسب العيش. وهكذا، أصبح النساء مسؤولاتٍ عن الزراعة، والأعمال المنزلية، إلى جانب مهنتهن الشهيرة في الغوص أو ما يعرف بالـ«ها-نيو» لصيد المحار الثمين والأخطبوط من الأعماء. كانت النساء في جيجو مشغولاتٍ لدرجة أنهن لم يكن يجدن الوقت الكافي لطهو الطعام، فكن يكتفين بتناول الأرز المخلوط بالماء البارد وصلصة الدوين-جانغ. ورغم أن النسوة أنفسهن لم يكن يتناولن الطعام الساخن، فقد كن يطعمن أزواجهن وأطفالهن وجباتٍ شهيةٍ ساخنة، في صورة من أوضح صور التضحية والإيثار والحب الحقيقي الذي تحمله كل أمٍّ لأسرتها. 

كانت تلك الأغاني التي تُغنى في كل مناسبة وسيلة تجعل الأعمال الشاقة المتواصلة أمرًا محتملًا لنساء جيجو. وآخر أغانينا اليوم هي أغنية «يونغجو شيب كيونغا 영주십경가»، أو: المناظر الطبيعية الجميلة العشر في يونغ-جو. و«يونغ-جو» هو الاسم الذي كان يطلق على جزيرة جيجو في الماضي، وكان الصينيون القدماء يعتقدون في وجود ثلاثة جبال مقدسة: جبل بونغ-نيه 봉래산، وجبل بانغ-جانغ 방장산، وجبل يونغ-جو 영주산. أما الكوريون، فكانوا يقدسون جبال بيك-دو وجي-ري، وهالَّا. وبما أن جبل يونغ-جو كان يشبه بجبل هالَّا في جيجو، فقد أطلق على جيجو اسم «يونغ-جو». وفي عصر جوسون، كُلف أحد النبلاء بالعمل كحاكمٍ لجزيرة جيجو، فكتب قصيدة يصف فيها أجمل عشرة مناظر طبيعية في الجزيرة. ومن ضمن تلك المناظر المذكورة، مشهد شروق الشمس من قمة «إيل تشول بونغ 일출봉» في «صُنغ-سان»، والتكوينات الصخرية العجيبة في طريق «يونغ-شيل» بجبل «هالَّا»، وأشجار اليوسفي الوفيرة في موسم الخريف. ولا شك أنها مناظر كانت تبهر سكان الأراضي الكورية الذين لم يعتادوا أجواء جزيرة جيجو. وقد مرت عدة عقود قبل تلحين تلك القصيدة وتحويلها إلى أغنية ضمن أغاني الطقوس الشامانية في جزيرة جيجو، وهي ما تحول إلى أغنية «يونغجو شيب كيونغا 영주십경가» بأداء «كيم جو-أوك 김주옥».

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;