عاش "جو شيك" في القرن السادس عشر في أوج اشتعال الحياة الفكرية والأدبية التي قادها "لي هوانغ" في ذلك الوقت. وعلى الرغم من دوره الكبير إلا أنه كان يطلب بأن ينادى ب "تشو سا" وهو الشخص الذي لا يشتغل في المناصب الحكومية ويفضل العيش في القرى النائية للتفرغ لطلب العلم. كان "جو شيك" على درجة عالية من العلم والمعرفة تضاهي العالم "لي هوانغ" ، وعلى الرغم من ذلك فقد فضل الابتعاد عن المناصب الحكومية ليكرس حياته لطلب العلم. لكن طريقه للعلم لم يقتصر على الكتب وحدها ، فكان يتأمل ويعيد التفكير في حياته . وكان "جو شيك" العقل المناهض لفساد السلطة.
ولد "جو شيك" في عام 1501 فيما يعرف الآن بمقاطعة جنوب كيونغ سانغ. وفي عمر الخامسة اعتلى والده المركز الأول في القسم الأدبي فالتحق بالعمل الحكومي وكان عليه الانتقال إلى سيول. وهناك أظهر ولعا خاصا بتحصيل العلم. وخاصة ومع بلوغه الخامسة عشرة تولى والده منصبا مهما لتنتقل الأسرة لمدينة "دان تشون" وهناك بدأ في تعلم مختلف العلوم ، ابتداءً من نصوص البوذية وعلم الفلك والجغرافيا والطب والفنون العسكرية ، وكان دائم البحث في الكتب عن الحلول الممكنة لحل مشكلات العامة. وهكذا قضى "جو شيك" أعوامه التالية بين الكتب ينهل المزيد من العلم حتى تم الإعلان عن الدورة الأولى لامتحان "كواكو" الخاص بالالتحاق بالعمل الحكومي ، وبالفعل نجح في كافة الاختبارات . ولكن بحلول عام 1519 تم عزل والده من مهامه واضطر للعودة إلى مسقط رأسه. لكنه بدأ وهو في الـ 25 يعي ضرورة وجوده في القرى النائية لتكريس حياته للعلم والدراسة.
توفي والده بصورة مفاجئة في عام 1526 وانتقل مع عائلته إلى مدينة "كيم هيه" وهناك أنشأ مكتبه ، وعندما أصبح في عمر الـ 48 عاد إلى مسقط رأسه وبدأ في التدريس . كان لديه إيمان عميق بأنه لا فائدة من العلم مادام لم يدخل في حيز التطبيق وكان يؤمن بضرورة تجربة حياة الفقر وضرورة توقير الكبير ، كما حث على تنقية القلب مما يعلق به من أطماع الحياة. وهكذا انتشرت في القرن السادس عشر الأسس التي وضعها "جو شيك" لطالبي العلم. وكانت له مراسلات مهمة أثرت تأثيرا بالغا في نظام السلطة وكيان المملكة. ثم انتقل للعيش أسفل جبل "جيري" ليرحل عن عالمنا في عام 1572، بعد أن ساهم في إدخال نور العلم إلى الكثير من العقول .
وكان طلبته خير خلف له وهم يطبقون تعاليمه ، حيث أحدثوا تطورا هائلاً في النظام السياسي في عصر مملكة تشوسون. وكان من بين طلبته الكثير من القادة الذين شاركوا في الدفاع عن المملكة في أثناء حرب "إيم جين ويه ران" .
ولم يتوقف ذلك العلم الغزير بموته ، لكنه ظل يتدفق من خلال طلابه الأوفياء.